تحدث تقرير في صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، للخبير الجيوسياسي رينو جيرارد، بعنوان “فرنسا لم تعد نموذجاً في أوروبا”، عن الأزمات التي دخلت فيها فرنسا وتبعاتها السيئة على موقعيتها السياسية في أوروبا.
واعتبر جيرارد أنّ “الأوروبيين، بعد أن كانوا يطلقون على فرنسا ذات مرة اسم “فرنسا الجميلة”، باتوا ينظرون إليها اليوم بصفتها الدولة التي لديها أعلى ضرائب في القارة، ولم تعد قادرة على تزويد مواطنيها بالحدّ الأدنى المتوقع من السلامة في الشوارع”.
وأوضح التقرير أنّ فرنسا أصبحت “دولة تُحرق فيها المدارس مع الإفلات من العقاب، ويُهاجَم فيها منزل رئيس بلدية، وتتراكم عليها الديون حتى وصلت إلى ثلاثة آلاف مليار يورو في أربعين عاماً، بينما لم تتعرض لحرب ولا لتسونامي عملاق”.
وأضاف تقرير “لوفيغارو” أنّ “خدمة الدين في فرنسا أصبح أكبر من إنفاقها العسكري، وأصبحت اليوم دولة ترتجف كل يوم من الخوف في مواجهة تجار المخدرات، كما تفعل في مواجهة وكالات التصنيف الأميركية”، وعليه، يصيف جيرارد، “لابد أن مؤسس الجمهورية الخامسة يتقلب في قبره”.
وذكّر جيرارد بأنّه “عندما كان الفرنسيون يسافرون إلى ألمانيا أو هولندا أو سويسرا، كانوا يشعرون بالفخر لأنهم فرنسيون، وكانت فرنسا الدولة الوحيدة في أوروبا التي امتلكت قدرة ردع نووية، ونشرت سياسة خارجية مستقلة، كما كانت حليفة للأميركيين دون أن تكون خاضعة لهم”.
وبيّن أنّ “الانقسام بين اليسار واليمين بنى الحياة السياسية، وعندما مات ديغول وبومبيدو، كانت الدولة بأكملها هي التي أشادت بهما، إذ تمّ احترام سلطة الدولة، وكانت المؤسسات قوية لدرجة أنه عندما أعطى الناخبون السلطة لليسار في عام 1981، تم التناوب دون أدنى صدام، ودون أدنى قدر من الشغب”.
ولكنّ المفارقة، بحسب جيرارد، أنه “بعد أربعين عاماً من الهجرة والتراخي المدرسي، تغير وجه فرنسا، فالدولة مشلولة بسبب السمنة، وقد سمحت لمجتمع موازٍ قادم من شمالي أفريقيا أن يتطور في الضواحي، ولا علاقة له بالقيم الفرنسية التقليدية”، موضحاً أنّ “المخدرات غزت هذه الأحياء، وهي الآن تخضع لقانون التجار”.
ويضيف الجيوبوليتيكي الفرنسي أنّ “الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنّ فرنسا سمحت لنفسها ذات مرة بإعطاء دروس لبلدان أوروبية أخرى، مثل بولندا والمجر، ومع ذلك، فإنّ جيرانها الأوروبيين لا يريدون السباق إلى الحضيض الذي تقترحه عليهم فرنسا، وهم ليسوا مخطئين بالضرورة”.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم