نبيه البرجي
لا يمكن لنظرة أنتوني بلينكن ولويد أوستن، للصين أن تكون مماثلة لنظرة وزيرة الخزانة جانيت يلين التي بدت، في زيارتها الأخيرة لبكين، كما لو أنها في زيارة غرامية للتنين. هنا لغة الأرقام، لا لغة القبضات الحديدية ولا لغة القفازات الحريرية …
الآتية من رئاسة مجلس الاحتياط الفديرالي (البنك المركزي) قالت «الفصل بين الاقتصاد الأميركي والاقتصادي الصيني مستحيل». كل شيء في أميركا يبدأ بالاقتصاد وينتهي بالاقتصاد. جورج سوروس قال «وول ستريت ليست فقط الدماغ المالي للعالم . انها روح العالم». … حتى اللاهوت الأميركي لا يتعلق بالنصوص الالهية، وانما بما تنطق به الشاشات في تلك «الردهة المقدسة»!


التاريخ لم يعرف الا في أوقات محدودة، أن الصينيين مثل الأميركيين، يعشقون الحروب أو يتألقون فيها، بالرغم من أن صن تزو وضع «فن الحرب» منذ نحو 2000 عام . في مقدمة النسخة الانكليزية، كتب الجنرال الأميركي الشهير ديفيد بترايوس «انه من أكثر الكتب في العالم تأثيراً في الاستراتيجية العسكرية، وهو يدرّس في الأكاديميات المتخصصة على امتداد الكرة الأرضية».
من هنا قول جنرال انكليزي، ابان «حرب الأفيون»، «أدمغة الصينيين الضيقة مثل عيونهم وأحذيتهم الضيقة»، وان كان العالم قد توقف بذهول أمام ما اكتشفه المنقبون عام 1974 نحو 8000 تمثال لجنود (مع العربات والخيول)، عهدت اليهم حراسة قبر الأمبراطور تشي سي هوانغ (222 ـ 207 قبل الميلاد)، الذي اذ وحّد الصين، أنشأ جيشاً هائلاً بمعايير تلك الأيام.
يلين بين القلة التي تدعو الى «السوبربراغماتية» في التعامل مع التنين. أي صراع عسكري أو اقتصادي، لن يكون لمصلحة الولايات المتحدة التي مثلما هي بحاجة الى المنتجات الصينية، الصين بحاجة الى الأسواق الأميركية. اقرار بأن الصينيين ماضون في الانتقال من حقبة ما قبل الابداع الى حقبة ما يعد الابداع.
«النيويورك تايمز» اذ لاحظت «كيف يقفز الصينيون»، سألت «هل كانت العقوبات التي فرضها دونالد ترامب على المنتجات الصينية لمصلحة أميركا أم لمصلحة الصين؟
الأدلة لا تحصى على أن العقوبات جعلت الصينيين أكثر «شراسة» في خوض التحدي . في مجال التكنولوجيا الحساسة، الصينيون يتقدمون على الأميركيين بـ 37 نوعاً من أصل 44 . وفي عام 2030، سيضاهي الاقتصاد الصيني الاقتصاد الأميركي بنسبة 87 %، مع تواصل الارتفاع التصاعدي، حتى اذا حلّ منتصف القرن قد تدق ساعة الزلزال. اقتصاد الصين الأول في التاريخ.
استطراداً، لا بد لتايوان أن تلتحق تلقائياً بالدولة ـ الأم . التقارير الاستخبارتية الغربية تشير الى أن انتاج الرقائق الالكترونية في الصين أسرع من الانتاج في أي دولة أخرى. هنا «كعب أخيل» التايواني، بعدما كانت الجزيرة تعتمد على صناعة الرقائق، ان في علاقاتها الدولية أو في تفعيل ديناميكية الدورة الاقتصادية.
القائلون بـ «البراغماتية القصوى» لا يعتقدون أن شي جين بينغ فكّر بالصدام مع الولايات المتحدة، بالرغم من «الكتاب الأبيض» حول الخطط الخاصة بتطوير الترسانة العسكرية، بما في ذلك الترسانة النووية.
هل يمكن لأي رجل في البيت الأبيض أن يقبل عالما برأسين، أحدهما أبيض والآخر أصفر؟ الورقة السنوية للبنتاغون اعتبرت أن الصين هي الدولة الوحيدة المؤهلة لتغيير النظام الدولي الراهن.
يلين ذهبت الى بكين بلهجة أخرى وبرؤية أخرى. هذا ما كان يتوقعه شي جين بينغ، وان كان لا يثق قطعاً بالأميركيين. هو يعتقد أن ما من أمبراطورية تستطيع أن تحل محل أميركا، التي أثّرت بأسلوب الحياة Lifestyle في كل المجتمعات. ولكن أذا كان الفصل بين الاقتصادين الأميركي والصيني مستحيلا، كذلك التكامل بينهما.
الدولار أمام اختبار صعب. دول ناشئة اشترت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الفائت نحو 400 طن من الذهب. واذ يتعدى الاحتياطي الصيني الـ 2000 طن، يبلغ الاحتياطي الروسي من المعدن الاصفر 2200 طن .
ردة فعل قناة «فوكس نيوز» على زيارة يلين لبكين «ايتها السيدة جانيت لا تبيعي جلدنا للتنين» … !
(سيرياهوم نيوز١-الديار)