آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » “ما بدي اسمع لا تقولولي”!!!

“ما بدي اسمع لا تقولولي”!!!

 

| علي عبود

 

بما أن الكثيرين وصفوا حكومة المهندس محمد ناجي عطري (2003 ـ 2010) التي طبقت نهج اقتصاد السوق الليبرالي المتوحش بـ “حكومة حسبي الله ونعم الوكيل”، فإن البعض بدأ يسأل: بماذا نصف حكومة المهندس حسين عرنوس؟

المسألة بمنتهى البساطة، فتسمية حكومة المهندس عطري بـ “حكومة حسبي الله ونعم الوكيل” أتت من كثرة ترديد رئيسها السابق في كل مرة يتلقى فيها إنتقادات يعتبرها متجنّية، ولا يستطيع الرد عليها بالحجة والبرهان: حسبي الله ونعم الوكيل!

واستنادا إلى ردات فعل رئيس الحكومة المهندس عرنوس على الإنتقادات القاسية التي تلقاها في الإجتماع الأخير لمجلس اتحاد نقابات العمال، يمكن وصف الحكومة الحالية بـ “حكومة ما بدي اسمع لا تقولولي”!!

نعم، رئيس الحكومة ردّ على مداخلات العمال التي كشفت عن فجوة كبيرة بين مايعرفه عن الأسعار والواقع الفعلي، قائلا: “ما بدي اسمع لا تقولولي”!

لقد مرّت هذه العبارة “ما بدي اسمع لا تقولولي” التي ذكّرتنا بعبارة سلفه المهندس عطري “حسبي الله ونعم الوكيل” دون أيّ تعليق باستثناء مقالة يتيمة للزميلة ريم ربيع في جريدة البعث.

من الملفت جدا أن لايكون رئيس الحكومة مطلعا على واقع الناس وما تواجهه الأسرة من مصاعب بتأمين احتياجاتها اليومية، ولعله تفاجأ بقول رئيس التنظيم العمالي: الراتب لايكفي ليوم واحد!

ومن الملفت أكثر، بل ومستغرب جدا أن يقوم ممثلو العمال بتصحيح الأرقام لرئيس الحكومة الذي يجب أن يكون على اطلاع بالواقع وما وراء الواقع، فعندما قارن رئيس الحكومة بين الطالب الذي يتخرج من المدرسة بصفر تكاليف، وآخر يدفع أربعة ملايين سنويا ، صحح له أحد ممثلي العمال قائلا: “يا سيادة الرئيس أصبح القسط 10 ملايين للطالب”!

رئيس الحكومة تجاهل تصحيح الرقم فرد: “خليني أنا على 4 ملايين ما بدي اسمع العشرة”!!

والسؤال الذي يجب أن يعرف رئيس الحكومة إجابته، لكنه يرفض سماعه: هل فعلا يتخرج الطالب من المدرسة بصفر تكاليف؟

الآن اكتشفنا تجاهل وزارة التربية للتكاليف الباهظة التي تتحملها الأسرة السورية لقاء تعليم أبنائها في المدارس الحكومية، فاللوازم والقرطاسية “والخرجية” اليومية باتت فوق طاقة ملايين الأسر السورية، لكن وزير التربية مثل كل الوزراء ملتزمون بمقولة رئيسهم: “ما بدي اسمع لا تقولولي”!

والمقارنة بين التعليم الرسمي والخاص غير جائزة أصلا، وحسب الدستور فإن التعليم من الحقوق الأساسية لكل السوريين وليس منّة حكومية، ولا يمكن اعتباره دعما بأي شكل من الأشكال، وكما قلنا سابقا التعليم المجاني ليس حكرا على سورية فهو موجود في أكبر معاقل الدول الرأسمالية!

ولم يقتصر الأمر على أقساط المدارس الخاصة، فقد اكتشفنا أيضا أن رئيس الحكومة غير مطلع على واقع الأسعار، فقد ذكر أن كيلو السكر يباع بـ 7000 ليرة، فقاطعه ممثل للعمال: ثمن الكيلو تجاوز 9500 ليرة في معظم المحال!

وما يؤكدد أن رئيس الحكومة يطبق مقولة “ما بدي اسمع لا تقولولي” رفضه الإستماع إلى ماتضمنته المداخلات حول تسعيرة شراء القمح غير المشجعة، وبأن السعر المجزي كفيل بتأمين تسويق كامل المحصول، فقد تجاهل كل ماقيل له وجها لوجه ورد جازما: “سعر القمح لهذا العام كافي ووافي”!

وهانحن نكتشف بعدما شارفت عمليات التسويق على الإنتهاء أن التسعيرة لم تكن “كافية ولا وافية”، وبأن الحكومة لم تتمكن من شراء نصف احتياجاتها من القمح، وهي أقل من المليون التي تنبّا رئيس الحكومة بتسويقها من المنتجين، وكل ذلك لأنه أصر على القول: “ما بدي اسمع لا تقولولي”!!

كنا دائما نردد خلال السنوات السابقة: هل حقا لايقرأ رئيس الحكومة ماتنشره الصحف السورية على مواقعها الألكترونية؟

وكنا نستغرب الآذان الصماء للوزراء على كل الإنتقادات التي تطال عملهم وقراراتهم في القضايا التي تؤثر على حياة ملايين السوريين، ولولا الردود الإنفعالية على بعض الإنتقادت التي تتضمن معلومات غير صحيحة لصدقنا أنهم لايقرؤون!

نعم، انهم يقرؤون لكنهم في حكومة يمكن وصفها الآن بأنها حكومة “ما بدي اسمع لا تقولولي”!!

الخلاصة: سقى الله زمان حكومة ثمانينات القرن الماضي ، فقد كان رئيسها السابق المهندس عبد الرؤوف الكسم يقرأ الزوايا والمقالات الخاصة في الصحافة باكرا قبل وصوله إلى مكتبه في رئاسة الوزراء، وكان يعقد اجتماعا شهريا مع الصحفيين يناقشهم بآرائهم ومعلوماتهم ويطلعهم على عمل الحكومة وخططها التنفيذية لمعالجة أزمات الناس، وتابع خلفه المهندس محمود الزعبي على نفس المنوال، وكان حريصا على حضور الصحفيين لاجتماعات المجالس العليا، وبعدها انقطعت حبال الود والوصال مع كل الحكومات المتعاقبة إلا في حالات نادرة واستثنائية جدا!

(سيرياهوم نيوز3-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...