وجه استطلاعان للرأي ضربة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب تعديلات قضائية أثارت احتجاجات لم يسبق لها مثيل واستياء الولايات المتحدة، الحليف المقرب لإسرائيل، وتسببت في رفض بعض جنود الاحتياط في الجيش الامتثال لأوامر الاستدعاء.
ووفقا للاستطلاعين اللذين نشرتهما محطتان إخباريتان رئيسيتان في إسرائيل، فإنه إذا خاض نتنياهو انتخابات الآن فسيتراجع عدد مقاعد ائتلافه الحاكم من 64 إلى 52 أو 53 في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.
وذكر استطلاع نشرته قناة إن12 نيوز الإسرائيلية أن المقاعد التي حصل عليها حزب الليكود بزعامة نتنياهو (73 عاما) ستتراجع من 32 إلى 28، وتوقع استطلاع نشرته القناة 13 في وقت متأخر مساء أمس الثلاثاء أن مقاعد الحزب ستتراجع إلى 25.
وأقر الائتلاف، المكون من أحزاب قومية ودينية بعد انتخابات جرت في نوفمبر تشرين الثاني، تشريعا يوم الاثنين سيحد من بعض صلاحيات المحكمة العليا رغم احتجاجات حاشدة في الشوارع واعتراضات شرسة من المعارضة واستنكار الولايات المتحدة.
وذلك هو أول إقرار في البرلمان لمشروع قانون من ضمن خطة تعديلات قضائية تم الإعلان عنها في يناير كانون الثاني وتسببت في خروج احتجاجات غير مسبوقة في الشوارع وأثارت قلقا دوليا على وضع الديمقراطية في إسرائيل. ويعتبر نتنياهو التعديلات ضرورية لتحقيق التوازن بين السلطات.
ويقول معارضو التعديلات القضائية إنها تهدد المبادئ الديمقراطية لإسرائيل واستقلال المحاكم، ربما مع التركيز على قضية فساد يواجهها هو نفسه، وينفي نتنياهو ذلك.
وتأتي الأزمة المحلية في الوقت الذي يتصاعد فيه العنف في الضفة الغربية. وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) اليوم الأربعاء بأن شابا يبلغ من العمر 23 عاما استشهد برصاص القوات الإسرائيلية خلال مواجهات في مدينة نابلس بالضفة الغربية.
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الأمر بعد.
* هل التوافق ممكن؟
مع انخفاض الشيقل بنحو عشرة بالمئة منذ أن أعلنت الحكومة عن خططها في يناير كانون الثاني وتزايد الضغط على نتنياهو، يتطلع خصومه إلى المعسكر الأكثر اعتدالا في الليكود لثنيه عن المضي قدما في المزيد من التشريعات.
وقال المحلل السياسي أموتس عسائيل الباحث في معهد شالوم هرطمان “هناك متشددون سيتبعون نتنياهو بشكل أعمى في أي هاوية. ومع ذلك، هناك كتلة هامة بين ناخبي الليكود لا يشعرون بالرضا عما يحدث الآن”.
ويُنظر على نطاق واسع إلى وزير الدفاع يوآف جالانت ووزير الاقتصاد نير بركات ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يولي إدلشتاين على أنهم من بين أولئك الذين يمكنهم الضغط من أجل اتفاقات مع المعارضة.
وفي الوقت نفسه، لم تقرر المحكمة العليا بعد ما إذا كانت ستستمع إلى الالتماسات المقدمة بالفعل ضد القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ اليوم الأربعاء.
وعبَرت الولايات المتحدة عن أسفها إزاء تصويت الكنيست وحثت على التوصل إلى توافق لكنها لم تقدم أي تلميح إلى أن حكومة نتنياهو قد تواجه عواقب فعلية، مما يكشف حدود نفوذ الرئيس جو بايدن على الزعيم اليميني الذي شغل منصبه لفترة طويلة.
* احتجاجات
انتهى إضراب الأطباء، الذي استمر يوما واحدا، كما تراجعت الاحتجاجات في الشوارع إلى حد كبير بحلول اليوم الأربعاء مع اقتراب الكنيست من عطلة صيفية طويلة اعتبارا من 30 يوليو تموز. ويجتمع المشرعون مجددا في منتصف أكتوبر تشرين الأول، وحدد نتنياهو نوفمبر تشرين الثاني هدفا للتوافق مع أحزاب المعارضة.
وهدد الاتحاد العام للنقابات العمالية في إسرائيل (هستدروت)، الذي حاول التوسط لتحقيق تسوية بين ائتلاف نتنياهو وأحزاب المعارضة، بالإضراب إذا واصلت الحكومة سن مزيد من التشريعات دون اتفاق.
ووسط مخاوف من أن احتمال أن تصرف الأزمة انتباه إسرائيل عن القضايا الأمنية، اعترف الجيش بحدوث زيادة طفيفة في طلبات جنود الاحتياط لتعليق الخدمة وحذر قادة كبار في الجيش من أن ذلك قد يعرض جاهزية إسرائيل لخوض حرب للخطر.
ويقول زعماء الاحتجاج إن أعدادا متزايدة من جنود الاحتياط لن يستجيبوا لطلبات الاستدعاء للخدمة لو مضت الحكومة قدما في خططها.
وقالت مصادر مطلعة لرويترز إن أعداء لإسرائيل عقدوا اجتماعات على مستويات رفيعة للنظر في الاضطرابات وكيف يمكنهم الاستفادة منها.
وتأتي الأزمة في وقت يتصاعد فيه العنف بين إسرائيل والفلسطينيين لا سيما في الضفة الغربية المحتلة كما يتصاعد الخلاف مع حزب الله الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران، العدو اللدود لإسرائيل.
كما أضرت الأزمة بشدة بالاقتصاد، إذ دفعت إلى نزوح مستثمرين أجانب وتراجع قيمة الشيقل وإثارة خطر الإضرابات.
من جهتها قررت المحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء، النظر في التماسات ضد قانون “الحد من المعقولية” الذي يحد من صلاحياتها في سبتمبر/ أيلول المقبل .
لكنها امتنعت في الوقت نفسه عن إصدار قرار بتجميد القانون الذي اعتمده الكنيست الإسرائيلي يوم الإثنين، ويحد من صلاحياتها بالنظر في قرارات تتخذها الحكومة وفق صيفة “هآرتس” الإسرائيلية.
وكانت عدة مؤسسات بما فيها “الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل” (خاصة) وأحزاب إسرائيلية قدمت التماسات ضد القانون الذي أثار موجة غضب في صفوف المعارضة الإسرائيلية.
وقالت صحيفة “هآرتس”: “امتنعت المحكمة الإسرائيلية العليا (أعلى سلطة قضائية بالبلاد) عن تجميد القانون الجديد الذي يلغي معيار المعقولية، وحددت موعدا في سبتمبر القادم للاستماع إلى الالتماسات ضد القانون المثير للجدل”.
ولفتت الصحيفة، إلى أن “أساس الاستئنافات هو الحجة القائلة بأن تعديل القانون الأساسي للقضاء يقوض السلطة الأساسية للنظام القضائي ويؤثر بشدة على جوهر إسرائيل كدولة ديمقراطية”.
و”الحد من المعقولية” هو واحد من 8 مشاريع قوانين ما زالت غالبيتها تبحث في الكنيست ومن شأنها الحد من صلاحيات المحكمة العليا بالنظر في قوانين وقرارات السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وتشهد إسرائيل، منذ بداية العام الجاري، موجة احتجاجات على تشريعات تدفع بها الحكومة لتعديل القضاء، إذ تعتبرها المعارضة “انقلابا على الديمقراطية” كونها تحد من سلطات المحكمة العليا وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم