الرئيسية » كتاب وآراء » التغريبة السورية….. (2)..

التغريبة السورية….. (2)..

 

باسل علي الخطيب

 

وقد كنا نظن الحزن عارضاً، كيف تراه صار أحد ملامح شخصيتنا؟…

أسأل حقاً، هل يمكن أن يكون الحزن إرثاً قومياً؟…

 

ترى أين كانت زلة القدم الاولى؟…

في كربلاء؟….

هل يعقل أن لعنة يوم الطف مازالت حتى اليوم تلاحقنا؟….

و قد قالت أغلبية الامة لسبط هذه الأمة: أن أذهب انت وربك فحاربا….

 

أترى زلة القدم تلك كانت ونحن نراقب بيلاطس يغسل يديه ويقول أنا بريء من دم ذاك الناصري؟…

هل حكمت علينا هذه الجغرافيا منذ ذاك الوقت أن نسير أبداً في طريق الجلجلة؟…

 

أم أنها أقدم؟….

وقد نسينا أو تناسينا أن رأس يوحنا المعمدان قد جزه هيرودوس لأجل تلك النار من على جسد سالومي؟…

 

أيعقل أن ذاك الحزن يمتد إلى ذاك الكنعاني وهو يترنم بأغنية ( الدلعونا )؟ يترنم بها ويستغيث السماء…

على فكرة هذا هو معناها، ولكن الذاكرة الشعبية لاحقاً أبت أن تحتفظ بمعناها الحقيقي، وحورت المعنى إلى الدلع، وكأن تلك الذاكرة تريد أن تطمس بعض تاريخها، حتى تجد مساحة للفرح….

 

أيعقل أن ذلة القدم تلك تعود ألى تلك اللحظة، وقد قال الإله: أن اسجدوا لأدم، فأبينا وتكبرنا؟….

 

هل تعرفون أننا أكثر وأبرع شعوب الأرض اختراعاً ( للنكت)؟….

على فكرة، ليس هناك من براعة تفوق براعة التعبير عن القهر بالسخرية….

 

ترى متى سينتهي هذا المسلسل الذي نعيشه؟….

وكيف؟…

اتكون نهايته على شكل نهاية مسلسل (ضيعة ضايعة)….

ام على شكل نهاية مسلسل ( الخربة )؟؟….

 

يطالعني الفيس احياناً ببعض الذكريات، وبعضها كان محاضرات قدمتها هنا وهناك في السنوات السابقة…

أعرف يقيناً أنني لم أكتب يوماً كلمة لم أكن مقتنعاً بها….

ولكن لماذا تراني أرغب أن أجمع كل تلك المحاضرات، والقي بها في سلة المهملات؟….

 

قبل أيام حصل تفجير ارهابي في منطقة السيدة زينب في دمشق، وقد ارتقى بضعة شهداء، مر الخبر وكأنه حصل في بلاد بعيدة، أيعقل أننا تعودنا المصائب حتى صارت برنامج حياتنا اليومي؟ وماعاد يهمنا أي شيء…..

 

هانحن على مفترق طريق خطير، ومرة أخرى علينا أن نكون والد ووالدة الصبي….

نحن فقط….

هل هذا قدرنا؟ أن ندفع نحن – ونحن فقط – ضريبة العقل؟….

هناك محاولات حثيثة الإعادة انتاج الفوضى، وهذه المرة بايدي من حاربها سابقاً…

ذات تصريح كارثي قالت أحد المستشارات أن الشعب قد صمد لأنه لم يكن عنده من خيار إلا الصمود، حسناً وانت في قصرك العاجي لايحق لك التقييم…

خذي علماً، أنت وبقية المستشارات والمستشارين، ذاك الصمود كان صمود الاختيار، كان صمود القرار…..

تسألون عن الآن؟…

يبدو أننا ومنذ فترة قد ولجنا مرحلة الصمود القسري، كيف لا وكل ذاك البحر الهائج من خلفنا، وأمامنا كل أولئك الاعداء، وليس عندنا من خيار آخر….

 

تقولون أنه على هذه الأرض ما يستحق الحياة، حسناً أيها السادة، هذا الكلام غير دقيق، على هذه الأرض ما يستحق الموت….

على فكرة لاتصدقوا ابداً أن طارق بن زياد قد أحرق كل سفنه، هو فقط أخفاها خلف تلك الصخرة التي سميت لاحقاً باسمه…..

هل تصدقون أنه هو من خطب تلك الخطبة العصماء وقال فيها ” العدو من أمامكم والبحر من خلفكم، فأين المفر”…..؟….

طارق بن زياد أمازيغي، وبالكاد كان يتقن اللغة العربية، هناك من اخترع كل القصة والخطبة حتى تكتمل عناصر الحكاية والأسطورة….

 

هانحن والأعداء من أمامنا والبحر من خلفنا فماذا نحن فاعلون؟…..

هذا سؤال سنجيب عليه في الجزء القادم من هذه السلسلة….

(سيرياهوم نيوز ١-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يعلن ترامب الحرب على الصين؟

نور ملحم في وقت يستعد فيه الجيش الأمريكي لحرب محتملة ضد الصين، ويجري تدريبات متعددة لمواجهة ما سُمي بـ«حرب القوى العظمى»، بدأت بكين في بناء ...