باسل علي الخطيب
حقاً، نسأل جميعنا السؤال التالي: مالذي حصل؟….
على مدى أشهر وماسمي الانفتاح العربي يتسارع بشكل مضطرد نحو سوريا، حتى وصل ذروته في مؤتمر القمة العربية في جدة، وذاك الاستقبال والحفاوة المميزين….
ذاك الانفتاح الذي ترافق دوماً مع وعود كثيرة بشرت بانفراجات كبيرة على المستوى الاقتصادي، ولفرط تسارع ذاك الانفتاح وضخامة تلك الوعود، خرج علينا الكثير من مسؤولينا في مواقع مختلفة بتصريحات مبشرة بتحسن الأوضاع……
فجأة ومن دون مقدمات، بدأ انهيار متسارع للعملة الوطنية بعد القمة العربية باسبوعين، انهيار لم تشهد له البلاد مثيلاً حتى في أسوأ ايام الحرب والحصار والعقوبات، هذا الانهيار كان له تأثير ضاغط جداً على الوضع المعيشي، وهو ينذر بانهيار كامل على مختلف المستويات…..
أنا لست بصدد الحديث عن الأسباب الداخلية لهذا الأنهيار، هذه سبق وكتبت عنها وسنكتب، اسأل حقاً وقد ضخت السعودية والإمارات مليارات الدولارات لإنقاذ الاقتصادين التركي والمصري، لماذا لم يفعلوا ذات الشيء مع سوريا، ووضعنا اصعب من اولئك؟!!….
عندما كان يجري الحديث عن الانفتاح العربي وعن الانفراجات الموعودة، كنت حذراً جداً في التعاطي مع الموضوع، ولم اكتب اي مقال عنه، لست ساذجاً ولاتأخذني الضجة الإعلامية أو المعلومات التي تطفو على السطح، قولاً واحداً أن هذا الانفتاح حصل دون أذن امريكي، هذه الدول مع مصر تدور في فلك أمريكيا، ووجودها كأنظمة وجغرافيا مع استقرارها السياسي والاقتصادي والامني، كل هذا متعلق بالرضى الأمريكي عنها، ومقدار تحقيقها للأجندات الأمريكية، وهامش الحركة الذي تعطيه لهم امريكا مهما اتسع يبقى ضمن إطار مضبوط إيقاعه على وقع الأجندة الأمريكية، بل إن اتساع هامش الحركة لهذه الدول أحياناً، يكون ذو غاية أنه وسيلة أفضل لتنفيذ خطط الولايات المتحدة…
ودعكم من ذاك الحديث عن أن ولي العهد السعودي يقود ثورة ما، وأنه ذاك الزعيم الملهم صاحب الرؤية، ولكن هذا حديث لمقال آخر، سبق وكتبنا عنه، وسنكتب ونفصل مرة أخرى….
بناءً على ماقلناه اعلاه، دعونا نصيغ السؤال السابق بطريقة اخرى، ماذا تريد الولايات المتحدة من سوريا و رفضته القيادة السورية، حتى أدى ذلك إلى فرملة الانفتاح، وعدم الايفاء بوعود المساعدات، بل وفرملة الانسحاب التركي من الشمال السوري؟….
قولاً واحداً المطالب ليس بها علاقة بالوجود الإيراني في سوريا أو الوجود الروسي، هذه أمور تكتيكية ولاتحتاج صفقة بهذا الحجم، وهذه أمور سبق بحثها ورفضتها سوريا، هل الأمر له علاقة بالسلطة الحالية في سوريا؟ هذا أمر أعتقد أنه صار وراءنا منذ فترة، هل يعقل أن الولايات أصرت على أن تكون مايسمى المعارضة السورية جزءً من الحكم في سوريا؟ وهل تكترث الولايات المتحدة لذلك؟ هل الأمر له علاقة باللاجئين؟ ومرة اخرى، هل تكترث الولايات المتحدة؟؟…
حقاً مالذي تريده امريكا من سوريا؟!!…
ماهو الشيء الذي يحقق أهداف هذه الحرب على سوريا دفعة واحدة، ولاتجبر أمريكا أن تخوضها مرة أخرى؟ ماهو الشيء الذي يخرج سوريا من التاريخ ومن الجغرافيا؟ ماهو الشيء الذي يقضي على دور سوريا إلى الأبد؟ ماهو الشيء الذي يضمن بقاء الكيان الصهيوني؟ ماهو الشيء الذي يضمن يهودية الكيان؟ ماهو الشيء الذي يمكن أن تقايض عليه امريكا رفع العقوبات، وتدفق المساعدات بلا حدود، وكل أشكال الانفتاح السياسي؟….
أسئلة كثيرة لديها جواب واحد فقط، ستكشف عنه في الجزء القادم من هذه السلسلة…..
(سيرياهوم نيوز ٤-خاص)