آخذًا بعين الاعتبار التهديد الإستراتيجيّ الذي يُشكِّله (حزب الله) اللبنانيّ، وأنّ المُواجهة معه باتت قاب قوسيْن أوْ أقّل، كشف جيش الاحتلال النقاب عن أنّ لواء المظليين أجرى تدريباتٍ عسكريّةٍ في قرية قبرصية شبيهة بالتضاريس اللبنانية من الداخل، في محاكاة لكيفية التعامل مع مقاتلي حزب الله، وإخراجهم من أماكنهم، في أيّ مواجهة بين الطرفين قد تندِلع بينهما في المُستقبل القريب.
وكشف المُراسِل العسكريّ أمير بوحبوط، من موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ المزيد من التفاصيل، جاء فيها أنّ “مقاتلي لواء المظليين ساروا من منطقة الساحل القبرصي في مقاطعة بافوس باتجاه منطقة غابات سوجي، وهي قرية صغيرة على ارتفاع 300 متر فوق مستوى سطح البحر، محاطة بالمزارع والبساتين والجبال والغابات الطبيعية والمنحدرات، وتحولت قبل بضعة أشهر إلى موقع قتال محاكاة للجيش الإسرائيلي، وتركزت تدريباتهم الأخيرة على كيفية إخراج مقاتلي حزب الله من أنفاقهم، والدخول في معارك وجها لوجه”، وفق ما نقله عن كبار المسؤولين في جيش الاحتلال الإسرائيليّ.
وأضاف بوحبوط، اعتمادًا على المصادر عينها، أنّ “التدريبات ارتكزت على تحليل المعلومات الاستخباراتية المتوفرة بيد جيش الاحتلال، وتركزت على أنّ مقاتلي الحزب سيبتعدون عن القوة الناريّة الإسرائيلية: جوًا وبرًا، ويفضلون العمل من مسافة بعيدة جدًا، باستخدام نيران بعيدة المدى، وصواريخ، وقناصة، ويرغبون في تجنب المعارك قصيرة المدى، ولكن يبقى السؤال المحير للجيش متعلقًا بأماكن وجود راجمات الصواريخ ومستودعات السلاح ومخابئ عناصر الحزب، لأنّه حتى اللحظة ليس ممكنًا معرفة نوعية المعلومات الاستخباراتية المتوفرة، هل هي دقيقة أم تضليلية”.
علاوة على ما جاء أعلاه، أشار المراسل العسكريّ إلى أنّ “التدريبات تركّزت على تسلق الجنود في مناطق شديد الانحدار والطلب منهم التنسيق مع المروحيات التي ستنقلهم من ساحة المعركة لتلقي العلاج الطبي في الداخل، أوْ إجراء عملية جراحية في الميدان، رغم أنّ تغيير المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لدى جيش الاحتلال قد تتسبب في تغيير خطط الهجوم كلّ بضع ساعات، لا سيما التركيز الكبير على المباني التي يتخفى فيها كبار مسؤولي الحزب، من خلال حيازة الجنود لمعدات الرؤية الليلية”، على حدّ تعبير المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة، والتي وُصِفَت بأنّها واسعة الاطلاع.
ووفقًا للمصادر ذاتها، تشابهت التدريبات في قبرص كثيرًا مع معاقل حزب الله في القرى اللبنانية، حيث الصخور، والغطاء النباتي الكثيف، والحرارة الرهيبة، والرطوبة العالية، ما يجعل الجهد البدني أكثر تعقيدًا ومشقة، لأنّ السير في الغابة، ودخول الأدغال، ثم المناطق المبنية، فضلاً عن تدريب القوات على القتال الليلي، تهيئ الجنود لمواجهة أكثر صعوبة على أرض الواقع داخل الحدود اللبنانية، وتستهدف أولاً تحديد مواقع إطلاق صواريخ الحزب، وثانيًا النشطاء وثالثًا مراكز القيادة والسيطرة، وهناك شكوك كبيرة في تحققها.
وشدّدّت المصادر، وفق ما نقل عنها الموقع، على أنّ التدريبات الإسرائيليّة تأتي التزامًا بتوصيات عقب انتكاسة حرب لبنان الثانية 2006، والتي طالبت الجيش بإجراء مزيد من العمليات البرية في عمق الأراضي اللبنانية، لإحداث تشويش على البنية العملياتية للتخطيط العسكري الذي ينفذه الحزب، واحتلال أراضيه، إنْ استطاع ذلك، رغم أنّ التغذية الراجعة من حروب غزة الأخيرة، وهي أقل خطورة ممّا قد يواجهه الاحتلال في لبنان، أثبتت أنّ الأخير لا يتحمس كثيرًا للمواجهات البرية، لأنّه يخشى فقدان العشرات من جنوده بين قتيل وجريح وأسير، طبقًا لأقوال المصادر بتل أبيب.
وأشار الموقع العبريّ أيضًا إلى أنّ أحد الأمور الهامة التي قللت من شأنها القيادة العسكرية الإسرائيلية، هي أنّ حزب الله يمتلك القلة القليلة من صواريخ (الكورنيت)، ولكنهم تفاجأوا بامتلاكها بشكل كبير لدى الحزب اللبناني، وأنّ 27 من قتلى الجنود الإسرائيليين، قُتلوا بصواريخ (الكورنيت)، فيما عُرف بعملية مجزرة دبابات الميركافا.
وأوضح الموقع العبريّ أيضًا أنّ الأمر الأكثر خسارة، هو إلقاء 23 طن من المتفجرات على مخبأ في منطقة برج البراجنة يُعتقد بأنّ حسن نصر الله زعيم حزب الله موجود فيه.
وبيّن الموقع أنّ أكثر المعلومات الاستخبارية والتي كانت غائبة تمامًا عن القيادة العسكرية الإسرائيلية، هي أنّ حزب الله يمتلك صواريخ ضد السفن الحربية الإسرائيلية، ففي 14 يوليو من مساء السبت، أعلن حسن نصر الله عبر محطة التلفزيون (المنار) أنّ سفينة حربية تابعة للبحرية الإسرائيلية تحترق قبالة سواحل بيروت.
في بداية الأمر، نفى الجيش الإسرائيلي التفاصيل، لكنّه اعترف بعد ساعات قليلة بأنّ صاروخاً أطلق من الساحل في لبنان وأصاب المدمرة الإسرائيلية قبالة سواحل بيروت وفقدان 4 من طاقمها، تم تحديد مقتلهم لاحقاً. ولم يكن يعلم الجيش الإسرائيلي بأنّ حزب الله يمتلك صواريخ ضد السفن مثل صواريخ سي 802.
ومن ضمن المعلومات الاستخبارية التي غابت عن الجيش، هي تجهيز حزب الله للمناطق التي انسحب الجيش الإسرائيلي منها عام 2000، كساحة معركة مستقبلية قادمة، وهو ما ظهر في معركة بنت جبيل وما لحق الجيش من خسائر، بسبب عدم تحديثه لخرائط الأهداف.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم