تسونامي ارتفاع أسعار جديد بدأت تتلاطم أمواجه وتشتد تباعاً مقتلعةً في طريقها كل المواد الاستهلاكية ومبتعدةً بها أكثر فأكثر عن متناول الفقراء.
إن أقوى أسباب هذا(التسونامي) الذي أخذت مفاعليه تتفاقم تباعاً تمثل برفع قيمة المازوت الصناعي توازياً مع ما تبعه من معاودة انفلات سعر الصرف، فإذا نظرت للمواد الغذائية والمنظفات والألبسة وغيرها تجد أن لهيب أسعارها استعر مؤخراً بنسب زادت بأكثر من عشرين بالمئة وهي مرشحة لمزيد من الاشتعال.. حتى المواد المستوردة التي لا علاقة لها بالمازوت الصناعي لم تسلم من جنون الأسعار مدفوعة بجشع بعض التجار، ناهيك عن أجور نقل الركاب والشحن التي زادت بأكثر من تلك النسبة بمسوغ أن الآليات تشتري الوقود من السوق السوداء بأسعار مضاعفة لعدم كفاية مخصصاتها المدعومة، حتى إن حالة من عدم الاستقرار أربكت الأسواق من جديد في ظل انخفاض سعر صرف الليرة والمخاوف من تفاقمه.
ما يثير حفيظة البشر ويستفزهم التصريحات غير المنطقية لبعض المعنيين كلما انفلت سعر إحدى المواد الغذائية واستعصى عليهم ضبطه، حيث تجد أحدهم يطالعك بمقولة “لايزال سعرها أقل من دول الجوار” متناسياً أو متغافلاً عن أن هذه المقارنة منقوصة إذ ما لازمتها المقارنة مع الدخل، حيث إنه في الدول المجاورة أكثر من عشرين ضعفاً عما هو عندنا، كما يميتك غيظاً عندما يقول آخر إن رفع سعر المازوت الصناعي لن يؤثر على المواطن وكأن مستهلك المنتجات الصناعية من سكان المريخ لا الأرض.
إن الطروحات التي يسوقها بعض المعنيين لتبرير قرارات رفع أسعار المواد المدعومة أو العجز عن وقف تدهور الأسعار بفعل تجار الأزمة تبدو وكأنها استخفاف بعقول الناس، غير مدركين أن المواطنين في بلدنا من كبيرهم إلى صغيرهم يمتلكون من الفطنة والحنكة ما يجعل مثل هذه الترهات لا تنطلي عليهم.
لا شك أن الجميع يدرك أننا نعيش حالة من الحصار وقلة الموارد لأسباب قاهرة كثيرة، لكن من الحكمة ألا تصدر على إثر ذلك قرارات صادمة تزيد من تدهور معيشة المواطن بشكل فج غير محسوب العواقب، وخاصة مع ما خلفته من زيادة التضخم الذي فاقم من تآكل الدخول في ظل حالة من انعدام القدرة على ضبط الأسواق والحدّ من استغلال وتلاعب تجار الأزمة.
(سيرياهوم نيوز-تشرين)