نشرت صحيفة فايننشال تايمز مقالا عن الطموح العلمي للصين وكيف يمكن لثاني أكبر اقتصادات العالم تحقيق ما تصبو إليه من خلال الاعتماد على قدراتها العلمية للاستغناء بها عن التكنولوجيا التي يطورها الغرب. وذكر يو جي، كاتب المقال، أن بكين دائما ما كانت يقظة لما قد ينشأ عن حرب التكنولوجيا بينها وبين واشنطن، وهو ما اتضح جليا في “قرار البيت الأبيض الصادر في الفترة الأخيرة بوضع قيود على الاستثمارات الأمريكية في عدد من شركات التكنولوجيا الصينية”.
ورأى كاتب المقال أن الصين كانت مستعدة لذلك قبل هذا القرار الأمريكي بسنوات عندما أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ دعوته إلى ما أطلق عليه “الأمة الكاملة”، وهي استراتيجية تستهدف اعتماد الصين على نفسها بدلا من اعتمادها على واردات المكونات الضرورية للتكنولوجيا، وهو ما يتطلب مضاعفة الموارد المالية المخصصة لذلك من أجل التغلب على “نقاط الاختناق” التي قد يعانيها قطاع التكنولوجيا الصيني، وذلك من خلال احتضان المواهب المحلية “وإعادة توطين” الخبرات لقيادة مسيرة الابتكار التكنولوجي.
وقال يو جي إن “قدرة الصين على إحراز تقدم علمي كبير ثبت أنها تعتمد إلى حدٍ كبيرٍ على ما إذا كان لدى الباحثين مساحة كافية للتفكير النقدي والإبداعي”. وذكر أيضا بعض الخطوات التي اتخذتها بكين على الطريق نحو تحقيق أهداف استراتيجية “الأمة الكاملة” لتستغني عن تكنولوجيا الغرب، إذ استبدل المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم عددا كبيرا من خبراء الاقتصاد بعدد من العلماء، مما يلقي الضوء على تغيير جذري في تركيز السياسة العامة للحزب من تحقيق نمو اقتصادي كبير إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي والعلمي.
وضخت الصين موارد هائلة لصالح تنفيذ أجندتها العلمية الطموحة، إذ تعهدت الحكومة الصينية ببذل العطاء للشركات والمؤسسات التي توفر وظائف للمخترعين والمبتكرين، علاوة على تكثيف جهود إعادة توطين الخبرات العلمية، مما زاد من شكوك الولايات المتحدة في الطلاب والباحثين الأكاديميين الصينيين الذين يدرسون في الجامعات والمؤسسات العلمية الأمريكية .
ورأى كاتب المقال أن “الموارد المالية وحدها لن تمكن الصين من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال العلوم والتكنولوجيا، إذ يتطلب الوصول إلى هذا الهدف أكثر من مجرد البُنى التحتية التي يمكن توفيرها باستخدام الموارد المالية والسياسات الداعمة لذلك، ويتجاوز ذلك إلى توفير مساحة للتفكير النقدي والتقليل من التدخل السياسي. بصفة عامة، على الصين أن تقبل التحديات التي يفرضها الوضع الراهن لتحقيق هذا الهدف”.
وأضاف أن “ما تفتقر إليه الصين في الوقت الحالي هو الإرادة السياسية لتنمية العمل الابتكاري والسماح للأجيال الشابة من الباحثين بطرح أسئلة دون قيود على كل شيء”.
وحذر يو جي من الاتجاه الذي انتشر في الصين في الفترة الأخيرة من شغل المواهب العلمية لمناصب حكومية أو مناصب في الحزب الحاكم، نظرا لأن تلك المؤسسات السياسية تستهدف الأفضل والأذكى من الكفاءات والمواهب العلمية على حساب مراكز الأبحاث والجامعات. (بي بي سي)
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم