| إسماعيل مروة
اسم مختلف في معترك الصحافة، فقد طوّب نفسه وقلمه في محراب الصحافة، واختار شعاره الخاص الذي عمل عليه حياته، الأستاذ الكبير طلال سلمان عمل في كل درجات الصحافة، ولم يهبط إليها سفيراً، تنقّل في كل موقع، خَبِر المهنة تماماً، وعاش في صحف ودوريات متعددة التوجهات والمشارب، كسب المعرفة وناقش وحاور، وتنقل في البلدان فأخذ من كل بلد عاش فيه، فأدرك الخفايا التي لا يعرفها الآخرون عن خصائص البلدان والناس والتفكير، لذلك حين أراد لنفسه مشروعاً خاصاً يحمل بصمته كانت البصمة خاصة جداً، خبيرة للغاية، أتقنت فروع المهنة القاسية بتمامها، فأنشأ السفير التي حملت اسمه وحمل اسمها، فكثيراً ما كانت تنادى الصحيفة باسمه، وكثيراً ما كان ينادى باسمها: سفير طلال سلمان، أو صاحب السفير.. وكان في كل مراحله صاحب النظرة الفاحصة، والصمت الطويل، والكلمة الهادئة، ومن الصعب أن يأخذ منه الجالس معه ما لا يريد أن يقوله، فقد صقلته التجربة، وحوّلته من مجرد العمل الصحفي إلى الفكر السياسي والدبلوماسي، ومن هنا أخذ طلال سلمان مكانته، وكان القرّاء ينتظرون رأيه وزاويته، ويحاولون تفسيرها على كل الوجوه، وربما حمّلوها تأويلات لم تكن في الحسبان.
في صومعة السفير أمضى عمره، تذوّق شهد الشهرة والتقدير من كل موقع ومكان، وكان مختلفاً في علاقاته مع القيادات العربية وغير العربية، ودفع أثماناً لهذه المهنة ومتاعبها، ومواقفه خاصة أنه لم يكن صحفياً عادياً، بل كان صاحب قناعات، وقليلة هي المرات التي حاول بعضهم تفسير مواقفه وكتاباته على غير ما كانت عليه.
«السفير» وباسمه استطاعت أن تكون رائدة ببساطة، وأن تزاحم الصحف الأخرى، وأن تتفوق عليها، حتى تلك التي عمل فيها الأستاذ طلال قبل أن تكون، واستطاعت السفير أن تخرّج أقلاماً كثيرة توزعت على صفحات الإعلام العربي والمهاجر، وكانت انطلاقتها الأولى من السفير حين أفسح لها الأستاذ المجال للتعبير، والحديث والتحليل، فتفوقت على ذاتها، وصارت صوتاً للسفير والأستاذ في منابر أخرى.
مواقفه القومية والوطنية كانت واضحة، وكتبه دالة على ذلك، فهو المنتمي إلى الحركة التحررية القومية، وبقي على هذه المواقف طوال أيام صدور السفير، ولم يتناقض مع منطلقاته وتوجهاته، واستطاعت افتتاحيته أن تستحوذ على اهتمام القراء والساسة بطريقة تقارب ما كانت تفعله افتتاحيات هيكل في الأهرام على اختلاف الظروف والتأثير.
طلال سلمان وحده بين الصحفيين العرب وضع حداً لصحيفته «السفير» فأوقف العمل على إصدارها، ولم يقبل أن تكون دون المستوى، ربما أدرك أن ما أراد قوله قد قاله، ولم يعد لديه ما يزيده، وربما أدرك أن الزمن لا يتسع للسفير وقلمه.
برحيله تفقد الصحافة العربية فارساً.
رحيله كما يوم توقف السفير يوم حزين على الصحافة
ستبقى تجربته ملهمة
وستبقى شخصيته حاضرة في كتبه
وسيبقى مثالاً يحاول الكثيرون أن يمشوا على نهجه
ويبقى الصوت حاضراً..
ويبقى طلال سلمان الأستاذ حاضراً على الطريق.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن