آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » ماالخيارات الأصعب والأشد قسوة؟!!

ماالخيارات الأصعب والأشد قسوة؟!!

 

| علي عبود

 

تحدث رئيس الحكومة المهندس حسين عرنوس في بيانه الموجه للسوريين في الجلسة الإستثنائية الأخيرة لمجلس الشعب التي اقتصرت على يوم واحد فقط عن الخيارات الأصعب والأشد قسوة.. فما هي هذه الخيارات الصعبة والقاسية جدا؟

من الملفت أن لاتمتد الجلسة الإستثناية لمجلس الشعب عدة أسابيع مثل الجلسات الإستثنائية السابقة كي يتمكن ممثلو الشعب من مناقشة صوابية الخيارات التي نفذتها الحكومة واعتبرتها من الخيارات الأصعب والأشد قسوة!!

قال رئيس الحكومة أنه (في السياسات تصبح الخيارات أصعب وأشد قسوة كلما كانت أكثر تناقضا وأسوق مثالين صريحين حول ذلك الأمر حيث عملنا خلال السنوات الماضية على لجم ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة كان ذلك إحدى سياسات الدولة اقتصادياً، لكن قابل هذه السياسة انكماش وتراجع كبير في الإنتاج لنكون أمام معادلة صعبة، هل نضبط سعر الدولار ونخسر الإنتاج أم نتبنى سياسة الإنتاج وتخفيف القيود عليه في مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار)!

أننا فعلا أمام معادلة غريبة لم نلمس أي ترجمة لها على أرض الواقع سوى انخفاض مرعب لسعر صرف الليرة، وتراجع أكثر رعبا في كل القطاعات الإنتاجية، فإذا كانت الحكومة منذ عام 2021 مستنفرة لضبط سعر صرف الليرة فلماذا لم تنجح في مسعاها ماانعكس تدهورا في محاور الاقتصاد والأوضاع المعيشية؟

ولو صدّقنا الخبراء وأساتذة الاقتصاد ومعهم المنتجون في القطاعين الصناعي والزراعي بأن الإنتاج هو الأداة الوحيدة لتحسين سعر صرف الليرة، وتأمين مصدر دائم للقطع الأجنبي سواء من خلال تصدير الفائض عن الأسواق أم بتصنيع بدائل المستوردات، فلماذا اعتمدت الحكومة سياسة دعم المستوردات من جهة، وبيع مستلزمات القطاعات الإنتاجية بسعر التكلفة ، أيّ بالسعر الرائج، بدون أي دعم من جهة أخرى!!

ماحصل بمواسم المحاصيل الزراعية وخاصة القمح والذرة والقطن والشوندر والأعلاف، يؤكد أن آخر اهتمامات الحكومة إنتاج مايكفي السوريين محليا، وانها تفضّل الحلّ الأسهل أي الإستيراد مع مايتطلبه من نزيف للقطع وتدهور لسعر الصرف!

وبالنسبة لملايين الأسر السورية فإن عجزها عن شراء الفروج والبيض وهما من السلع اللتان لم تغادران موائدها طيلة العقود الماضية، الدليل الساطع أن دعم القطاعات الإنتاجية التي توفر الغذاء الرخيص للمواطنين آخر اهتماماتها، وبالتالي من المستغرب أن تحدثنا عن الخيارات الصعبة والأشد قسوة !!

أما المثال الثاني الذي استشهد فيه رئيس الحكومة حول الخيارات الصعبة والأشد قسوة (فهو استمرار الدولة في سياسة الدعم وما تكلفه هذه السياسة من أعباء مالية كبيرة لتحقيقها ويرافق ذلك هدر سببه الفساد الذي تولده سياسة الدعم وقابل هذه السياسة ارتفاع كبير في عجز الموازنة حتى أصبحنا نمول الدعم بالعجز وما يعنيه ذلك من مخاطر على الاقتصاد الوطني)!

قبل مناقشة استنزاف الدعم لموارد الدولة من الضروري الإشارة إن هذه المعزوفة لاعلاقة لها بعجز الموازنة كما انها لم تشكل يوما من الأيام طيلة العقود الماضية خطرا على الاقتصاد الوطني!

مامن موازنة للدولة حتى في عز الرفاه وصفر مديونية إلا وكانت تعاني من العجز، وما من حكومة قبل عام 2010 إلا وخططت لإلغاء الدعم تدريجيا، وكانت البداية برفع سعر ليتر المازوت ثلاثة أضعاف في عام 2008، والسؤال: إذا كانت سياسات الدعم يتخللها الفساد وتشكل خطرا على الاقتصاد الوطني فلماذا لاتلغي الحكومة الدعم الاجتماعي 100 % وتقوم بتعديل الأجور لتعود إلى قوتها الشرائية التي كانت عليها في عام 2010؟

ماتسعى إليه الحكومة وتنفذه منذ عام 2012 إلغاء الدعم تدريجييا ليقتصر حاليا على ثلاث أسطوانات غاز و50 ليترا من المازوت (نصف السوريين لم يستلموها)، ودفعتين من المواد المدعومة المقتصرة على السكر والأرز (وأحيانا البرغل والزيت) سنويا، علما ان الدفعة الثانية مؤجلة وقد تُلغى كما حصل مع الدفعة الثانية من المازوت!!

فعليا، ليس هناك من مواد مدعومة، إلا الخبز، ولا يبدو أن لدى الحكومة من طريقة لإلغاء هذا الدعم وهذا فعلا يزعجها إلى حد الغضب، بدليل انها (تمنّن) السوريين ببيعهم الخبز يوميا بأقل من التكلفة!

الخلاصة: قلناها للحكومة مرارا منذ مطلع القرن الواحد والعشرين: حرروا الأسعار والغوا الدعم مقابل دخل للأسرة يكفي لتأمين مايفيض عن مستلزمات العيش اليومي وأجور النقل واللباس والمسكن مثل معظم دول العالم.

 

(سيرياهوم نيوز ٣-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...