أ. د. جاسم يونس الحريري
القوة الناعمة (بالإنجليزية: Soft power)، هو مفهوم صاغه “جوزيف ناي “من جامعة هارفارد لوصف “القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع”. في الآونة الأخيرة، تم استخدام المصطلح للتأثير على الرأي الاجتماعي والعام وتغييره من خلال قنوات أقل شفافية نسبياً والضغط من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية. إذ قال جوزيف ناي أنه مع القوة الناعمة “أفضل الدعايات ليست دعاية”، موضحاً أنه وفي عصر المعلومات، تعد “المصداقية أندر الموارد”. وفي سياق فلسفة ودور “المحافظين الجدد” هناك توجه أمريكي جديد، يدور حول “عسكرة الديمقراطية” وتبني سياسة (“الفوضى الخلاقة”، وهذا مافعلته بالعراق بعد الغزو والاحتلال الامريكي كنموذج لعسكرة الديمقراطية وإلى مقولات وأطروحات الفوضى الخلاقة وتبني كل من “كونداليزا رايس”، و”هيلاري كلينتون” لها في فترة توليهما وزارة الخارجية الأمريكية بداية من العام 2003 وذلك وفق استراتيجية جديدة تقوم على أساس” الهدم ثم إعادة البناء”. وتعد ”الوكالة الامريكية للتنمية الدولية”USAID إحدى الوسائل الأساسية لواشنطن في “حروبها الناعمة”، وبدأت الوكالة نشاطها في العراق منذ العام 2003، بحيث كانت أداة النفوذ في المجالات الاقتصادية ،والاجتماعية ،والسياسية.وقد أستخدمت الوكالة برامجها التدريبية لتحقيق أهدافها في العراق وكما يأتي:-
1.برنامج دعم جهود تحقيق اللامركزية في صنع القرار والخدمات الأساسية “نظام فدرالية”.
2.تدريب الحكومة وأجهزتها على حسن الإدارة المالية العامة والرقابة المالية، مما يمنحها قدرة الولوج إلى” الداتا الحكومية “بكل تفاصيلها.
3.تشجيع توجه العراق نحو إقتصاد السوق (الرأسمالية)، ما يعني إفقاد العراق فرص “انشاء قطاعات انتاجية”، واستيراد كل السلع من الخارج، والاعتماد على النفط بشكل أساسي لتمويل الإنفاق العام.
-
برنامج الحوكمة ومساءلة الأداء: – تموله الوكالة ب 172 مليون دولار أمريكي مقابل شروط تدفع نحو تقوية مجالس المحافظات ،واضعاف الحكومة المركزية، بالإضافة إلى تقوية جمعيات المجتمع المدني NGO’s.
-
دعم “ديمقراطية الانتخابات” ب 25.4 مليون دولار خلال الانتخابات.
6.. دعم ال NGO’s ب 9.7 مليون دولار خلال الحملات الانتخابية.
7.مساعدة المؤسسات الاقتصادية في القطاع الخاص بمبلغ 125 مليون دولار.
8.دعم مجالس المحافظات: الأنبار، ديالى، كركوك ونينوى بمبلغ 405 مليون دولار، مما سيتيح لها التأثير على السياسات المحلية من خلال التأثير على مجالس المحافظات دون الرجوع للحكومة المركزية.
-
دعم أكثر من جمعية محلية ودينية في شمال وغرب العراق بأكثر من 389 مليون دولار.
وتستخدم “السفارة الأمريكية “في العراق عمليات “غسيل الدماغ” ،وتدمير البُنى الإنسانية بذريعة مساعدة وتمكين الشباب والشابات عبر الزمالات الدراسية التي تطلقها بين فترة واخرى ، ومن خلال دورات مكثفة داخل وخارج العراق من قبيل “برنامج تبادل القادة الشباب العراقيين”، و“برنامج زمالة رواد الديمقراطية LPF”، و”برنامج فولبرايت”، وهو من الخطورة بمكان حيث تُخصص لهم ورش عمل خاصة برصد ميزانية بملايين الدولارات كما يتم اختيارهم وفق الشروط التحرّرية والنأي بهم عن العادات والتقاليد كي لا يثيروا حفيظة اهليهم،أوعشيرتهم، لغرض صناعة جيل مهيأ للإنقياد، فيكونوا أساتذة وخبراء “متأمريكين”!!! ومعوّقين فكريًا ومتحرّرين دينيًا وعقائديًا.ومن الاساليب التي يستخدمونها في العراق بعد2003 بث الشعارات والمفاهيم الخاطئة، وتزيينها وتشويه المفاهيم السائدة. هم يتحدثون عن الحداثة، ويقصدون بالحداثة ترك الماضي بكل ما فيه على قاعدة أنه أصبح مرادفاً للتخلف!!! ويتحدثون عن الأسرة ويطالبون بعدم تقييدها بالضوابط المعروفة في إدارتها، لتكون أسرةً حرَّة في إطار المساكنة والإنفاق المشترك، وعدم وجود مسؤول عن الأسرة، لتتحول الأسرة إلى بيتٍ يأوي الرجل والمرأة من دون أي تنظيم للعلاقة بينهما!!! ويتحدثون عن نموذج الغرب في كل شيء، في الطعام والشراب، وطريقة الحياة، وطريقة اللباس, ومواكبة الموضة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير بعض الحقائق ويؤسس لشخصية مختلفة!!! ويطالبون بالحرية الجسدية والملذات بلا حدود، وعلى قاعدة حق الإنسان في أن يفعل بجسده ما يشاء: أن يشرب الخمر حتى الثمالة، وأن يتناول المخدرات حتى ضياع العقل، وأن يتصرف في العلاقات المحرمة من دون حدود وضوابط بل بتشريعٍ لها وقوننة، كي تكون متاحة للجمهور بشكلٍ عادي وطبيعي… هذه الشعارات تؤدي إلى تغيير بنيوي في طريقة التفكير وفي الحقائق التي يحملها الإنسان، وهنا خطورتها. عندما تكون الأسرة تنظيماً وتكامل أدوار، فهي تختلف تماماً عن الأسرة التي لا تنظيم فيها، وعندما نتعامل مع الجسد كمسؤولية نتحملها لحمايته من المحرمات والمفاسد فهذا يختلف تماماً عن جسدٍ يُطلق له العنان ليفعل ما يشاء كالحيوان. وعندما ننظر إلى الحداثة كمحاولة للاستفادة من التطور، لإعطاء الإنسان مكتسبات إضافية في حياته المادية والعقلية، فهي تختلف تماماً عن حداثةٍ تعني إلغاء الماضي بكامله، وإلغاء الأسس التي بُنيت أفكارنا عليها… هذه العناوين متفاوتة تماماً.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم