| أيهم مرعي
الحسكة | دخلت منطقة منبج في ريف حلب الشرقي على خط المواجهات بين «قوات سوريا الديموقراطية -قسد» والمقاتلين العشائريين، بالتزامن مع اتساع رقعة المعارك في ريف دير الزور، ووصولها إلى الريف الشرقي والحدود العراقية. وبينما سُجّل انسحاب «قسد» من عدد من المدن والبلدات في تلك المنطقة، تعالت الدعوات إلى فتح جبهات ضدها في الرقة والحسكة لتخفيف الضغط عن جبهة ريف الدير. وأعلن «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا، بدوره، فتح معابر من مناطق سيطرته في اتجاه منطقة منبج لكلّ أبناء العشائر الراغبين في مهاجمة مقرات «قسد»، مع دعمهم بالأسلحة والعتاد المطلوبين. وبالفعل، هاجم مسلحون تابعون للعشائر، بمؤازرة من فصائل «الوطني»، قرى وبلدات خاضعة لسيطرة «قسد» على خطوط التماس في منبج والباب، وأعلنوا سيطرتهم على قرى المحسنلي وعرب حسن والبوهيج في ريف الباب.
واستدرجت هذه الاندفاعة، بالتوازي مع ارتباك «قسد» في التصدي لها، تدخّلاً روسياً عبر تنفيذ غارات جوية عدة على القرى التي شهدت هجمات، بهدف منع المسلحين من إحراز مزيد من التقدم، وتهديد المناطق التي ينتشر فيها الجيش السوري على طول خط التماس على امتداد نهر الساجور. وسارعت «قسد»، من جهتها، عبر الناطق باسم «مجلس منبج العسكري»، شرفان درويش، إلى نفي «أي سيطرة للمرتزقة على أي نقطة أو مقر لقسد في ريفَي منبج والباب»، والتأكيد أن «القوات تتصدى لهجمات على قرى المحسنلي وعرب حسن وأم جلود والصيادة والدندنية، من دون تمكن المهاجمين من إحراز أي تقدم في المنطقة». وبالتوازي مع الهجمات المفاجئة في منبج، دعت بيانات عشائرية ضمن مناطق سيطرة الفصائل المسلحة، إلى فتح الجبهات في أرياف الحسكة والرقة ضد «قسد»، لتخفيف الضغط على أبناء العشائر في ريف دير الزور.
أما في أرياف الدير، وبعدما ركزت «قسد» جهدها العسكري على الريفين الغربي والشمالي، من خلال تطويق قريتَي جديد بكارة وجديد عكيدات، وفرض السيطرة على قرى العزبة والربيضة والصور، بدأ أهالي الريف الشرقي انتفاضة ضد «قسد»، ما أدى إلى خسارتها غالبية قرى هذا الريف وبلداته خلال ساعات قليلة. وتمكن مقاتلون من أبناء العشائر من السيطرة على بلدات الشحيل وذيبان والجرذي والطيانة وهجين، وصولاً إلى الباغوز على الحدود العراقية، مع اغتنام أسلحة ومعدات وآليات عسكرية بينها عربات «هامفي» و«همر». كما استولى المقاتلون على مستودعات للأسلحة والذخيرة، فيما سلّم عناصر «قسد» أنفسهم لأبناء العشائر، بعد منحهم مهلة لإخلاء مقراتهم قبل مهاجمتها. في المقابل، وفي محاولة منها للحصول على المزيد من الدعم من الأميركيين لحملتها في دير الزور، أصدر المركز الإعلامي التابع لـ«قسد» بياناً اتهم «الحكومة السورية بتسهيل مرور مقاتلين من الضفة الغربية لنهر الفرات، لضرب الأمن والاستقرار في الريف الشرقي لدير الزور، بعد تزويدهم بالعتاد والسلاح». وأضاف البيان أن الهجمات التي تتعرض لها «قسد» في دير الزور هي من مسلحين مدعومين من إيران، أو من الفصائل الموالية لتركيا. أما «القيادة المركزية» الأميركية فقد أصدرت بياناً عبرت فيه «عن قلقها من التطورات الجارية في دير الزور»، داعية إلى «ضبط النفس»، ومشددةً على «مواصلة دعم قوات قسد في الجهود المشتركة لتحقيق الهزيمة النهائية لتنظيم داعش». ودعت وزارة الخارجية الأميركية، بدورها، «كل الأطراف إلى وقف التصعيد وحل الوضع سلمياً».
أبناء العشائر، وبأسلحة فردية، تمكنوا من السيطرة على كامل ريف دير الزور الشرقي من الباغوز ووصولاً إلى ذيبان والشحيل ومشارف الصور والبصيرة
لكن شيوخ ووجهاء العشائر واصلوا التصعيد ضد «قسد»، وهو ما ظهر في بيان لشيخ مشايخ قبيلة الجبور، نواف عبد العزيز المسلط، الذي أكد «الوقوف الكامل إلى جانب أهلنا وأبناء عمومتنا من أبناء القبائل، والاستعداد للنفير العام، ومساندة العشائر في دير الزور حتى تحرير المحافظات الشرقية الثلاث في دير الزور والحسكة والرقة»، داعياً «أبناء قبيلة الجبور المنضمين إلى قسد إلى الانسحاب من هذه القوات فوراً». بدوره، نصب شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم خليل الهفل، خيمة أطلق عليها اسم «خيمة الحرب»، في مضافته في بلدة ذيبان، لإعلان التصدي لحملة «قسد» ضد الأهالي في ريف دير الزور. وأصدر الهفل بياناً دعا فيه «القبائل العشائرية عموماً وأبناء قبيلة العكيدات بالخصوص، إلى توحيد الصف والكلمة، في وجه السياسات الممنهجة ضد أبناء العشائر»، مؤكداً أن «الحراك الذي تشهده دير الزور هو حراك عشائري، وليس كما تدعي قسد من خلايا إرهابية». وطالب «التحالف الدولي بتشكيل مجلس لقيادة دير الزور من أبناء ووجهاء العشائر، والعمل على ضبط الأمن والاستقرار في المنطقة، وتوفير الخدمات اللازمة لها».
من جهتها، تؤكد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «أبناء العشائر، وبأسلحة فردية، تمكنوا من السيطرة على كامل ريف دير الزور الشرقي من الباغوز ووصولاً إلى ذيبان والشحيل ومشارف الصور والبصيرة»، مبينةً أن «خطاب قسد القائم على القول إنها تحارب إرهابيين ومجرمين، صعّد من الموقف، ودفع الكثير من أبناء العشائر إلى حمل السلاح ضدها». وتوضح المصادر أن «المقاتلين لم يعلنوا حتى الآن تبعيتهم إلى أي جهة، وهم غير منظمين وليس لديهم من يقودهم»، متوقعةً أن «تعمل قسد على إدخال وساطة من قبل التحالف لوقف الاشتباكات والتوصل إلى اتفاق، لضمان عدم خسارتها كامل ريف دير الزور الخاضع لسيطرتها».
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار