نشرت صحيفة “الإندبندنت” مقالا كتبه كريس ستيفنسون، بعنوان تطرق فيه إلى المصالح المشتركة والاستراتيجية التي تجمع الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الروسي.
وبيّن الكاتب أن غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا، تسبب في عزلته على الساحة الدولية بالإضافة لتأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، ما دفع بوتين للبحث عن سبل لتخفيف الضغوط وعن مصادر لاستدامة آلة الحرب الخاصة به.
وبين الكاتب أن بوتين روج باستمرار لعلاقته الجيدة مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بهدف الحصول على شريان اقتصادي من بكين. في يونيو/حزيران، أظهرت بيانات الجمارك الصينية أن التجارة بين البلدين بلغت 93.8 مليار دولار في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار 2023، بزيادة 40.7 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022 – عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط 2022.
وأظهرت البيانات أيضاً أن صادرات الصين إلى روسيا بلغت 43 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، بزيادة 75.6 في المئة عن نفس الفترة من عام 2022، وذكر الكاتب أن البنوك الصينية تقدم مليارات الدولارات من القروض للبنوك الروسية.
ولفت الكاتب أيضا إلى أن يأس بوتين كان واضحاً عندما التقى الرئيس شي في مارس/آذار، إذ لم يكتف الزعيم الروسي بإظهار كرم الضيافة فحسب، بل بذل قصارى جهده للإشارة إلى مدى التقارب بين الزعيمين.
وأوضح الكاتب أن الأمر كان مختلفاً بالنسبة للصين، إذ لدى شي جين بينغ أهداف أسمى، فهو يحاول أن يجعل بلاده قوة دبلوماسية أكبر على الساحة العالمية.
ويشير الكاتب إلى أن ادعاءات بكين بأنها محايدة بشأن الحرب في أوكرانيا وأنها تسعى فقط إلى السلام بين الجانبين، “يقوّضها مستوى الدعم الاقتصادي المقدم لموسكو”.
واستشهد الكاتب في خطاب ألقاه بوتين في نهاية الأسبوع الماضي، استخدم فيه لغة مماثلة، قائلاً إنه سيكون هناك اجتماع آخر مع شي في المستقبل القريب، وأضاف أن الرئيس شي يدعوه “صديقي”، وأكد في خطابه أن الرجل يفعل شخصياً الكثير من أجل تطوير العلاقات الروسية الصينية والتعاون في مختلف المجالات.
وفي مقارنته، قال الكاتب إن اللغة الرومانسية تجاه بوتين جيدة، لكن من الواضح أن بوتين يحتاج إلى شي جين بينغ أكثر من حاجة شي إلى بوتين.
وانتقل كاتب المقال إلى كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونغ أون، إذ يقول إن كيم يخطط للسفر إلى روسيا في وقت لاحق من هذا الشهر – على الأرجح على متن قطاره المدرع – لإجراء محادثات مع بوتين، مضيفاً أن الأسلحة والذخائر ستكون على رأس جدول الأعمال وفقاً لمعلومات صحفية.
وبين الكاتب أن روسيا تستخدم آلاف القذائف المدفعية وعدداً كبيراً من الصواريخ يومياً في غزوها المستمر للشهر 18 لأوكرانيا، وهو ما يجعل البلاد تسابق الزمن لمواكبة سرعة الإنتاج المطلوبة، لا سيما مع قلة الأماكن التي يمكن أن تلجأ إليها لتوفير ما تحتاج إليه مع تشديد الدول الغربية للعقوبات.
ولفت الكاتب إلى أن العلاقات بين البلدين عميقة تاريخياً، وكانت بيونغ يانغ تعتمد على مساعدات الاتحاد السوفياتي لعقود من الزمن، وقد ساهم انهيارها في انخفاض واردات كوريا الشمالية وإنتاج الغذاء الذي كان من عوامل المجاعة القاتلة في تسعينيات القرن الماضي.
ونوه كاتب المقال إلى أن علاقة كيم نفسه كانت في البداية باردة نسبياً مع كل من بوتين وشي جين بينج، إذ انضمت روسيا والصين إلى الولايات المتحدة في فرض عقوبات صارمة على برنامج بيونغ يانغ النووي، ومع ذلك، زار كيم الصين أربع مرات في عامي 2018 و2019، قبل أن يلتقي ببوتين في عام 2019.
ويوضح الكاتب أن بوتين، يعي القيمة المتزايدة لكوريا الشمالية، ويشتبه المسؤولون الأمريكيون منذ العام الماضي في أن كوريا الشمالية تزود روسيا بقذائف مدفعية وصواريخ وذخائر، لكن الاجتماع يعد بمنزلة مفاجأة علنية تسمح للزعيم الروسي بمحاولة إظهار علاقاته للغرب.
كما أشار كاتب المقال إلى زيارة وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، العاصمة الكورية الشمالية في يوليو/تموز إلى جانب مسؤولين من الصين، أكبر شريك تجاري لبيونغ يانغ، في أول زيارة من نوعها لشخصيات أجنبية منذ وباء كوفيد -19. وقد عرض كيم على شويغو أسلحة، بما في ذلك صاروخ هواسونغ الباليستي العابر للقارات، وتضمن العرض أيضاً تصميمين جديدين للطائرات بدون طيار، بما في ذلك تصميم يشبه الطائرة بدون طيار الهجومية الأساسية التي تستخدمها القوات الجوية الأمريكية.
وستكون موسكو أيضاً الشريك الأكبر في أي ترتيب بين البلدين، على عكس علاقات بوتين مع الصين.
أما بالنسبة لكيم، يقول الكاتب إن هناك فوائد عملية للاتفاقيات المحتملة بشأن إمدادات المساعدات مثل الغذاء، أو التكنولوجيا العسكرية المتقدمة المتعلقة بالأقمار الصناعية والأسلحة النووية. وبين أن الفوز الأكبر لزعيم بيونغ يانغ، من المرجح أن يكون على صعيد الدعاية. وكانت العلاقات الدبلوماسية رفيعة المستوى مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قبل كوفيد-19 تسير على نفس النهج، رغم أن التعاون المتزايد ربما يوفر عدداً من الفوائد الملموسة أكثر من نهج ترامب.
ووضح كاتب المقال أن التحليلات التي تفيد بأن موسكو قد تشارك في مناورات عسكرية مشتركة مع كوريا الشمالية، أو حتى مناورات ثلاثية تشمل بكين، تعتبر هامة، وستكون هذه أول تدريبات عسكرية من نوعها تجريها كوريا الشمالية مع دولة أجنبية منذ هدنة الحرب الكورية التي دارت رحاها بين عامي 1950 و1953.
واستخلص الكاتب أنه نظراً للعزلة التي يواجهها الرجلان، فمن الواضح أنهما يحتاجان إلى بعضهما البعض. (بي بي سي)
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم