آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » هل تعود “الأزمة” مجدداً إلى سوريا.. أم ماذا؟!

هل تعود “الأزمة” مجدداً إلى سوريا.. أم ماذا؟!

نجاح محمد علي

تربط ايران ما يجري من تطورات في سوريا بأنها جزء من سياسة إثارة الأزمات وإدارتها من قبل الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية استراتيجية ، لكن إصبعها يظل على الزناد للتدخل فيما لو خرجت الأمور عن نصابها تحت سقف “التفاهمات” وتهدئة التوترات.

هناك دلائل متزايدة على أن كلاً من إيران والولايات المتحدة قد اتخذت خطوات لتهدئة التوترات في الأسابيع والأشهر الأخيرة، على الرغم من أن خفض التصعيد لا يزال مؤقتًا ويمكن أن ينهار بسهولة.

تباطؤ طفيف في وتيرة أعمال تخصيب اليورانيوم في إيران، وانخفاض الهجمات التي تشنها فصائل المقاومة المتحالفة مع إيران على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وزيادة صادرات النفط الإيرانية، واتفاقية تبادل السجناء ، بوادر التراجع عن المواجهة.

لكن وسط الاشتباكات الأخيرة بين القوات التي يقودها الأكراد حلفاء واشنطن والقبائل العربية ، فضلاً عن الاحتجاجات المناهضة للحكومة في سوريا، ظلت إيران صامتة على نحو غير معهود ، دون أن يمنع ذلك وسائل الإعلام الموالية للحكومة من التحذير من عودة “الأزمة” مجدداً إلى سوريا، التي انتصرت للتو في فرض حكومتها على باقي الحكومات العربية لتطبيع العلاقات معها تحت غطاء الجامعة العربية ، بعد أكثر من عقد من التآمر عليها .

وإذا استمرت الاضطرابات، فمن غير المرجح أن تظل إيران صامتة وهي تتحدث هذه الأيام كثيراً عبر باقي الحلفاء، عن “وحدة الساحات” . لقد استثمرت طهران بكثافة في معركة الدفاع عن حليفها الرئيس بشار الأسد ليبقى في السلطة ، وتتطلع إلى جني فوائد إعادة بناء البلد الذي أرادت حرب الإرهاب المدعومة من حشد دولي اقليمي كبير،تمزيقه.

نعم ، كانت الأسابيع القليلة الماضية متقلبة بشكل خاص في أجزاء مختلفة من سوريا ، انعكست بالضرورة على العراق، وباقي الملفات ، مروراً طبعاً بلبنان وفلسطين ، واليمن ..ضابط الإيقاع.

  • استمرت الاشتباكات التي اندلعت منذ 29 أغسطس/آب بين المجموعات العشائرية العربية وقوات سوريا الديمقراطية قسد التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة. واندلعت أعمال العنف بعد اعتقال أحمد الخبيل قائد مجلس دير الزور العسكري ومحاصرة مقاره في الحسكة ودير الزور الحسكة في شمال شرق سوريا.

  • وبشكل ملفت ، استمرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة بسبب الصعوبات الاقتصادية {التي يفاقمها سرقة أمريكا للنفط السوري وباقي الثروات} منذ منتصف أغسطس/آب في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة الرئيس بشار الأسد. وامتنعت إيران، الداعم القوي للرئيس الأسد ، حتى الآن عن التعليق على الاضطرابات والاشتباكات.

  • خلال زيارته غير المعلنة في 31 آب/أغسطس إلى سوريا، والتي تضمنت لقاءً مع الرئيس الأسد، لم يتطرق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى أعمال العنف والاضطرابات .

  • ولم يكتف أمير عبد اللهيان إلا بتأكيد دعم إيران لسوريا الأسد و”التأكيد على ضرورة إرساء الاستقرار والهدوء والحفاظ على السيادة وسلامة الأراضي السورية”، وهي إشارة الى محاولات أمريكية اسرائيلية تركية لتفتيت سوريا.

وعلى النقيض من صمت طهران الرسمي، علقت بعض وسائل الإعلام في إيران على التوترات المتزايدة في شمال شرق سوريا وكذلك الاحتجاجات المناهضة للحكومة في أماكن أخرى من الدولة العربية التي عانت كثيرًا من غدر الجامعة العربية .

  • وألقت وكالة مهر للأنباء شبه الرسمية، في 29 أغسطس/آب، باللوم في التظاهرات على “العقوبات الأمريكية واحتلال أمريكا لحقول النفط السورية”. كما رجحت أن تؤدي “الأزمة الاقتصادية” إلى “عودة الفوضى”. ورددت صحيفة جام جم اليومية التي تديرها هيئة الإذاعة الحكومية مشاعر مماثلة، وشددت تعليقاتها على الربط بين ما أصبح يعرف بوحدة الساحات.

  • وصفت وكالة تسنيم للأنباء، المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، في 4 أيلول/سبتمبر، الصراع بين قوات سوريا الديمقراطية و العشائر العربية وكذلك “الاقتتال الداخلي” داخل قوات سوريا الديمقراطية بأنه نهاية “لبيع الأحلام” الأمريكية في سوريا. .

  • واتهم موقع ألف الإخباري المحافظ في الأول من سبتمبر/أيلول الولايات المتحدة “بمحاولة إيقاظ الوحش” المتمثل في تنظيم مايسمى الدولة الإسلامية داعش في سوريا.

وعلى النقيض من ذلك، قلل بعض الخبراء الإيرانيين من أهمية الاحتجاجات في سوريا، وأصروا على أنها غير قادرة على تحدي قيادة الرئيس الأسد، فيما تحدث آخرون عن “أوهام” أمريكية في محاولات قطع الطريق بين ايران وسوريا عبر إغلاق الحدود مع العراق.

  • وقال المعلق السياسي المحافظ مسعود أسد الله إنه على الرغم من أن العقوبات الأمريكية على سوريا جعلت الظروف المعيشية صعبة، إلا أن الاحتجاجات صغيرة للغاية وذكرى الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات لا تزال حاضرة في أذهان الناس بحيث لا يمكنهم البحث عن “أي شيء على غرار ثورة الا الحل السياسي.”

فبعد أكثر من عقد من تقديم الدعم المالي والعسكري للرئيس الأسد، تتطلع إيران إلى جني ثمار وقوفها إلى جانب حليفها السوري.

  • ومع اقتراب إعلان الأسد انتصاره السياسي في المنطقة من نهايته ، تنظر طهران إلى سوريا باعتبارها صمام ضغط آخر لاقتصادها المحاصر.

  • لكن على الرغم من طموحاتها الاقتصادية، تكافح إيران حتى الآن لتوسيع التجارة مع دمشق .

  • وعلى الجانب السياسي، يتعين على إيران أن تتعامل مع الجهود الروسية والتركية لتأكيد نفوذها، ويجب عليها أيضاً أن تتكيف مع العدد المتزايد من دول الخليج العربية التي تقترب من سوريا.

ومع ذلك، ترحب الجمهورية الإسلامية بالاستثمارات الخليجية العربية في سوريا، وتعلن عن الرغبة في ايجاد مشاريع مشتركة خاصة بعد اكتمال التطبيع الايراني السعودي بتبادل ارسال سفيرين الى الرياض وطهران في وقت واحد . وفي الوقت نفسه، فإن التطبيع المحتمل للعلاقات بين سوريا وتركيا يشكل اهتماماً لإيران لسببين رئيسيين :

  • يقلل التطبيع التركي مع الرئيس الأسد من احتمال قيام أنقرة بشن المزيد من الحملات العسكرية في سوريا، والتي قوضت في السابق جهود طهران في تحرير إدلب.

  • إن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق سيكون بمثابة زلزال سياسي في المنطقة، وسيعزز شرعية دمشق على الساحة الدولية.

  • وفي أحدث مساعيه للدبلوماسية الإقليمية، قال أمير عبد اللهيان في مؤتمر صحفي مشترك في طهران مع نظيره التركي الزائر هاكان فيدان في 4 أيلول/سبتمبر، إن على دمشق وأنقرة “حل مخاوفهما” من خلال “الدبلوماسية والمفاوضات”.

ولكن في حين ترحب إيران بالانفراج بين الأسد ومعارضيه، فإنها تريد أن يحدث ذلك بمشاركتها ، وبما ينزع فتيل الأزمة نهائياً .

  • وتصر إيران على أن عملية مسار أستانا هي المنتدى الأكثر فعالية لمحادثات السلام لمعالجة الأزمة السورية.

  • أطلقت الدول الثلاث المؤسسة إيران وتركيا وروسيا عملية أستانا في يناير/كانون الثاني 2017، باعتبارها إطارًا لتنسيق السياسات والإجراءات، فضلاً عن تأمين مصالحها في سوريا.

  • وفي ظل الظروف الراهنة، تحافظ الحكومتان السورية والتركية على علاقة متوترة تتسم بالخلافات الدبلوماسية والمصالح الإقليمية المختلفة. لم يمنع ذلك من تنسيق أمني وتعاون استخباري .كما شاركت تركيا في عمليات عسكرية في شمال سوريا، استهدفت الأكراد في المقام الأول واحتلت أراض سورية وهي تسيطر بالكامل على إدلب، ونفذت عمليات اغتيال طالت قادة فصائل مسلحة متشددة تعارض التطبيع السوري التركي.

  • تشكل العقوبات الأمريكية عائقًا كبيرًا أمام مبادرات الاستثمار من قبل دول الخليج العربية الغنية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. على سبيل المثال، يفرض قانون قيصر  عقوبات على  الشركات والأفراد ومؤسسات الدولة التي يُزعم أنها تدعم الدولة السورية بقيادة الأسد.

  • وكثيرا ما تنفذ إسرائيل غارات جوية في سوريا تستهدف مواقع مرتبطة بالمستشارين الايرانيين أو بقوات الفصائل المدعومة من إيران.

عموماً، إذا اكتسبت الاحتجاجات المناهضة للدولة في سوريا زخماً، فمن المرجح أن تخرج إيران عن صمتها خاصة وهي ترصد بدقة التحركات العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا ومحاولة غلق الحدود بين البلدين ، فهي لن تسمح أبداً بسقوط حليفها الذي حافظت عليه وقدمت الكثير في هذا الطريق .

  • وقد تزيد طهران أيضًا الضغط على دول الخليج العربية لتفعيل تطبيعها مع الرئيس الأسد من خلال المساعدة في تخفيف الضغط الاقتصادي على السوريين العاديين.

  • وتتوقع دمشق وطهران أيضاً أن يعقب عودة جامعة الدول العربية الى سوريا، مكاسب اقتصادية أوسع نطاقاً، تتجاوز الاستثمارات من دول الخليج العربية لتعزيز وحدة الأراضي السورية ، واجهاض مشاريع التقسيم.

 

 

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...