فرح سمحان
لن أستهل حديثي عن فاجعة حفل زفاف الحمدانية التي وقعت شمال العراق بفيض من الأحزان والعواطف لأن الطبيعي أن تأتي ردة الفعل في بدايتها دراماتيكية ولا أحد يتمنى لنفسه موقفا مماثلا ؛ فذكرى زواج العروسين ستكون ذاتها ذكرى الوفاة الأولى لأكثر من 100 شخص راحوا ضحية حريق سببه وفق التصريحات الأولية “ألعاب نارية” ، لكن سؤال العقل البريء يقول إن إطلاق تلك الألعاب في القاعة ذاتها سبق وأن حدث بحفلات زفاف أخرى وهناك آلية عند المنظمين لإطلاقها في الموقع والتوقيت الأمثل والتأكد من الجاهزية ؛ فما الجديد هذه المرة؟ .
لنبدأ بالتسلسل وبتحليل منطقي ؛ لو على فرض أن ما حدث قضاء وقدر وغير مقصود فلماذا استنفرت السلطات العراقية والأجهزة الأمنية وتعاملت مع الحادثة وكأنها “فعل إرهابي” في حين أنه كان بالإمكان الاستعانة بخبراء مفرقعات وألعاب نارية لمعرفة التفاصيل والحيثيات بشكل أدق واستبعاد هذا السيناريو ؛ ثم عقب ذلك الخروج بتصريحات تفيد بتوقيف قرابة 13 مسؤولا دون تحديد طبيعة عملهم إلى جانب فرار مالك القاعة وكلها أمور تثير علامات استفهام كثيرة .
ومن الأساس ما حدث ليس معلنا أنه عمل إرهابي كتفجيرات عمّان عام 2005 على سبيل المثال ، في حين أن المعطيات الأولية تشير إلى أن أيادي خفية قد تكون وراء هذا الفعل الشنيع تحديدا بالنظر إلى الخصوصية الدينية للحمدانية والتي تعرف أيضا بقرقوش وبغديدا وغالبية سكانها من الإخوة المسيحيين؛ وسبق أن كان لتنظيم داعش الإرهابي سطوة عليها لتنفيذ مخططات دموية وإجرامية .
في العراق وبحادث من هذا النوع لا يمكن للبراءة والتفكير العقلاني أن يجتمعا والفرضيات تصبح أكثر وأكثر لأننا أمام سيناريوهات انتقامية طائفية ذات طابع إرهابي عند جماعات لا تريد لعراق العرب وعِرقه أن يهنأ بعيش آمن وكأنه قدر مكتوب أن يبقى ينزف الدماء ويذرف الدموع ؛ فالزفاف الذي انقلب لعزاء والضيوف ما بين موتى وجرحى والشخوص منهم المتهم وآخرون شهود عيان جميعها تكرار لحوادث حدثت وستحدث طالما أن سوسة الإرهاب والترهيب تنخر وتبث سمومها هنا وهناك .
على أية حال الجميع يترقب نتائج لجنة التحقيق التي وجه وزير الداخلية العراقي بتشكيلها للإشراف على تفاصيل فاجعة الزفاف وكيفية وقوعها بالدقة ؛ وما إذا سيتم القبض خلال الساعات المقبلة على مالك قاعة الحفل الذي هرب وبهذه السرعة ؛ لأن لديه في جعبته الكثير وفراره أكبر دليل على أن ما حدث ربما كان مدبرا وليس صدفة.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم