غادر إسماعيل قاآني، بغداد، حاملاً تطمينات عراقية إلى أن قوات الاحتلال تتحضّر للانسحاب من البلاد، وهي «جادّة» في ذلك. تطميناتٌ قابلها تشديد، مع فصائل المقاومة، على رفع مستوى الجاهزية، تحسّباً لأيّ حماقة قد تُقدِم عليها إدارة دونالد ترامب
1- تسعى طهران إلى التأكّد من المعنيّين في بغداد من جدّية النيات الأميركية في الانسحاب من منطقة غرب آسيا، وتحديداً أفغانستان والعراق.
2- تسعى، كذلك، إلى التحقّق من جاهزية فصائل المقاومة العراقية إزاء أيّ حماقة أميركية قد تقدم عليها قيادة فريق الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، (قبيل موعد تسليم السلطة للفائز بالانتخابات الأخيرة، جو بايدن)، وخاصّةً أن وسائل إعلامية أميركية عمدت طوال الأيام الماضية إلى تسريب معلومات عن نيّة واشنطن توجيه ضربة لإيران أو حلفائها في المنطقة.
3- إعراب حكومة مصطفى الكاظمي، غير مرّة، عن انزعاجها من «خروقات» التهدئة القائمة بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال الأميركي، والتي أسفر آخرها عن سقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين، وهو ما دانته أيضاً فصائل المقاومة، في وقت لم تعلن فيه الجهات الأمنية عن هوية المنفّذ (راجع «الأخبار»، العدد 4203).
هذه «الدوافع» تُرجمت في لقاء قاآني ــــ الكاظمي، بتأكيد الأوّل دعم بلاده للأخير وحكومته. تفاهَم الرجلان على ضرورة «المضيّ قدماً في التهدئة القائمة»، وخصوصاً أن مبرّراتها لا تزال قائمة. وبحسب مصادر الكاظمي، فإن الأخير “جدّي وعازم” على التوصّل مع الجانب الأميركي إلى جدول زمني ينظّم انسحاب قوّات الاحتلال. تضيف المصادر إن الحكومة مقبلة على تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة (حزيران/ يونيو 2021)، وعليه، فإن الاستحقاق المرتقب يفرض الحفاظ على الهدوء القائم حالياً. يضاف إلى ما تقدّم أن سلطات بغداد ترغب في تحييد نفسها عن الاشتباك بين معسكرَي واشنطن وطهران، على اعتبار أن الوضع الاقتصادي ــــ الاجتماعي آيلٌ إلى الانفجار، الذي قد يكون فتيله أمنياً هذه المرّة، وفق ما تدافع به عن خياراتها.
ترفض فصائل المقاومة مقولة أن للأميركيين قوات غير قتالية
في المقابل، أبدى الجانب الإيراني تفهّماً للموقف العراقي، مشدّداً على ضرورة «استمرار الهدنة وخفض التوتر، شرط التزام الجانب الأميركي بمسألة النسحاب». على أنه بدا لافتاً ما قاله قاآني أمام مضيفيه العراقيّين، وتحديداً فصائل المقاومة، إن “علينا الالتزام بالهدنة، مع رفع جاهزيّتنا لمواجهة أيّ حماقةٍ قد تقع”، في ما يعكس الحذر الإيراني إزاء التعهّدات» الأميركية. أيضاً، برزت تصريحات الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الأسبوع الماضي (أثناء وجود قاآني في العراق)، حيث أعلن انتهاء «الهدنة» مع قوات الاحتلال، عازياً ذلك إلى «عدم تحقق شروطها…». كما لفت كشفه عن رسالة وَجّهها إلى قاآني (يُرجّح أن تكون خلال الزيارة)، قال فيها: «… نحن معنيّون بالموضوع، بغضّ النظر عن حسابات أخرى”، مضيفاً إنه «في حال تعرّض إيران لأيّ إحراجات وضغوط، فإن المقاومة العراقية لديها دوافعها الوطنية 100% للردّ على الأميركي». وفي ظلّ القراءات المتضاربة لتصريحات الخزعلي، رأى البعض أن الهدف منها «رفع منسوب الضغط على الاحتلال الأميركي، للإسراع في الإعلان عن جدول زمني للانسحاب»، مضيفين إن «سياسة توزيع الأدوار المتبعة ترجمها الخزعلي: سكونٌ مقرونٌ بالتجهيز، في انتظار اللحظة المناسبة».
من جهته، يُعلّق مصدر قيادي في «الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية» على الزيارة وتداعياتها بالآتي:
1- الجنرال قاآني ليس في وارد زيارة بغداد لأجل «تمديد الهدنة».
2- يبحث الجانب الأميركي عن مخرجٍ مقنع للانسحاب، ومن الخيارات المتاحة الانسحاب أثناء الهدنة، مع الحصول على موافقات حكومية لإبقاء قوات محدودة المهام والعدد والانتشار.
3- ثمّة تضاربٌ داخل الحكومة العراقية بين مَن يؤكد الاتفاق على الانسحاب، ومَن ينفيه مؤكّداً البقاء، وهذا ما لن نقبله مطلقاً.
4- استهداف «قاعدة الحرير» في أربيل (إقليم كردستان) أربك الحسابات، بعدما كان التصوّر الأميركي أن البقاء هناك، أو في «قاعدة عين الأسد» (غرب البلاد)، هو بقاء آمن.
5- لسنا مقتنعين بأن الأميركيين لديهم قوات غير قتالية، مهما تعدّدت المسميات. وعليه، لن نقبل بوجود جندي أميركي، وسنعامله معاملة احتلال، ولن نرضى بهيمنة السفارة الأميركية على القرار السياسي، أو سيطرة الشركات الأميركية على مقدراتنا الاقتصادية، وسنواجه ذلك بكلّ قوة وحزم.
6- إيران لم تفرض علينا يوماً موقفاً معيّناً، ولم تطلب منا في المقابل موقفاً معيناً أبداً، وقضية الاحتلال الأميركي قضية عراقية، وكلّ الشكر لموقفها الداعم والمساند لنا.
وفي ختام حديثه، يؤكد المصدر أن «الهيئة التنسيقية» أبلغت قاآني أنها ترحّب بوجهة نظره، لكن القضية تفرض على الجميع الالتزام بالموقف الوطني الواجب، بعيداً من حسابات الاشتباك القائم في المنطقة. ويضيف المصدر، في حديثه، إن «الهيئة التنسيقية» أبلغت قاآني أن الضغوط على الجانب الإيراني لكبح اندفاع الفصائل «لم تعد تجدي نفعاً»، وبالتالي على طارقي أبواب طهران البقاء في بغداد وطرق أبواب «معروفة» للوصول إلى «حلول ترضي الجميع».
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)