| أحمد يوسف داود
باتَ المُواطنُ الذي تَمّ إفقارُهُ إلى حدٍّ لايَقدِرُ مَعهُ على تأمينِ بَعضِ احتِياجاتِهِ اليَوميّةِ من الطَّعامِ يَتَساءَلُ، بكلِّ مَرارة، عن سَببٍ يَملِكُ الحَدَّ الأَدنى منَ الإقناعِ لِوُجودِ وَزارةٍ تُسمّى وَزارةَ التّموينِ والتِّجارةِ الدّاخِليّةْ، مادامَتْ غيرَ قادِرةٍ على فِعلِ أيِّ شَيءٍ تِجاهَ الغَلاءِ الذي يَزدادُ تَفاقُماً كلَّ يَومْ!.
في الحَقيقَةِ: لم يَبْقَ أَيُّ دَورٍ ذي قيمةٍ – مَهما تَكنْ بَسيطَةْ – في عَملِيّةِ ضَبْطِ أَيّةِ أَسعارٍ لأيّةِ سِلْعةٍ منَ السِّلَعِ التي يَحتاجُها أَيُّ مُواطِنٍ تَمّ إِفقارُهُ بِقُدرةٍ غَيرِ مَنظورةْ، حتى صارَتْ (قَضيّةُ العَوَزِ والقِلّةِ المُريعَةْ) تَشمَلُ نَحواً منْ تِسعينَ في المِئةِ منَ الشَّعبِ في سوريّةْ، إنْ لَمْ تَكنِ هذِهِ النِّسبَةُ أَعلى!.
وهكذا، في الواقِعِ، لم تعُدْ سُوريّةُ الآنَ بِحاجةٍ بَتاتاً إلى هذِهِ الوزارةْ، ومنَ الأَفضَلِ أَنْ تُلْغى، وأنْ يُلحَقَ مَنْ هُمْ مُوظَّفونَ فيها بباقي الوَزاراتِ الأُخْرى، لأَنّها لم تَعُدْ أَكثرَ منْ مُجَرَّدِ “برواظٍ” بِلا فائِدةْ!.
أَمّا تَصريحُ السَّيّدْ مُعاوِنِ وزيرِ الكَهرَباءِ على شاشة إِحدى الأَقنيَةِ المَحلِّيَّةِ أَنّهُ – بَعدَ زِيادَةِ الراتِبِ “مِئَةً في المِئَةْ”! – (صار بإمْكانِ المٌواطِنِ أنْ يَقومَ بتَركيبِ مَنظومَةٍ كَهرَبائيَّة) كامِلةٍ طبعاً، أَيْ نَعم: (مَنظومَةً كامِلَةْ)، هكذا وبِكُلِّ جِدّيَّة!.
وبالطّبْعِ كانَ يَعرِفُ أَنّهُ لايَقولُ الحقَّ او الصِّدقْ، بلْ كانَ يَعتَقِدُ أَنّهُ، بِما قالَ، قَد يَكسَبُ رِضى الجِهاتِ المَسؤولَةِ.. ليسَ أْكثَرْ!.. وربّما هوَ قد أَثارَ سُخرِيَةَ كَثيرينَ مِمّنْ تحمّلوا غَباءَ تَصريحِهِ هذا خِلالَ رُؤيتِهِ في ذلكَ اللِّقاءِ مَعَهْ، مِمّنْ تَحمَّلوا مَغبَّةَ رُؤيَةِ سَعادتِهِ وهو يُدْلي بتَصريحِهِ ذاكْ!.
فلقد نَسيَ حَضرَتُهُ أنَّ الزِّيادَةَ لأَحسنِ موظفٍ عاديٍّ لم تَزِدْ عموماً على أكثر من مِئةٍ وخَمسينَ أَلفاً بَعدَ مالا بُدَّ أنْ يُقتَطَعَ مِنْها تحت بُنودِ تَسمِياتٍ عَديدَةْ، ناهيكَ عَنْ بُنودٍ أُخرى نَجهَلُها، وبالتالي: فإنَّ المُوظّفَ قد يَتمَكّنُ بها، إنْ كانَ على جانِبٍ كَبيرٍ من قُوّةِ القَلبِ أنْ يُنعِمَ على أُسرَتِهِ في كلِّ شَهرٍ بِما يُساوي نِصفَ فَرّوجٍ معَ بَعضِ ماقد يَقدِرُ عَلَى جَلبِهِ منْ مُقبِّلاتٍ مُتَواضِعةٍ في كِلْتا المَرّتَينْ!.
ولقدْ أَثارَ السَّيدُ مُعاوِنُ الوَزيرِ ذاكْ: غَضَباً وغَيظاً
شَديداً منْ بَعضِ مَنْ شَهِدوا تلك المُقابلَةْ، بَينَما أَثارَ لَدى آخَرينَ سُخرِيةً لاذِعةً على ماقالَهُ مِنْ آخرينَ أُخمِّنُ أنّهم كُثُرٌ جِدّاً بالنِّسبَةِ لِمَنْ شاهَدوا مُقابَلَتَهُ تِلْكْ!. وهو ربّما يظنُّ القَناعَةَ بأنَّ حَضرتَهُ قد ولّدَ قَناعةً لَدى مَنْ قَرؤوهُ بِأَنَّ بَينَهُ وبَينَ فَهمِ (قَضايا كَهرَبةِ الأكثَريّةِ الّتي أُفقِرَتْ) مِنَ الشَّعبِ ما لاحَدَّ لهُ مِنْ سُوءِ فَهمِ أَحْوالِها المُترَدّيَةِ إِلى دَرجةٍ تَكادُ لاتُطاقْ!.
وهُنا لابُدَّ لَنا منَ التَّوقُّفِ عنْ قَولِ أيِّ شَيءٍ آخَرَ، بَعدَما أَتاحَ لنا اقْتِراحُ السيّدْ مُعاونِ
وَزيرِ الكهرباءِ فرصةً لبَعضِ الضَّحِكْ، ولَو أَنّهُ على طَريقَةِ: (شَرُّ البَلِيّةِ مايُضحِكْ)!.
وَهُنا أيضاً، لابُدَّ لَنا من شُكرِ وزارةِ الكَهرَباءِ على أنَّها حَرَمَتْنا مِنْ مُشاهَدَةِ التّلِفِزيونْ، وأراحَتْنا منْ سَماعِ نِفاقِ القَولِ عَنّا (أَنَّنا بِخَيرٍ، وأنّنا: سُعَداءُ أَيْضاً)!.
(سيرياهوم نيوز)