آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » أُكل الأرمن يومَ انشغلوا بـ«الإبادة»: قره باغ «اندثرت»… ماذا الآن؟

أُكل الأرمن يومَ انشغلوا بـ«الإبادة»: قره باغ «اندثرت»… ماذا الآن؟

| محمد نور الدين

«لا تحرق الجمرة إلّا موضعها»؛ يقول المثل الذي ينطبق هذه الأيام على النكبة التي ألمّت بأرمن ناغورنو قره باغ بعدما لم يبقَ أحد منهم في الإقليم، الذي ظلّ، على مدى ألفَي وخمسمئة عام موطنهم الأصلي، على حدّ قول مؤرّخي العصور القديمة. ولأن الكارثة الكبرى لا تزال تشهد فصولها الأخيرة، فإن مشاعر الغضب والحزن تطغى على المقاربات الفكرية والسياسية المتعلّقة بالقضيّة الأرمنية من كلّ جوانبها. فما حصل في قره باغ والقوقاز الجنوبي منذ عام 2020، يأتي في إطار كرة ثلج تتدحرج وتكبر لمصلحة كلّ من آذربيجان وتركيا على حساب أرمن القوقاز في قره باغ وأرمينيا، فيما لا يمكن التكهّن متى أو أين سيتوقّف هذا التدحرج.

وفي هذا الجانب، يكتب فيكين شيتيريان، في صحيفة «آغوس» الأرمينية الصادرة في إسطنبول، أن «الأرمن، وبدلاً من أن يلعبوا وفقاً لقواعد اللعبة السياسية ويخلقوا واقعاً مؤثّراً ويحصدوا نتائج ملموسة، انشغلوا بمسألة الاعتراف بالإبادة… والنتيجة كلام بكلام. والخطأ المميت، أن المسؤولين الأرمن لم يتعقّبوا المتغيّرات التي كانت تحصل في السياسات الدولية». و«من دون أيّ بوادر استفزاز من الجانب الأرميني، كان الجيش الآذربيجاني يشنّ عدواناً واسعاً على قره باغ صبيحة الـ19 من أيلول، ممهّداً له بقصفٍ استخدم فيه المسيّرات التركية والإسرائيلية الصنع، ومن ثمّ المدافع وصواريخ “لورا” إسرائيلية الصنع التي سقطت في جميع أنحاء قره باغ، قبل أن يتقدّم الجيش الآذربيجاني برّاً، قاطعاً الطرق، ومحاصِراً المدن والقرى»، بحسب الكاتب نفسه، الذي يقول إن باكو «كانت تحضّر لهذا العدوان منذ وقت طويل. فقد قطعت ممرّ لاتشين، ومنعت المواد الغذائية والحاجيات الإنسانية من الدخول إلى قره باغ. وحين وجدت أن قوات حفظ السلام الروسية لم تتدخّل، قرّرت شنّ الهجوم على المنطقة»، كاشفاً عن أن «11 طائرة من طراز “إيليوشن 16” حطّت، منذ آذار الماضي، في باكو محمّلة بـ40 طناً من السلاح الآتي من إسرائيل». أمّا تركيا، كما يقول شيتيريان، فقد «شاركت مباشرةً في حرب عام 2020، والآن عبر مسيّراتها، وهي التي تحاصر أرمينيا منذ 30 عاماً»، فيما الموقف الأوروبي «لم يكن غامضاً، بل إن مسؤولة المفوضية، أورسولا فون دير لايين، ذهبت، باسم كلّ أوروبا، إلى باكو، في تموز الماضي، من أجل الغاز الطبيعي». لكن الجانب المؤلم، وفق شيتيريان، هو «الانقسام الداخلي في أرمينيا بعد ما سُمّي “الثورة المخملية” لنيكول باشينيان. ومع أن هزيمة 2020 وفّرت فرصة للوحدة الوطنية، لكن ذلك لم يحصل، ولم يدرك قادة الأرمن أنهم يخسرون الوطن. حتى في الحرب الأخيرة، لم تتقدّم أرمينيا لمساعدة قره باغ».

وفي «جمهورييات»، يتحدّث سرتاتش إش عن الخاسرين والرابحين في النزاع الأخير، ليقول إن «الإعلام الغربي مليء بالمغالطات»، وإن «فرنسا كانت من أبرز الخاسرين، فجاء ردّ باكو سريعاً بأنها ستدعم الدول المناهضة للهيمنة الفرنسية. أمّا الولايات المتحدة، فقد حوّلت القوقاز إلى حقل تجارب، ودعمت باشينيان ليبقى على رِجْليه، فيما كان اهتمام سامانتا باور، رئيسة “وكالة التنمية الدولية الأميركية”، بالمهاجرين من قره باغ كبيراً جداً. وفي الوقت نفسه، ومن أجل الموازنة، لم تنبس ببنت شفة ضدّ وحدة الأراضي الآذربيجانية». بالنسبة إلى إش، لا يعني اجتماع غرناطة المرتقب عقْده بعد غدٍ الخميس بين علييف وباشينيان «ضمان التطبيع»، ذلك أن «ردود الفعل الغربية على آذربيجان في المرحلة المقبلة، قد تتحوّل إلى اتهامات لباكو بـ”الإبادة الجماعية” ضدّ أرمن قره باغ، على غرار اتهام تركيا بـ”الإبادة” في عام 1915. وعلى آذربيجان أن تكون مستعدّة لذلك». ويرى الكاتب أن «للتطبيع بين باكو ويريفان، تأثيرات على أنقرة. فأرمينيا في ذروة الهوس بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ولكن كيف يمكن لتركيا أن توافق على انضمام بلد يَعتبر أرمينيا الغربية (شرق الأناضول) جزءاً من حدوده في الدستور الأرميني. وحينها، ستكون تركيا، المنشغلة الآن بعضوية السويد في الحلف، أمام ضغوط أكبر وأخطر».

ما حصل في قره باغ والقوقاز الجنوبي منذ عام 2020، يأتي في إطار كرة ثلج تتدحرج وتكبر لمصلحة كلّ من آذربيجان وتركيا

وعن لقاء غرناطة أيضاً، يرى أوزاي شيندير، في «ميللييات»، أنه «سيكون مهمّاً، ولكن كيف يمكن له أن ينعقد برعاية رئيس فرنسا، والمستشار الألماني، ورئيس الاتحاد الأوروبي، في حين سينعقد البرلمان الأوروبي اليوم الثلاثاء لبحث الوضع في قره باغ، ويوم الخميس لإصدار بيان ضدّ آذربيجان؟»، معتبراً أن «هذه ليست سوى ديبلوماسية حمقاء، ولا تحلّ أيّ مشكلة. أوروبا ليست في نيّتها حلّ المشكلة، وكل ما تتوخّاه أن تكون في الصورة ليس أكثر». وفيما يتأكد يوماً بعد آخر أن «ممرّ زنغيزور» والصراع عليه، سيكونان واحداً من أبرز عناوين المرحلة المقبلة، فإن ما قاله علييف خلال اللقاء الذي جمعه إلى نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، في نخجوان، قبل أيام، من أن «منطقة زنغيزور (التي تقع في جنوب أرمينيا وتحدّها إيران)، كانت آذربيجانية قبل مئة عام»، حمل إشارات في غاية الخطورة. وفي ما تقدَّم، تهديد واضح لأرمينيا بأنها إذا لم توافق على تطبيق اتفاق العاشر من تشرين الثاني 2020 في شأن إقامة الممرّ، فإن باكو ستتحرّك ليس فقط لإرغامها على شقّ الممرّ، بل للتقدّم واحتلال تلك المنطقة بذريعة أنها كانت آذربيجانية. وما يُخشى منه أيضاً، أن معارضة يريفان لبعض شروط آذربيجان وتركيا في شأن التطبيع معهما، قد يستدرج الأخيرتَين إلى تعريض سيادة وسلامة أرمينيا نفسها للخطر. وهنا، تتساءل صحيفة «أغوس» عن سبب إصرار باكو وأنقرة على شقّ «ممرّ زنغيزور»، مشيرةً، في افتتاحيتها ليوم السبت، إلى أن «المعارك في قره باغ يبدو أنها توقّفت، ولكن التوتّر لم ينتهِ بعد. فالأرمن في الإقليم وجدوا أنفسهم أمام نظام علييف، فغادروا قوافل إلى أرمينيا. وهذا الخوف له ما يبرّره»، وخصوصاً أنه بات يُنظر تركياً إلى «ما يجري اليوم على أنه انتقام وثأر ممّا جرى في مطلع التسعينيات للآذربيجانيّين على يد الأرمن».

وفي سياق هذا المشهد، دفعت أنقرة وباكو إلى الواجهة مسألة «ممرّ زنغيزور» الذي يصل تركيا بآذربيجان عبر الأراضي الأرمينية. وفي حين أن يريفان ليست ضدّ فتح أقنية مواصلات وتواصل، لكنّها لم توافق على شقّ ممرّات تحرمها من حقّ السيادة عليها، وفق الافتتاحية، التي تبيّن أن «علييف وإردوغان يستغلّان ضعف أرمينيا العسكري والتوتّر بينها وبين روسيا من أجل أن يبصر الممرّ النور، وهو ما عكسته تصريحاتهما في لقاء نخجوان»، لتقول أخيراً إن «أنقرة وباكو في صدد فتح ممرّ مباشر بين تركيا وآسيا الوسطى. ألا يمكن القول إن هذا مرتبط بالتطلّعات التوسّعية لكلّ منهما؟».
أمّا دينيز كيليسلي أوغلو، فتقول، في «ميللييات»، إن «مسألة ممرّ زنغيزور صعبة ومعقّدة. وسيكون أطرافها أرمينيا وروسيا وآذربيجان وتركيا وإيران. بالنسبة إلى باكو، هناك إمكانية لوصل البلاد جغرافيّاً بنخجوان. وبالنسبة إلى يريفان، هي مسألة سيادة، أمّا بالنسبة إلى طهران، فهي مسألة خسارة نفوذ». وتضيف كيليسلي أوغلو أن «الممرّ له بُعدان أساسيان: طبيعة وضعه القانوني، ومَن سيضمن أمنه. أرمينيا ترفض أن يُطلَق على المشروع اسم ممرّ، بل طريق، وهناك فارق في التعبير القانوني بينهما. فبعد عام 2020، أشار الاتفاق الأرميني – الآذربيجاني إلى استحداث ممرّ، من دون تحديد مواقع مروره. وأرمينيا في موقف صعب بين قبول الرقابة الروسية عليه أو عدم قبولها». أمّا إيران، فهي معنية أولاً بنفوذها، وثانياً بالتأثير الاقتصادي السلبي عليها في حال إقامة الممرّ، حيث تَدخل عبرها، راهناً، 500 شاحنة تركية يوميّاً تقطع ألفي كيلومتر وتدفع 800 دولار عن كلّ شاحنة، فيما ترفض الجمهورية الإسلامية رفضاً قاطعاً أيّ قطْع لحدودها مع أرمينيا. وفي ما يتعلّق بتركيا، فإنها قد لا تعارض «ممر آراس» البديل داخل إيران، «ولكنه سيكون آخر الخيارات. وتعرف باكو وأنقرة أن أيّ ضغط عسكري على يريفان سيُعتبر انتهاكاً للسيادة الأرمينية». وبحسب الكاتبة، فإن «روسيا ستحاول أن تَظهر دائماً بمظهر الأخ الأكبر في المنطقة، فمن دون موافقتها، لا يمكن فتح زنغيزور، ولا يمكن أن يُعطى الضوء الأخضر لفتحه من دون أن تكون القوات الروسية هي الضامنة له. ممرّ زنغيزور يحتاج إلى ديبلوماسية دقيقة وماهرة جدّاً من أجل إمكانية فتحه».

 

 

سيرياهوم نيوز3 – الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بوتين: واشنطن تدفع نحو صراع عالمي.. ونجحنا في اختبار صاروخ “أوريشنيك”

  الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يقول إن الولايات المتحدة تدفع العالم نحو صراع عالمي، ويؤكد أن تدمير مصنع الصواريخ الأوكراني تم بصاروخ باليستي روسي فرط ...