آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » العروبة والهلال الخصيب: حول دراسة علاء اللامي

العروبة والهلال الخصيب: حول دراسة علاء اللامي

| وجدي المصري

[هذا النص رأي حول دراسة علاء اللامي والّتي نُشرت في «الأخبار» في 18 تموز 2023 تحت عنوان «العرب والآراميون في ممالك الشمال القديمة: عربايا مثالاً»]

درج الكثير من الدارسين والمؤرّخين، عند الحديث عن منطقة الهلال السوري الخصيب، إلى إلغاء التاريخ السوري الّذي يعود إلى آلاف السنوات قبل يسوع، وفرض مفهوم العروبة بشقّيه القومي والثقافي على هذه البيئة المميّزة والّتي يعتبرها الجغرافيون بيئة قائمة بذاتها، خاصّة عندما يتكلّمون عن العالم العربي فإذا هو برأيهم أربع بيئات طبيعيّة: الجزيرة العربيّة، وهي بالطبع ليست المملكة العربية السعودية فقط بل اليمن والإمارات وقطر وعمان والبحرين، الهلال الخصيب أو سورية الطبيعيّة، وادي النيل أي مصر والسودان، والمغرب أي ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا.

ووصل الأمر بمعظم الدارسين إلى ترويج فكرة أنّ كلّ الأرض الّتي احتلّها العرب بذريعة نشر الدين الإسلامي والّتي فرضوا على شعوبها ليس فقط دينهم وإنّما لغتهم أيضاً، أصبحت وحدة جغرافيّة وبالتالي كلّ من سكن فيها من المحيط إلى الخليج أصبح عربياً. وبدأت هذه الفكرة تراود بعض الكتّاب مع نهاية القرن التاسع عشر واشتدت مع بداية القرن العشرين وبدأت تتبلور أكثر فأكثر بعد الحرب العالمية الأولى. واعتمد الكتّاب الّذين نادوا بالقوميّة العربيّة الجامعة لسكان العالم العربي على الدين واللغة كعاملين أساسيّين لنشوء الأمّة وهما في الواقع نتيجة لنشوء الأمّة وليسا سبباً على الإطلاق.
يقول أنطون سعادة في كتابه العلمي القيّم «نشوء الأمم»: «الأمّة تجد أساسها، قبل كلّ شيء آخر، في وحدة أرضيّة معيّنة تتفاعل معها جماعة من الناس وتشتبك وتتّحد ضمنها». ثمّ يضيف قائلاً: «الأمّة جماعة من البشر تحيا حياة موحّدة المصالح، موحّدة المصير، موحّدة العوامل النفسيّة-الماديّة في قطر معيّن يُكسبها تفاعلها معه، في مجرى التطوّر، خصائص ومزايا تميّزها عن غيرها من الجماعات». من هذين التعريفين اللذين يكمّلان بعضهما نلاحظ قوله في التعريف الأوّل بأنّ الأساس، قبل كلّ شيء آخر، هو الوحدة الأرضيّة أيّ البيئة الجغرافيّة الطبيعيّة، ثم أوضح في التعريف الثاني أنّ التفاعل بين جماعة من البشر مع البيئة الجغرافيّة الواحدة (قِطر معيّن) الّتي يتواجدون فيها ينتج عنه، في مجرى التطوّر، خصائص ومزايا تصبغ هذه الجماعة بطابع خاص يساهم في مجرى التطوّر هذا بإعطاء هذه الجماعة ميزات خاصّة تشكّل علامة فارقة بينها وبين الجماعات الأخرى. والدين واللغة يُعتبران إحدى نتائج نشوء الأمّة وتفاعل أبنائها مع محيطهم الجغرافي وفي ما بينهم، ما يقوّي وحدة المصالح ووحدة المصير ووحدة العوامل النفسيّة الماديّة.

دراسة السيد علاء اللامي الّتي بين أيدينا تجاوزت برأيي المفاهيم السابقة الّتي حاول الدارسون من خلالها تجاوز ما كان معروفاً من نظريات في علم الاجتماع حول نشوء الأمم والّتي تمخّضت عن شعور كلّ جماعة في أوروبا بشخصيّتها المستقلّة والمميّزة فإذا بالمفكّرين يركّز بعضهم على العرق، أي السلالة، والبعض الآخر على الرابط الدموي، وآخرون على المبدأ الروحي (رينان وشبنفلر) ومنهم (منشيني) قدّم عامل الأرض على غيره. أمّا أنطون سعادة، ومن خلال التعريفين اللذين ذكرتهما، كان الأكثر موضوعيّة، إذ جاء تركيزه في عملية نشوء الأمّة على عاملين أساسيين هما الأرض والجماعة بحيث إنّ تفاعل الجماعة مع الأرض وما تقدّمه من معطيات ماديّة ومناخيّة، وتفاعل أبناء الجماعة الواحدة، أو الجماعات المتعاقبة على البيئة الجغرافيّة الواحدة في ما بينهم، كل ذلك يؤسّس لوحدة المصالح والمصير والعوامل النفسيّة والماديّة. لذلك نجد تفاوتاً بين استجابة الجماعات البشريّة القديمة التفاعليّة بين ما قدّمته لها البيئة الجغرافيّة من ناحية والبيئة السكانيّة من ناحية ثانية، وهذا ما أدّى إلى قيام حضارات متقدّمة زمنياً وفعلياً في بعض البيئات وهذا ما لم يحدث في بيئات أخرى.
موضوع التجاوز يكمن في أنّ السيد اللامي حدّد لنا في مطلع دراسته نوعيّة المقاربة التحليليّة لمفهوم الهويّة الحضاريّة/الثقافيّة مؤكّداً أنّ دراسته تعتمد على المفهوم «الأناسي الأنثروبولوجي للدول والمجتمعات موضوع البحث، في تعارض جوهري مع مفهوم “الهويّة القوميّة” بمحتواه العرقي الإثنولوجي، وعلى هذا المفهوم الحضاري الثقافي ينبني تعريفنا لهويّات مجتمعات ودول سادت ثمّ بادت في شمال العالم العربي الآسيوي، وتحديداً في منطقة الجزيرة الفراتيّة الممتدّة من جنوب جبال طوروس شمالاً ونزولاً حتّى خط الفلّوجة تكريت شمال بغداد».

وكأنّي بالسيد اللامي يحاول فرض نظريّة جديدة حول مفهومَي نشوء الأمّة والقوميّة، إذ كيف يمكن أن نفهم الحضارة/الثقافيّة بعيداً عن تحديد الهويّة القوميّة؟ لا يبدو أنّ السيد اللامي يتحدّث عن العولمة وتجاوز كلّ الحدود الّتي فرضها تبلور شعور الجماعات بالخصائص المميّزة الّتي طبعت كلّ جماعة بطابع خاصّ يميّزها عن غيرها، خاصّة أنّه ذكر في متن دراسته ما يلي: «فالراجح أنّ مملكة الرها كانت ثنائيّة القوميّة مع غلبة للآراميين. أمّا الحضر، فكانت ذات غالبيّة عربيّة ولغتها المكتوبة هي الآراميّة الّتي حلّت بأبجديّتها الصوتيّة السهلة محل الكتابة المسماريّة المقطعيّة الرافدانيّة المعقّدة». وهو يقول في مكان آخر ما يلي: «معنى ذلك أنّنا لا نأخذ مقولة الهويّة الحضاريّة بماهيتها العرقيّة الّتي سادت وشاعت في العصر الحديث. ففي سهول الشرق القديم، تنعدم حالات الصفاء العرقي». وهذا الكلام يدلّ على أنّ السيد اللامي لم يلتزم بالمقاربة الّتي أطلقها أي الاعتماد على الناحية الحضاريّة/الثقافيّة بل نجده هنا يعتمد على العرقيّة بتحديده للانتماء.
ولا بدّ هنا أن نشير أيضاً إلى أنّ حالات الصفاء العرقي غير موجودة عند كلّ الشعوب وليس فقط في سهول الشرق القديم. الصفاء العرقي كان موجوداً عند بدايات التجمّع البشري على أساس عائلي، ومع الانتقال إلى الأساس القبلي وبدء النزاعات والحروب بين القبائل، وبعدها بين المدن/مملكة، سقط هذا الأساس وبدأ تأثيرها يخف حتّى بات منقرضاً في أيامنا هذه وبتفاوت ما بين الأمم أو الجماعات البشريّة.

ثم يضرب الكاتب على وتر حسّاس جداً وهو أنّ أبناء الأقليّات القوميّة متشدّدون قومياً، كالآشوريين والكلدانيين، بحيث إنّهم «ينفون أي مظهر حضاري له علاقة بالعرب في هذه الممالك (الرها والحضر) والإمارات البائدة، يمكن اعتبارهم الضدّ النوعي العاطفي شكلاً للقوميين العروبيين الذين يعتبرون كلّ الشعوب الجزيريّة “السامية” بدءاً من الأكاديين ومروراً بالآشوريين والكلدانيين وانتهاء بالآراميين، عرباً لا يجوز التشكيك في عروبتهم».
وعلى هذا الكلام لدينا عدّة ملاحظات، أوّلاً من الخطأ الاجتماعيّ اعتبار الآشوريين والكلدانيين أقليّات قوميّة، إذ أنّهم موجودون في سورية منذ ما يزيد على ألفي سنة، فهم نسيج من مكوّنات الأمّة، والقبائل العربيّة الّتي تركت موطنها في الجزيرة واستقرّت في بلاد ما بين النهرين شكّلت أيضاً نسيجاً واحداً تفاعل مع بيئته وتطوّر على مختلف المستويات الحضاريّة. واستمرّ هذا التطوّر بالرغم من كلّ العوامل السياسيّة الّتي اجتاحت سورية من غزو الفرس واليونان والرومان والعرب والمغوليين والعثمانيين الأتراك وصولاً إلى أيامنا أي عصر الإنكليز والفرنسيين والأميركيين. إنّ بلوانا هي بالتزوير الّذي لحق بتاريخنا وحضارتنا الّتي وُسمت بالعروبة دون وجه حق. فالممالك العربيّة القديمة، أي الرها والحضر وتدمر والبتراء وبعد هذه بقرون ممالك الغساسنة والمناذرة، لا يمكن اعتبارها عربيّة إلّا من ناحية انتمائها الأوّل إلى جزيرة العرب، أمّا بعد إقامتها فوق تراب البيئة السوريّة فقد أصبحت سورية الانتماء قومياً وحضارياً وحتّى لغويّاً.

يستشهد الكاتب بما أورده المؤرّخ طه باقر في كتابه «مقدّمة في تاريخ الحضارات القديمة» حيث يقول: «إنّ ما سنذكره عن الأقوام الّتي استوطنت وادي الرافدين وأسهمت بالأدوار الرئيسيّة في بناء حضارته سيقتصر بالدرجة الأولى على الجوانب اللغويّة وليس بما يطلق عليه الجنس أو الرّس (Race)». وبما أنّه ذكر سابقاً أنّ مملكة الرها تداولت باللغة الآراميّة وليس العربيّة فهذا يؤكّد أنّ القبائل العربيّة الّتي نزلت واستوطنت أرضاً سورية تأقلمت مع البيئة الجديدة حتّى من الناحية اللغويّة، وتفاعلها أصبح مع محيطها وبيئتها الأساسيّة، وهذا ما لم يثبته أحد من الدارسين، فلم تكن هذه العلاقة منطلقة من ذات المفاهيم الحضاريّة بل من المفاهيم الحضاريّة السوريّة الجديدة الّتي استوعبتها هذه القبائل وتفاعلت معها نتيجة الانفتاح الحضاري الإنسانيّ السوري. وإذا كانت هذه الأقليّات «القوميّة» اليوم تجد نفسها غير قادرة على الاندماج مع مفاهيم القوميين العرب فلأنّ تفكير هؤلاء غير المألوف لم يستطع إقناع هذه الأقليّات بالتخلّي عن تاريخها وحضارتها الموغلة في القدم لصالح ما سُمّي بالحضارة العربيّة الطارئة والمرتكزة على الدين واللغة اللذيْن فُرضا بحدّ السيف.
والملاحظة الثانية تتعلّق بقول الكاتب: «ينفون أيّ مظهر حضاري له علاقة بالعرب في هذه الممالك والإمارات البائدة…»، إذ من واجبنا أن نتساءل عن المظاهر الحضاريّة الّتي جلبتها القبائل العربيّة معها فتفاعلت مع مظاهر سوريّة الحضاريّة؟ هل كان لدى العرب أيّ تميّز بنوع من أنواع العلوم الّتي كانت سوريّة متقدّمة بها على أمم العالم كالطب وعلم الفلك والرياضيات على سبيل المثال؟ لم يذكر لنا التاريخ عن حضارة العرب شيئاً سوى الشعر، وفي هذه الحال تكون القبائل العربيّة الّتي استقرّت وأنشأت ممالك فوق تراب سوريّة قد تأثّرت وتفاعلت مع الحضارة السوريّة وليس العكس.

والملاحظة الثالثة تتناول قول الكاتب: «الّذين يعتبرون كلّ الشعوب الجزيريّة الساميّة بدءاً من الأكاديين ومروراً بالآشوريين والكلدانيين وانتهاء بالآراميين، عرباً لا يجوز التشكيك في عروبتهم، حيث إنّ الكاتب كمعظم الدارسين ما زالوا يؤمنون ببدعة السامية دون التدقيق في مفهومها الأساس ومفهومها المتداول حالياً. يعتقد البعض أنّ الشعوب السامية هي الّتي تحدّرت من سام بن نوح بعد نجاته مع أولاده من الطوفان استناداً إلى ما جاء في سفر التكوين من العهد القديم. إنّ ما ورد في هذا السفر، سواء لجهة خلق الكون، وتحديداً على الأرض، والإنسان، هو خيال أدبي نقضه العلم، ولم يعد يأخذ به إلّا البسطاء. يقول توماس طومسون في كتابه: «التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي»: «إنّ العهد القديم لم يكن تاريخاً تحوّل إلى خيال، بل خيالاً تحوّل إلى تاريخ». وترتفع اليوم أصوات بعض المؤرّخين والمفكّرين اليهود الذين يعتبرون كلّ ما ورد في الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم هو من قبيل الأساطير الّتي تناقلتها الشعوب القديمة كافّة، وخاصّة قصّة الطوفان. ونحن أبناء سورية، وبلاد ما بين النهرين تحديداً، مُلزمون بإظهار الحقائق التاريخية التي تفضح اليهود وسرقاتهم من حضارتنا وخاصّة عبر نقلهم عن أساطير شعوبنا القديمة الّتي اطّلع عليها كتبة العهد القديم في مكتبة آشور بانيبال في بابل. لم يعد جائزاً الأخذ بما هو وارد في العهد القديم من أنّ «هؤلاء قبائل بني نوح حسب مواليدهم بأممهم، ومن هؤلاء تفرّقت الأمم في الأرض بعد الطوفان»، ولأسباب عديدة أوّلها أنّ الطوفان كما يصفه العهد القديم مشابه بالتمام والكمال، مع القليل من الرتوش، بطوفان غلغامش، ما يؤكّد أنّه أسطورة وبالتالي كلّ ما نتج عنه يدخل في عالم الأسطورة. ونحن إن تجاوزنا الأسطورة وأكّدنا أنّ هذا الطوفان قد حصل، وأكّدنا أيضاً أنّ شخصيّة نوح تاريخيّة، لحقّ لنا أن نتساءل هل كان نوح وعائلته على علم بجغرافيّة الأرض كلّها وبمن هو عليها لكي يؤكّد أنّ الطوفان غمر الأرض كلّها وأباد الجنس البشري وأبقى على نوح وعائلته؟ أم أنّ هذا الطوفان كان محلياً وقضى على من كان يسكن في البقعة الّتي اجتاحها، خاصّة أنّ نوح كان الجيل العاشر بعد آدم، فماذا يقول العلم حول وجود الإنسان وتاريخ وجوده. عمر الأرض والإنسان حسب العهد القديم لا يتجاوز السبعة آلاف سنة وعمرها علمياً أربعة مليارات سنة، وعمر الإنسان لم يتحدّد نهائياً بانتظار اكتشاف المزيد من الهياكل العظمية حيث قرأت أخيراً عن اكتشاف جمجمة حُدّد عمرها بمليوني سنة، فكيف نوفّق بين العلم ومرويّات العهد القديم؟

يبقى أن أشير إلى أنّه ليس هناك في العهد القديم ولا في أيّ وثيقة تاريخيّة أي ذكر للشعوب السامية، فهذا المصطلح أطلقه أواخر القرن الثامن عشر عالم اللغات القديمة الألماني شلوزر للدلالة على اللغات ذات الأصول الواحدة في المشرق لأنّها أقدم اللّغات في العالم، وهي تسمية مجازيّة جاراه بها معظم الدارسين كوسيلة للتمييز بين اللغات القديمة. وهذا لا يعني أبداً أن نجاري العلماء الغربيين بكلّ ما استنتجوه، خاصّة أنّنا نجد الكثير من التضارب والتناقض بين نظرياتهم. وجاءت الصهيونيّة الحديثة لتستغلّ هذا المصطلح على الصعيد السياسيّ بما يخدم مصالحها وغاياتها، فأضحى هذا المصطلح يعني اليهود فقط وكأنّهم الوحيدون، فيما لو سلّمنا بأسطورة نوح، الذين تحدّروا من سام بن نوح. فكلّ من ينتقد سياسة إسرائيل الإجراميّة في الأراضي المحتلّة يُواجه بتهمة العداء للساميّة وتُشن عليه الحملات المسعورة بغية إسكاته وصولاً إلى تصفيته جسديّاً إن لزم الأمر. فبئس هذا المفهوم الّذي بات يهدّد حريّة الفكر والقول في كلّ أنحاء العالم.

ننتقل مع الكاتب إلى مقطع آخر عَنونه بـ«جدلية الكيانيّة الجغرافيّة والأخرى السياسيّة» فكتب: «إنّ الخلل في النظرة “التعقيميّة الاستئصاليّة” إلى هوية وماهية الدويلات القديمة في المنطقة، إذا وضعنا جانباً الدافع النفسي والأيديولوجي الكاره للعرب والمحاول الشطب على اسمهم وحضورهم، ينبع أساساً من عدم إدراك كنه العلاقة الجدلية بين الكيانيّة الجغرافيّة والأخرى الثقافيّة/الحضاريّة في سياقهما التطورّي، وتفاعل هاتين الكيانيتين، وتحوّل إحداهما إلى الأخرى بمرور الأزمان. وقد حدث هذا فعلاً حتى مع الكنعانيين الّذين قيل إنّ اسمهم لا يدلّ على شعب بهذا الاسم، بل على المنطقة “المنخفضة” الّتي عاشوا فيها».
وعلى هذا الكلام أيضاً لنا عدّة ملاحظات. يصرّ الكاتب على أنّ هناك توجهاً مقصوداً عند بعض الدارسين لشطب الحضور العربي الحضاري الّذي تجسّد فوق أرض سوريّة عبر بعض الممالك الّتي أسّستها بعض القبائل التي هاجرت من الجزيرة العربيّة، لسبب أو لآخر، واستوطنت بقعة ما فوق التراب السوري مركّزاً في دراسته على مدينتين/مملكتين هما الرها والحضر، ويشدّد على الكره الّذي تبثه بعض الأقلام ضدّ العرب. وهنا لا بدّ أن نؤكّد أنّ هذا الكره الّذي يتحدّث عنه الكاتب لم يكن له أثر في التاريخ القديم حتى بعدما سيطرت جحافل المسلمين على سورية ووادي النيل والمغرب. إنّ هذا الكره، الّذي لا أرى فيه سوى محاولة لوقف تزوير التاريخ والحضارة والحقيقة، لم يظهر إلّا مع مطلع القرن العشرين عندما بدأ الّذين يريدون التحرّر من ربقة الاحتلال العثماني بالكلام عن القوميّة العربيّة والّذي اقترن دائماً بالدين واللغة. إذاً، لا يمكن أن نسمّي ذلك كرهاً بقدر ما نسميه ردة فعل طبيعية على محاولات طمس الحضارة الأولى في العالم ونسبة كلّ إنجازاتها إلى العرب الذين لم يكونوا سوى طلاب حضانة على مقاعد الحضارة الإنسانيّة العالميّة. فالذنب ليس لمن أبدى ردة فعل على فعل سيّئ، بل على من كان سبباً رئيساً وراء هذا الفعل. فالكره جاء من أصحاب القومية العربية على الحضارات الّتي سبقت العرب بأشواط ولا سيما الحضارتين السورية والمصرية. ولو كان هؤلاء واقعيين لاستوعبوا فكر أنطون سعادة ولسعوا إلى الوقوف بوجه الاستعمار ومخططاته التفتيتية لكل بيئاتنا الطبيعية منطلقاً من مقولة فرّق تسد. وكان على هؤلاء أن يعملوا على إعادة توحيد هذه البيئات الطبيعية وإنجاز جبهة في ما بينها تكون سداً منيعاً أمام كلّ متطاول على سيادة إحدى البيئات.

أمّا محاولة الربط بين الكيانية الجغرافية والثقافية الحضارية فقد نقضها الكاتب نفسه عندما اعترف بأنّ إحداهما ستتحول إلى الأخرى بعامل مرور الزمن. وهذا التحول دائماً كان لصالح الكيان الجغرافي المستقبِل للوافد عليه والعكس ليس صحيحاً، وهذا ما يفرضه منطق التاريخ والجغرافيا والاجتماع. أمّا قوله وهذا ما حدث للكنعانيين الّذين أخذوا اسمهم من المنطقة الّتي عاشوا فيها فأقول بأنّ هذا أيضاً هو منطق التاريخ والجغرافيا والاجتماع فكلّ شعب أخذ اسمه من اسم أطلقه على الأرض الّتي حل فيها ولم تُسمّ الأرض على أسماء الشعوب وهذا واضح على امتداد دول العالم. أمّا إذا كان الكاتب يشير إلى أنّ البعض يعتقد بأنّ أرض كنعان سُمّيت كذلك نسبة إلى كنعان بن حام بن نوح حسب توزيع الأرض الّذي ورد في مخطوطات البحر الميت ولم يرد أبداً في العهد القديم، فنقول له ما بني على خيال ليس إلّا خيالاً لم تعطنا بواطن الأرض لغاية اليوم أيّ وثيقة تثبت هذا الادّعاء. إنّها محاولة خسيسة ودنيئة من بني إسرائيل ليُثبتوا ملكيتهم لبلادنا بناءً على وعد إلهي خيالي ما ورائي. ثم يعود الكاتب ليخلط بين مفهومي الكيانيّة الجغرافيّة والأخرى الحضارية ولا مجال للفصل بينهما لأنّه لا حضارة خارج الحيّز الجغرافي.
وبالانتقال إلى عنوان جديد هو «هويّة مملكتَي الحضر والرها» موضوع دراسة الكاتب نجده يتساءل إن كنّا «إزاء مملكة واحدة أم مملكتين مختلفتين؟ هاتان المملكتان اللتان يصفهما بعض الباحثين بالعربيتين، فيما يصفهما البعض الآخر بالآراميّتين والسريانيّتين وينفي أي علاقة لهما بالعرب». ثم يستشهد بورود كلمات مثل عَرَبي وعرْبي وعُرْبي الخ وبعض الصفات الّتي وردت باللغة الآشورية لقائد حربي هو جنديبو أريبو أي الجندب العربي، وصولاً إلى التأكيد بوجود مملكتين وذكر أسماء بعض ملوكهما كأبجر العاشر في الأولى، وسنطروق الثاني بن عبد سميا في الثانية، وصولاً إلى قوله: «فالراجح أنّ مملكة الرها كانت ثنائية القومية مع غلبة للآراميين، أمّا الحضر فكانت ذات غالبية عربية ولغتها المكتوبة هي الآرامية التي حلّت بأبجديتها الصوتية السهلة محل الكتابة المسمارية المقطعية الرافدانية المعقّدة…».

أعود لأؤكّد على مسألتين: الأولى حول ثنائية القومية، إذ برأي الكاتب أنّ من يترك بلاده ليعيش في بلاد أخرى، أفراداً أو جماعات، فإنّه يحتفظ بقوميته ويتفاعل مع قومية الشعب الّذي لجأ إليه، وهذه الفكرة وإن كانت مقبولة مع بداية الهجرة فإنّها تنتفي مع الجيل الثاني حتّى ولو حافظ على لغة أجداده، لأنّ الانتماء هو ارتباط بالأرض وليس باللغة أو الدين. وبالتالي فإنّ القوميّة كما يحدّدها أنطون سعادة هي «يقظة الأمة وتنبّهها لوحدة حياتها ولشخصيتها ومميزاتها ولوحدة مصيرها. إنّها عصبية الأمّة». وعندما يبتعد الفرد أو الجماعة (القبيلة) عن البيئة الجغرافية الّتي نشأ أو نشأت فيها وينغرس في بيئة جديدة يجد نفسه منساقاً لمشاركة أبناء البيئة الجديدة مشاعرهم، ويغار على مصالحهم لأنّها تجسّد مصالحه، ويتفاعل اجتماعياً مع حياتهم لأنّها أصبحت حياته، ويخاف عليها لأنّها تشكّل الأمان الاجتماعي الوجودي له فمصيره أصبح مرتبطاً بمصيرها. وعليه يتخلّى رويداً رويداً عن قوميته الأساسيّة فيصبح انتماؤه مرتبطاً تلقائياً بانتماء من يحيطون به ويتفاعلون معه.
يقول الكاتب بعد ذلك بأنّه «عُثر على دليل آثاري يؤكّد عروبة الحضر» دون أن يذكر شيئاً عن هذا الدليل. ويستشهد بما كتبه د. يوسف فوزي ود. محمد روكان في كتابهما «آرامية العهد القديم» حيث كتبا بأنّ سكان الحضر كانوا «أخلاطاً من الآراميين والعرب ويبدو أنّ القبائل العربيّة كانت تشكّل غالبية سكّانها لذلك يُطلق عليهم اسم عربايا… لكنّ المعنى العام المؤكّد لعروبة الملك ورعيته لن يتغيّر كثيراً». فماذا يعني هذا الكلام غير تأكيد مكان قدوم هذه الجماعة دون الإشارة إلى مساهمتها الحضاريّة بمجال واحد في مجالات الحضارة المتعدّدة. أوَ ليس قوله هذا شبيهاً بقول البعض بأنّ الرئيس أوباما هو مسلم من أفريقيا، فهل غيّرت هذه الحقيقة الدينية انتماءه إلى أميركا ووقوفه إلى جانب مصالحها حتّى ولو تعارضت مع مصالح أجداده الأفارقة؟ هل منعته أصوله الإسلامية من الوقوف مع إسرائيل ضدّ الفلسطينيين المسلمين بأغلبيّتهم؟ وإذا كنّا نريد اعتبار هاتين المملكتين عربيتين لمجرّد أنّ تأسيسهما كان على يد قبائل عربية المنشأ، فلماذا لم تستعملا لغتهما العربية؟ بكل بساطة لأنّ اللغة العربية في ذلك الوقت لم تكن لغة مكتوبة كالعبريّة تماماً، لذلك تم استعمال اللغة الآرامية لأنّها «تحوّلت إلى لغة دولية في شمال غربي آسيا» كما ذكر الكاتب.

ثم يحاول الكاتب أن يُسقط مفهوم التقارب اللغوي ما بين الآرامية والعربية على المفهوم القومي فيعود ليؤكّد على الثنائية القوميّة «للممالك والإمارات الآرامية والعربية القديمة». ويقول أيضاً: «يمكن القول إنّ الآرامية بمثابة ابنة عم للعربية، وليست شقيقة مباشرة، فاللغتان ساميتان غربيتان». إنّ هذا الكلام يحتاج إلى إثباتات تستند إلى الوثائق المكتوبة أو على الأقل النقوش. وصلني نص منقوش باللغة القتبانية والتعليق يقول بأنّها لغة عربية جنوبية قديمة، ويحدّد بأنّها لغة مملكة قتبان اليمنية الّتي نشأت في النصف الثاني من الألفية الأولى قبل الميلاد، ويحدّد الخبر نسبها كما يلي: أفريقية-آسيوية-سامية-جنوبية-غربية-عربية جنوبية قديمة! ألا يُضفي هذا التحديد غموضاً غير متناهٍ بدلاً من التوضيح الصريح؟ إذ كيف تكون أفريقية وآسيوية في الوقت ذاته؟ وكيف تكون جنوبية-غربية وعربية جنوبية في الوقت ذاته أيضاً. أمّا القول بأنّها سامية دون توضيح وتحديد فهو يزيد الغموض غموضاً. أمّا الأصح وما بات متداولاً بين الدارسين الثقات فهو أنّ العربية والعبرية لهجات كنعانية، أيّ أنّهما ابنتا اللغة الكنعانية وليستا ابنتي عم. ومعروف أن الأبجدية الأولى هي الكنعانية القديمة الّتي تطوّرت إلى الآرامية ثم السريانيّة، وحروفها القديمة شديدة الشبه بالأحرف العربية والعبرية، ويقول بعض دارسي مخطوطات البحر الميت الّتي كُتبت ما بين القرن الثاني ق.م والقرن الثاني بعده أنّ بعضها مكتوب باللغة الآرامية وأنا أناشد دارسي اللغات القديمة الثقات للتأكد ما إذا كان بعضها أو كلّها مكتوب باللغة الآرامية وذلك لتشابه الأحرف بشكل كبير، خاصّة أنّ اللغة الآرامية كانت تُعتبر في ذلك الوقت لغة العالم القديم بأجمعه كما مرّ معنا.

أمّا لجهة المفهوم القومي فنعود لنؤكّد بأنّه ليست له علاقة باللغة لأنّ لغة أمة ما، كالآرامية السورية، أصبحت لغة الأمم القديمة كافة، فهل غيّرت هذه اللغة قومية هذه الأمم؟ بالطبع لا، وكذلك اللغة العربيّة، سواء منها القديمة أي لغة الممالك القديمة، أو اللغة الحديثة أي لغة قريش والقرآن كما يسميها البعض والتي فُرضت على البيئات الجغرافية الّتي احتلّها المسلمون، والّتي استند إليها القوميون العرب للتبشير بالقومية العربية من المحيط إلى الخليج طالما أنّ سكان هذه المنطقة الشاسعة يتكلّمون اللغة العربية. هل تساءل هؤلاء لماذا لم تُعتبر إسبانيا، أو على الأقل الأندلس، عربية طالما احتلّها العرب لـ800 سنة؟ ولماذا اختفت اللغة العربية بمجرد سقوط حكم المسلمين لها؟ والجواب بسيط وهو أنّ اللغة، وكما قلت سابقاً، لا علاقة لها بالانتماء القومي، ولأنّها بعيدة كلّ البعد عن اللغة الإسبانية، بينما قربها من الآرامية-السريانيّة سهّل لها الحلول مكانهما عندما أمر عبد الملك بن مروان بتعريب الدواوين. كتب فايز مقدسي: «إنّنا نستطيع التكلّم عن لهجات منوّعة صوتياً للغة واحدة فنقول لهجة دمشق ولهجة بيروت ولهجة فلسطين ولهجة بغداد على سبيل المثال. ولكنّنا لا نستطيع تسمية تلك اللهجات لغات طالما أنّها من أصل لغوي واحد. وممّا يزيد الأمر تعقيداً أنّ الناس في بلادنا يعتبرون أنّ أجدادنا القدماء كانوا يتحدثون اللغة العربية البدوية الفصحى… بينما نحن نعرف أنّ تجّار العربية كانوا يأتون للشام للتجارة (ومنهم النبي محمد) وأنّهم كانوا يتكلمون مع السوريين بالسورية وليس بالعربية». وإذا أردنا أن نكون موضوعيين لقلنا إنّه من الصعب جداً تحديد اللغة الأقدم وسنبقى ننتظر علماء الآثار وما سيُخرجون من باطن الأرض لتغليب نظرية على أخرى. لكن ما لا يمكن لأحد إنكاره هو أنّ أوّل أبجديّة هي الأبجدية الكنعانية، أتت بعدها الأبجدية الجبيلية التي أطلقوا عليها الأبجدية الفينيقيّة وهي تُعتبر تطويراً للأبجدية الأوغاريتية. وأن يكون تأثير اللغة الآرامية-السريانية على غيرها من اللغات، خاصّة العربية، تأثيراً كبيراً فهذا ممّا لا شك فيه حيث نجد آلاف الكلمات العربية العامية التي ما زلنا نستعملها في بلاد الشام تعود إلى أصول سريانية. ولكن هذا التأثير أو قل التفاعل ما بين اللغات لم يؤثّر على الشأن القومي إلّا، وكما ذكرت سابقاً، مع بداية القرن العشرين ومحاولة الكثيرين التخلّص من الاحتلال التركي فنادوا بالعروبة من خلال المفهوم الديني اللغوي (محمد عبده ورشيد رضا وغيرهما).

وحسناً فعل الكاتب عندما خصّص قسماً من بحثه للحديث عن الأدب العربي قبل الإسلام وتطرُّق الشعراء إلى مملكة الحضر، إذ يكاد يكون الشعر هو المظهر الحضاري الوحيد لهذه الممالك «العربية» التي نشأت فوق أرض سورية وتفاعلت مع سكانها، ولولا هذا الانتقال من البيئة الصحراوية إلى سورية «لما كان قُدّر لها أن تُظهر مزاياها العالية وتُنتج النتاج الثقافي العمراني الّذي دفع البشرية في مراقي الحياة الاجتماعية دفعة سيظل زخمها فاعلاً فعله ما دامت البشرية تتقدّم وترتقي» (أنطون سعادة-نشوء الأمم طبعة 1951 ص 131).
ويخصّص الكاتب فقرة خاصّة من دراسته لما سمّاه «النفي الأيديولوجي للحضور العربي»، وكأنّي به يصرّ على التجديف ضدّ التيار، فيقول عن مملكتَي الرها والحضر: «وعلى هذا، فإنّ الخلاف حول هويّتها وهل هي عربية أم آرامية (سريانية) فقط ولا علاقة لها بالعرب، هو خلاف نافل ولا يخلو من شحنة أيديولوجية وعاطفية معاصرة ولكنّها لا علمية. أمّا إضافة الفرس الآريين كمكوّن ثالث لسكان الحضر كما يفعل بيرتولينو فهو أمر لا يمكن القبول به بحثياً، فالفرس دخلوا المنطقة عدة مرات كجيوش غازية، شأنهم شأن الإغريق والرومان، لأراضي ممالك شعوب أخرى مختلفة عنهم لغة وهوية».
إنّه التخبط الفكري بامتياز، حيث شرحنا أنّ هويّة الجماعات تتحدّد في البيئة الجغرافية الّتي تحتضنهم، فإذا هم غيّروا هذه البيئة وانتقلوا منها إلى بيئة أخرى، فلا بدّ، مع مرور الزمن، أن يبدّلوا كلّ ما جلبوه معهم من بيئتهم القديمة إلى بيئتهم الجديدة من عادات وتقاليد ومفاهيم اجتماعيّة، ونظرة فلسفيّة إلى الحياة والكون والفن، وصولاً إلى تغيير اللغة. وهذا ما حصل للقبائل العربية القديمة التي دخلت سلمياً إلى سورية وأقامت ممالكها. وأقول سلمياً أولاً لأنّ التاريخ لا يذكر لنا أنّها دخلت بالقوة، وثانياً لأنّ المنطق التاريخي يقول بأنّها لو استعملت القوة لكانت ستواجه بالقوّة، ولا أعتقد أنّها كانت ستنتصر، إذ إنّها كانت ستواجه من قبل السكان الأصليين ومن قبل الرومان المحتلّين في ذلك الوقت. أمّا عندما يتحدّث عن الفرس ويحدّد أنّهم آريون فيكون قد خرج مجدّداً عمّا حدّده من طابع لهذه الدراسة يعتمد الهويّة الحضارية/الثقافية لا الهويّة القوميّة بمحتواها العرقي الإثنولوجي. إضافة إلى ذلك فهو عندما يقول بأنّ الفرس دخلوا المنطقة كجيوش غازية مختلفة عن أهالي المنطقة لغة وهوية، ألم يفكّر بأنّ هذا القول ينطبق على الجيوش العربيّة الإسلاميّة الّتي اجتاحت سورية ووادي النيل والمغرب وفرضت بالقوة الدين الجديد واللغة العربيّة؟ هل كان العرب المهاجمون ينتمون إلى الهويّة القوميّة نفسها ويتكلمون اللغة ذاتها الّتي كان يتكلّمها أهل سورية ووادي النيل والمغرب؟

أعتقد جازماً بأنّ من يحاولون اليوم بعث التراث السوري وسعيهم لإعادة اللغة السريانية، لا يُضمرون كرهاً للعرب بقدر ما يُضمر العرب الكره لسورية التاريخ، والحضارة الإنسانيّة الراقية، بل هم يتمسّكون بالجذور التي سعى العالم كلّه، وليس العرب فقط، إلى اقتلاعها ومحوها عن خريطة الوجود، وما نشهده اليوم على الأرض السورية وما شهدناه سابقاً على أرض الرافدين لخير دليل على ما أقول.

* كاتب وباحث

 

سيرياهوم نيوز3 – الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بعد الفيتو الامريكي على وقف القتل: خطوتان مجديتان

  ا. د. جورج جبور       الخطوة الأولى: *انتقال صلاحيات مجلس الأمن الى الحمعية العامة بموحب قرار التوحد من أجل السلم. يتخذ قرار ...