جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري التأكيد على أن الإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية المفروضة على سورية طالت كل مواطنيها في أبسط تفاصيل حياتهم اليومية وحالت دون حصولهم على احتياجاتهم المعيشية الأساسية بينما يدعي بعض ممثلي الدول الأعضاء زورا وبهتانا أن فرض هذه الإجراءات يأتي لـ “حماية المدنيين”.
وأشار الجعفري خلال جلسة غير رسمية لمجلس الأمن عقدت مساء امس عبر الفيديو بمبادرة من روسيا والصين وجنوب أفريقيا والنيجر وسانت فنسنت وغرينادين حول “إنهاء الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية” إلى أنه في الوقت الذي حققت فيه سورية إنجازات كبيرة في مواجهة الحرب الإرهابية الظالمة التي فرضتها عليها حكومات دول إقليمية وغربية معروفة وعملت على إعادة الأمن والاستقرار إلى معظم أرجاء البلاد تزداد يوما بعد يوم المعاناة التي يعيشها السوريون جراء الإرهاب الاقتصادي المتمثل بالإجراءات القسرية التي تفرضها الولايات المتحدة ودول غربية على الشعب السوري.
وأوضح الجعفري أن الإجراءات القسرية طالت كل مواطن سوري في أبسط تفاصيل حياته اليومية وحالت دون حصوله على احتياجاته المعيشية الأساسية وفي مقدمتها الغذاء والدواء والتجهيزات الطبية ووقود التدفئة كما حدت بشكل كبير من قدرة مؤسسات الدولة السورية وشركائها الإنسانيين على الاستجابة للوضع الإنساني والمعيشي وإعادة إعمار ما دمره الإرهاب وضمان العودة الآمنة والكريمة والطوعية للمهجرين واللاجئين ولاسيما في ظل الأعباء الجسيمة التي فرضتها الحرب الإرهابية والعدوان والاحتلال وسرقة موارد الدولة السورية وكذلك الظروف الناجمة عن انتشار وباء كورونا.
ولفت الجعفري إلى أن بعض ممثلي الدول الأعضاء يدعون زورا وبهتانا أن فرض الإجراءات القسرية يأتي لـ “حماية المدنيين” لا بل يروجون لمزاعم لا أساس لها حول وجود استثناءات إنسانية وطبية من هذه الإجراءات ويرسمون صورة خيالية زائفة تتعارض جملة وتفصيلاً مع الواقع المر الناجم عن إجراءاتهم القسرية وما رافقها من أعمال نهب للغاز والنفط والآثار والممتلكات العامة والخاصة والآليات والمحاصيل الزراعية وحرق ما لا يستطيعون نهبه منها.
وشدد الجعفري على أن الحرص الإنساني الذي يزعمه فارضو تلك الإجراءات لا ينسجم مع تجويع المدنيين وحرمان الأطفال من الحليب وحرمان المرضى من التجهيزات الطبية المنقذة للحياة كخيوط الجراحة وأجهزة التصوير الشعاعي والرنين المغناطيسي وغيرها والقائمة تطول مبينا أنه حتى برامج ومنصات خدمات الاتصال عن بعد والتعليم عن بعد التي يستخدمها ملايين الأشخاص حول العالم لأنها باتت تمثل حاجة ملحة في ظروف انتشار كورونا لم تسلم من هذه الإجراءات القسرية حيث أن “منصة زووم” المستخدمة اليوم في اجتماع مجلس الأمن على سبيل المثال لا الحصر تستثني سورية من قائمة الدول التي تستطيع الاستفادة من خدمات هذه المنصة وتحرم الأفراد والمؤسسات والمنظمات الدولية العاملة في سورية من الاستفادة من خدماتها.
وأعرب الجعفري عن شكر سورية للدول التي بادرت لعقد الجلسة ولمقدمي الإحاطات على مشاركتهم وإحاطاتهم المهمة ولكل من يرفع الصوت في مواجهة هذه الإجراءات التي تمثل عقاباً جماعياً للشعوب وانتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة وصكوك حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة 2030 لافتاً إلى أن الاستمرار في فرضها يعبر عن تجاهل تام ولا مبالاة من فارضيها لدعوات الأمين العام وكبار ممثلي الأمم المتحدة والمقررة الخاصة بضرورة رفع هذه الإجراءات وإنكارا لجميع الحقائق والوقائع التي تقدمها سورية والتي أورد مقدمو الإحاطات بعضا منها.
من جهته عرض الأمين العام للهلال الأحمر العربي السوري خالد العرقسوسي في مداخلة عبر الفيديو من دمشق بعض الأمثلة العملية عن تأثير الإجراءات الاقتصادية القسرية على الشعب السوري مؤكدا أن هذه الإجراءات التي فرضتها دول غربية تؤثر بشكل مباشر على الأطفال والنساء وجميع شرائح الشعب السوري الأمر الذي يتطلب رفعها لتجنيبه المعاناة الناجمة عنها وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها وضرورة عدم تسييس هذا الموضوع.
وأوضح العرقسوسي أن نظام الرعاية الصحية أصبح غير قادر بشكل متزايد على التعامل مع الاحتياجات المتزايدة بين المدنيين للرعاية الصحية الوقائية والعلاجية لافتاً إلى أن الإجراءات الاقتصادية تعوق جهود استيراد المعدات الطبية وقطع الغيار والأدوية وهذا يترك الهلال الأحمر العربي السوري باعتباره منظمة إنسانية في أزمة حقيقية لكنه رغم ذلك مستمر بتقديم المساعدة الانسانية اليومية المنقذة للحياة ودعم الناس أثناء محاولتهم إعادة بناء حياتهم بعد عقد من الأزمة.
وأشار الأمين العام للهلال الأحمر العربي السوري إلى أنه في مجال تقديم الإسعافات الأولية والإغاثة تعد المركبات مثل سيارات الإسعاف والشاحنات ضرورية لنقل المرضى أو توصيل مواد الإغاثة وتلك المركبات بحاجة إلى وقود لكن بسبب الإجراءات القسرية تواجه سورية دائما وصولاً غير مستقر للوقود ناهيك عن ارتفاع التكلفة ويؤثر هذا على جميع المستجيبين الإنسانيين بما في ذلك الهلال الأحمر العربي السوري ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في سورية.
ولفت العرقسوسي إلى أن الإجراءات الاقتصادية تشكل عاملاً رئيسياً يدفع أعداداً أكبر من السوريين إلى صفوف أولئك الذين يعتمدون على المساعدات بعد أن تأثرت سبل عيش الملايين منهم بشكل خطير هذا العام بسبب استمرار فقدان الفرص الاقتصادية وزيادة معدلات الفقر وهذا بالطبع يزيد الضغط على العمليات الإنسانية لاستيعاب تلك الأعداد المتزايدة من الأشخاص المحتاجين.
وأكد العرقسوسي أن الإجراءات القسرية المفروضة على سورية من دول مختلفة تسببت بآثار كبيرة على الأنشطة الإنسانية ولاسيما خطوط الدعم اللوجستي والقنوات المالية تماشياً مع السياسات الإنسانية الأوسع نطاقاً للأمم المتحدة والممارسات السابقة لمجلس الأمن الدولي مشيراً إلى وجوب الحفاظ على المساعدات الإنسانية القائمة على المبادئ من الآثار السلبية للإجراءات الاقتصادية.
وقال العرقسوسي: أعمل في المجال الإنساني منذ 28 عاماً ورأيت في بلدي أهوالاً ناجمة عن الإجراءات القسرية لا يستطيع من هم في هذه الغرفة تخيلها.. أتحدث من واقع خبرتي لأقول أن المساعدة الإنسانية القائمة على المبادئ ضرورية ليتمكن العاملون في المجال الإنساني من تقديم المساعدة لمحتاجيها ونحتاج إلى وصول مستقر ودون عوائق إلى الأموال والإمدادات والخدمات اللوجستية وهذا لن يتحقق دون رفع الإجراءات الاقتصادية القسرية المفروضة على سورية.
(سيرياهوم نيوز-سانا)