نبيه البرجي
هذا رأي الجناح اليهودي في الادارة الأميركية “اذا كان محمد بن سلمان يصرّ على تطبيع العلاقات مع ايران، فكل خطوة باتجاه آيات الله ينبغي أن تقابلها خطوات في اتجاه “اسرائيل”، والاّ”…. والاّ ماذا ؟؟
باحثون في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يرون أنه مثلما جرّت القاطرة المصرية الأردنيين والفلسطينيين الى ردهة المفاوضات، فكان اتفاق وادي عربة واتفاق أوسلو، لا بد للقاطرة السعودية أن تجرّ من تبقى من “مجموعة الطوق”، أي اللبنانيين والسوريين.
الخيال يذهب بالديبلوماسي المخضرم ديفيد آرون ميلر الى حد التكهن بأن الايرانيين لن يجدوا أمامهم سوى الالتحاق بالسعوديين، بعدما لاحظوا أن الروس باتوا رهائن المشكلة الأوكرانية، دون أن تكون لدى الصينيين استتراتيجية واضحة حيال المنطقة، سوى التسلل من النواقذ الخلفية.
آرون يشير الى تقارير ديبلوماسية واستخباراتية أميركية تتحدث عن معارضة الصقور في ايران لـ “الانفتاح الكلي” على المملكة، و”تقديم أوراقنا اليها دون مقابل”.
واذا كانت زيارات وزراء “اسرائيليين” الرياض، ومشاركتهم في فعاليات ذات بُعد اقليمي، تثير الكثير من الأسئلة حول ما جرى وما يجري في الظل، أظهرت افتتاحية جريدة “الرياض” يوم السبت 30 أيلول، وجود عوائق جوهرية تحدّ من التعجيل في وتيرة التطبيع. الاتصالات واللقاءات التي عقدت، أكدت أن من وصفهم ادوار سعيد بـ”الأروح الشريرة” التي تحكم “اسرائيل”، ليسوا مستعدين لأي تنازل يؤدي الى تشكيل “البنية الفلسفية” للدولة الفلسطينية، ولو بقيادة على شاكلة قيادة محمود عباس وصحبه، أو قيادة اسماعيل هنية وصحبه.
زميل سعودي اختزل لنا بعضاً من أجواء الاتصالات. قال: “ان السعوديين فوجئوا بمدى خوف “الاسرائيليين” من انشاء دولة فلسطينية، ليس فقط بسبب الرؤية التوراتية لـ”الأغيار”، فوق أرض الميعاد، وانما لأن ابحاث المعاهد المختصة، كذلك التقارير الاستخباراتية، حذرت من “ذاكرة النار” لدى الفلسطينيين”. مثلما هذه الذاكرة هي التي حملتنا على العودة الى أورشليم، فان ذاكرتهم تحثهم على حتمية العودة الى القدس” !
بكل وضوح، يشكك “الاسرائيليون” بـ “الثقافة اللاهوتية العاصفة”، بالمسار الضبابي للتاريخ في المنطقة…
من الناحية السياسية، يرى الديبلوماسي الآخر دانيال كيرتزر أنه “اذا كان ولي العهد السعودي يريد تقديم هدية (ثمينة الى هذا الحد) للأميركيين، فان السنة الانتخابية ليست بالوقت الملائم لذلك”. في هذه السنة، يتحول الرئيس الى بطة عرجاء، وان كان جو بايدن ما زال يراهن على انجاز عملية التطبيع خلال الربيع، ما يمكن أن يشق أمامه الطريق ثانية في الخريف الى البيت الأبيض.
اللافت هنا، قول مرجعية سياسية لبنانية “أخشى أن يكون علينا أن ننتظر ما تأتي به صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة لانتخاب رئيس جمهوريتنا ، بسبب الشيزوفرانيا الأميركية حتى حيال وجود لبنان”.
التعامل من زوايا مختلفة، وأحياناً متناقضة مع الملف الرئاسي، ليبرز الغاز كعامل آخر يزيد التعقيد أكثر فأكثر في النظرة الأميركية. بالتأكيد، هناك من يراهن على 10 كانون الثاني، يوم احالة العماد جوزاف عون الى التقاعد، ليختفي اسمه من لائحة المرشحين للرئاسة، ولتكون “ليلة الشامبانيا ” في البياضة، حيث منزل جبران باسيل.
قدامى قيادات التيار الوطني الحر يرون أن نائب البترون يمارس السياسة، كمن يمارس ليلاً القفز فوق الحواجز العالية. في لبنان، السياسة فن اللعب بين الممكن والمستحيل. منذ اليوم الأول لوصول الجنرال ميشال عون الى قصر بعبدا، بدت معركته لخلافة العم الذي لا شك أنه كان ضحية التسويات الملتبسة التي عقدها.
الصهر كان يعتبر أن حزب الله لا بد أن يتبناه تلقائياً بسبب مواقفه “الجريئة” حين كان وزيراً للخارجية، ما استدعى انزال العقوبات الأميركية، دون اعتبار فارق الظروف بينه وبين الجنرال. قيادات في التيار تقول “ان شيئاً انكسر بيننا وبين الحزب، ولا مجال لرأبه”.
هل حقاً أن رسالة وصلت الى أكثر من جهة سياسية “إما جوزاف عون أو لا رئيس”؟ الطريف الآن القول “لبنان يذهب الى حيثما يذهب الغاز”. الدخان الأبيض الذي لم يظهر في باريس أو في الرياض أو في نيويورك، يمكن أن يظهر في البلوك رقم 8. انه الغاز يا عزيزي…
(سيرياهوم نيوز ٤-الديار)