تطورات هائلة، ومفاجآت كبيرة مع دخول المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل والذين معها أسبوعها الثاني.
المفاجأة الكبرى كانت في تصريحات الرئيس السيسي التي اقترح فيها إسكان الفلسطينيين “النقب”، وهو الأمر الذي أغضب قوما، وأخذوه مأخذ الجد ،واعتبره آخرون سخرية من الرئيس المصري أو زلة لسان.
أحمد السيد النجار الرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام قال إن ما قاله الرئيس في المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني مذهل بالنسبة له ولأي وطني، مشيرا إلى أن التهجير القسري للشعب الخاضع للاحتلال من قبل الكيان الذي يحتل أراضيه، جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي.
وأضاف النجار أن من المفروض أن الدولة المصرية تعلم ذلك وهي التي اتخذت موقفا جيدا بالرفض القاطع لتهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلى مصر، وهو موقف لحماية القضية التي بقيت صامدة وعصية على الإنهاء بانزراع أهلها في أرض وطنهم.
وقال إنه لا مبرر على الإطلاق للبحث لجيش الاحتلال الصهيوني عن مكان آخر لتنفيذ جريمته في النقب الفلسطيني المغتصب أو غيره، لأن هذا الحديث بمثابة قبول ضمني للتهجير كجريمة حرب ضد الإنسانية، مرجحا ألا يكون هذا واردا في مواقف الدولة المصرية.
وقال النجار إن الحديث عن أن الكيان الصهيوني يمكنه تهجير الفلسطينيين إلى النقب حتى ينتهي من تصفية المقاومة ثم يعيدهم إلى غزة إذا شاء، يُفهم بديهيا على أنه تأييد لتدمير المقاومة الوطنية ضد الاحتلال، بدلا من تأييد تلك المقاومة لتدمير الاحتلال الإجرامي، لافتا إلى أن كلمة يعيدهم “إذا شاء” تجعل الأمر خيارا حرا لكيان محتل ومجرم، في استمرار التهجير القسري الإجرامي أو العدول عنه!
وقال إن الحديث عن أن سبب رفض تهجير الشعب الفلسطيني لسيناء هو أنها ستتحول إلى قاعدة تنطلق منها الأعمال “الإرهابية” هو إدانة للمقاومة بأن ما تقوم به إرهاب.
وتساءل: فهل قصد الرئيس ذلك فعلا؟!
وخلص إلى أن مقاومة الاحتلال بكل السبل وفي مقدمتها الكفاح المسلح بمثابة شرف عظيم تحفظه أي أمة بما فيها الأمم الأوروبية التي خضعت للاحتلال، لأبنائها المقاومين في أسمى مكان من ضميرها.
واختتم قائلا: “لوجه الله والوطن وحتى لا نختلف في لحظة مصيرية هناك ضرورة لمراجعة أي تصريحات والاستدراك العلني للتصريحات التي صدرت خلال المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني”.
من جهتها قالت د.علياء المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن بداية غزة ارض فلسطينية و لا يحق لأحد إخلاء أهلها منها، مشيرة إلى أنهم لا يريدون البعد عن ارضهم و لا اي عاقل يقبل ذلك.
وأضافت أنه لا يمكن الدعوة لتهجير الفلسطنيين لصحراء النقب بينما ارضهم موجودة، مؤكدة أنه لا يمكن ان تكون هناك دولة دون ان يكون لها جيش يدافع عن حدودها و بالتالي الدعوة لقيام دولة منزوعة السلاح امر غير واقعي او منطقي.
وقالت إن القضاء علي حماس اليوم سيخلق اجيالا جديدة من شباب المدافعين عن ارضهم و لن يستطيع أحد لومهم.
واختتمت مؤكدة أن من حق الفلسطنيين انهم يستقروا في غزة و ما تبقي لهم من ارضهم ،و من حقهم يكون عندهم جيش يدافع عنهم مثل اي دولة أخرى، و من واجب المجتمع العالمي أن يكون اكثر انسانية و عدالة.
المهدي قالتها صراحة: “مفروض مصر تدعو إسرائيل لوقف القصف و العالم يتحرك لنصرة أهل غزة بدلا من التخاذل و الدعوة لتهجيرهم”.
عقاب إسرائيل
ودعت المهدي لمعاقبة إسرائيل و دفعها لوقف القصف، داعية إلى قطع العلاقات والتعاون التجاري مع كل الدول العربية مثلا، ووقف ضخ البترول عن العالم كي يتحرك.
على الجانب الآخر رأى البعض أن إسكان الفلسطينيين النقب هو الحل السياسي الذي نقدر عليه لتهدئة الأمور، مشيرا إلى أن النقب هي أرضهم أيضا.
سيناريوهان
في ذات السياق قال السفير فوزي العشماوي إن هناك سيناريوهات للمستقبل ، مشيرا إلى أن هناك دولتين تفكران بعمق وحيرة في إجابة السؤال المهم والفارق : وماذا بعد الاجتياح الإسرائيلي لغزة ؟! ماهي سيناريوهات المستقبل ؟!
وأضاف أن الدولتين هما إسرائيل ومصر، مشيرا إلى أن إسرائيل كدولة احتلال لايبدو أن لديها خطة واضحة وعملية ومضمونة النجاح لكيفية التعامل مع القطاع بعد تدمير بنيته الأساسية وإجبار غالبية سكانه علي الخروج والنزوح، فهل ستسويه بالارض وتعيد بناءه؟ وهل ستستطيع مواجهة العالم وهي تفعل ذلك ؟ هل ستسلم ادارته للسلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن أم ستعيد احتلاله وتبقيه تحت سيطرتها ؟ والي أين ستطرد المليوني نسمة ؟
وتابع متسائلا: هل ستجبرهم علي النزوح لمصر أم ستسمح لهم بالمرور والاحتماء بصحراء النقب كما اقترح الرئيس السيسي ؟ وماذا لو استطاعت المقاومة الصمود وإلحاق خسائر جسيمة بالقوات المهاجمة ؟ وماذا إذا فُتحت جبهات اخرى كجبهة شمال لبنان وحزب الله؟
وقال السفير العشماوي إن الدولة الثانية المعنية هي مصر، مشيرا إلى أنها تدرك جيدا المخاطر الجسيمة التي تهدد أمنها القومي هذه المرة، وليس مثل المرات الخمس السابقة التي نشبت فيها اشتباكات بين المقاومة في غزة وإسرائيل، حيث كان كل المطلوب من مصر هو التوسط من اجل التهدئة والتوصل لهدنة والمساهمة في جهود اعادة البناء، أما هذه المرة فإن إسرائيل المصممة علي الانتقام لهزيمتها المذلة في عملية طوفان الاقصي من خلال طرد اكبر عدد من الفلسطينيين من ديارهم للتفرغ لتدمير بنية حماس والمقاومة والطرد بالطبع سيكون في اتجاه مصر وعبر منفذ رفح، وهو سيناريو ومخطط اسرائيلي أمريكي غربي قديم ومتجدد حتي وان نفاه علنا بعض كبار المسئولين الإسرائيليين مؤخرا تجنبا لاستفزاز واستعداء مصر في هذه المرحلة الحرجة.
وقال إن هناك سؤالا مهما معلقا دون إجابة: ماذا لو تدفق مئات الالاف من الفلسطينيين المرعوبين من القصف والاشتباكات والذين تدمرت بيوتهم وأصبحوا لامأوي لهم في اتجاه الحدود المصرية ؟ هل ستطلق القوات المصرية النار عليهم ؟ أم هل سيتم استقبالهم وإنشاء معسكرات مؤقتة لاستيعابهم ؟ هل يؤدي هذا التدفق الي نشوب ازمة بين مصر وإسرائيل ؟ وماالمدي الذي يمكن ان تصل له هذه الأزمة ؟ وهل يمكن ان تصل لمواجهة مسلحة ؟ وهل ستجد مصر نفسها أمام وضع لا تستطيع رفضه ولاتتحمل استيعابه فلا تجد مخرجا سوي دراسة عروض المساعدة او البحث عن ضمانات عودة النازحين بعد انتهاء العمليات ؟ وهل يبشر تاريخ إسرائيل بأي ثقة في هكذا وعود او ضمانات ؟
وقال إن القيادة المصرية كانت واضحة وصريحة برفض مخطط التهجير، مشيرا إلى أن هذا حسن وجيد ولاغبار عليه، لافتا إلى أن أدوات الرفض تمثلت في اغان وطنية وبيانات حماسية وتنظيم مظاهرات شعبية وقيام مجلس النواب بتفويض الرئيس لمواجهة هذا المخطط!
واختتم مؤكدا أن ادوات وخطط هذه المواجهة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ودور كل جهة او مؤسسة فيها فمازالت في طي الغيب والكتمان.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم