الرئيسية » تحت المجهر » “طوفان الأقصى” وتفجير مقرّ المارينز في بيروت 83.. تكرار الصدمة

“طوفان الأقصى” وتفجير مقرّ المارينز في بيروت 83.. تكرار الصدمة

هل تبقي الولايات المتحدّة مشاهد صدمة تفجير مقر”المارينز” في بيروت بين عينيها بعد 40 عاماً، فتبتلع تهديدات “طوفان الأقصى” وتوسّعها، أم أنها تستعد لمواجهات صدمات جديدة، تكون نتائجها تعزيزاً لتغيّر موازين القوّة في الشرق الأوسط؟

 

دوّى يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر 1983، ما وصفه الـ “أف بي أي” الأميركي بـ The largest non-nuclear bomb in history، أي أقوى تفجير غير نووي في التاريخ. كانت تلك عملية تفجير استهدفت مقرّ “المارينز” الأميركية في العاصمة اللبنانية بيروت.

سيارتان محمّلتان بالموادّ المتفجّرة، تنجحان في اقتحام المقر، بعد عملية تمويهيّة تضليلية. السيارة الأولى اصطدمت بحاجز ارتفاعه 5 أقدام من الأسلاك الشائكة، التي تفصل موقف السيارات عن المبنى، أُزيل السلك ومرّت الشاحنة، لتنفجر في بهو المبنى.

وبعدها بدقائق تقتحم سيارة ثانية، وتنفجر في مبنى مكوّن من تسعة طوابق، في منطقة الرملة البيضاء، حيث تتمركز وحدات عسكرية فرنسية وأخرى بريطانية، إلى جانب تلك الأميركية، حضرت لتشكّل دعماً لـ “إسرائيل” بعد اجتياحها لبنان عام 1982.

لم تكن الصدمة الأميركية فقط من دقّة التخطيط والتنفيذ، بل إنّ أعداد الخسائر كانت مفاجئة أيضاً، ففي يوم واحد فقط قُتل 241 عنصراً من مشاة البحرية الأميركية، و66 جندياً من جنسيات أخرى. بينما تظهر إحصائيات موقع “ستاتيستا” (شركة ألمانية متخصصة في البيانات) أنّ العدد الأقصى لقتلى الجيش الأميركي في أفغانستان بلغ 498 جندياً في العام 2010 كاملاً، وسجل قتل 10 جنود فقط عام 2021، وفق الموقع.

يُسمع صدى هذه الصدمة التاريخية اليوم في “إسرائيل” منذ الـ 7 من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023، على حدّ تعبير صحيفة “وول ستيرت جورنال” الأميركية، ذهول إسرائيلي من مقتل أكثر من 300 جنديّ، وهو رقم مرجّح للارتفاع من جراء هجوم “طوفان الأقصى” المباغت.

واعتبرت الصحيفة أنّ الهجوم على “المارينز” كان نصراً استراتيجياً على الولايات المتحدة، أدى إلى اعتقاد مجموعات المقاومة أنها قادرة على قتل الجنود الأميركيين ، وأشارت إلى أنّ الرئيس الأميركي آنذاك، رونالد ريغان، “لم يرد، بل اكتفى بسحب القوات من لبنان”.

في هذا السياق، أكّد المحلّل في الشؤون الإسرائيلية، علي حيدر في حديث للميادين نت، أنّه في الوقت الذي أدّت فيه ضربة المارينز إلى اندحار الجيش الأميركي والأطلسي من لبنان، فإنّ “طوفان الأقصى” صدّعت العديد من مرتكزات الكيان، في ضوء ارتكازه على الدعم الغربي والدور الوظيفي المنوط به في المنطقة.

وبهدف إنقاذ ” إسرائيل”، وصلت الأساطيل الحربية الأميركية إلى مياه البحر الأبيض المتوسّط وسواحله، لتجسّد دعم بايدن، الذي حضر بنفسه إلى “تل أبيب” وشارك في اجتماعات “كابينت” الحرب الإسرائيلي، وسبقه وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لتكون الولايات المتحدة شريكة أساسية في الحرب على غزّة.

الولايات المتحدة شريكة الخسائر أيضاً؟

الانغماس الأميركي في “طوفان الأقصى” يجعل من كلّ قواعد واشنطن ووجودها في الشرق الأوسط تحت التهديد، في ضوء تطوّر قدرات كلّ أقطاب محور المقاومة. وفي تقرير، بتاريخ 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كشف موقع “بوليتيكو” الأميركي أنّ البنتاغون “يشعر بالقلق إزاء احتمال وقوع هجمات جديدة على القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة”.

ولفت حيدر إلى أنّ هذه التهديدات الجدية، تشكّل أهم أسباب التردّد الأميركي، والضغط على “إسرائيل” لمنع المبادرة الى خيارات عملياتية تؤدي الى توسيع الجبهة، مؤكداً أنّ ذلك ناتج عن إدراك الولايات المتحدّة لخطورة استهداف أساطيلها التي ستتوالى تداعياتها على الساحة الدولية.

ونقلت “وول ستريت جورنال” أنّ أصواتاً في الغرب تنصح “إسرائيل” الآن بممارسة “ضبط النفس” وعدم دخول قواتها إلى قطاع غزّة بريّاً، مشيرةً إلى أنّ الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، نبّه “إسرائيل” من ارتكاب أخطاء بلاده بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001.

في الأيام الماضية، ذهبت المقاومة الإسلامية في العراق إلى ترجمة المخاوف الأميركية في هذا الشأن، إلى واقع عملياً، وأعلنت، بعد عدة تحذيرات منذ بدء المعركة، استهدافها لقواعد أميركية في سوريا والعراق، كان بينها: عين الأسد، التنف، كونيكو، حرير.

ورقة ضاغطة أخرى، قد تعرقل دعم واشنطن المطلق بالنظر إلى الأثمان، تلوح من اليمن، الذي لطالما أكّد أنه سيكون جزءاً فاعلاً من معركة الشعب الفلسطيني، بما يهدّد المصالح الأميركية – الإسرائيلية في البحر الأحمر. وحذّر ‌‌‌‌‌عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، محمد علي الحوثي، من أنّ تدخّل واشنطن في العدوان على الشعب الفلسطيني يعني “تحويل العدوان إلى حرب إقليمية”.

ناهيك عمّا يشكله حزب الله من قوة رادعة، دفعت الأميركي إلى الطلب من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التريث وعدم التورط في الجبهة الشمالية، وفق ما أعلن الإعلام الإسرائيلي.

فهل تبقي الولايات المتحدّة مشاهد صدمة “المارينز” بين عينيها بعد 40 عاماً، فتبتلع مرّ هذه التهديدات، أم أنها تستعدّ لمواجهات صدمات جديدة، تكون نتائجها تعزيزاً لتغيّر موازين القوّة في الشرق الأوسط؟

 

 

سيرياهوم نيوز 2_الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حلفاء كييف يستعدون للأسوأ: «التنازل» عن الأراضي حتمي؟

ريم هاني       لم يعلن أي من الرئيسين، الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أو الروسي فلاديمير بوتين، عن شروطهما التفصيلية لإنهاء الحرب في أوكرانيا ...