علي عبود
تؤكد العمليات البرية على “الحدود” الشمالية لقطاع غزة التي تكررت في الأيام الأخيرة إصرار حكومة العدو على تنفيذ مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية مستغلة التأييد الأعمى الأمريكي الذي يؤيد هذه التصفية خلافا للتصريحات الإعلامية والدبلوماسية الكاذبة!
وتخطط حكومة العدو من خلال هذا التوسع بالعدوان الوحشي لجيش الاحتلال على قطاع غزة والذي ترافق بموجة جنون تدميري مع قطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت إلى ممارسة المزيد من المجازر والتجويع لدفع الفلسطينيين إلى النزوح باتجاه الجنوب كمرحلة أولى، ومن بعدها إلى صحراء سيناء.
ويُدرك الأمريكي أن تنفيذ مؤامرة تهجير الفلسطينيين التي وردت في خطط العدو منذ عقدين من الزمن على الأقل، لايمكن تنفيذها إلا بالقضاء على المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، ولهذا أرسل هذا الحشد العسكري إلى المنطقة لترويع محور المقاومة ومنعه من نصرة الفلسطينيين في غزة!
وعندما تحتشد أكثر من مئة طائرة حربية في سماء قطاع غزة مع الدقيقة الأولى للاجتياح الجزئي لتنفيذ قصف متواصل بصواريخ ثقيلة يساندها قصف مدفعي بري وبحري بصواريخ ضد المدنيين، فهو دليل أن الإستهداف ليس لحركة المقاومة، وإنما لتهجير الفبسطينيين بعد عزلهم عن العالم الخارجي، كي تتمكن بعدها من الإستفراد بحركة حماس عن طريق الأرض المحروقة.
لاشك أن جيش العدو يعرف جيدا أنه سيتلقى ردا موجعا من المقاومة الفلسطينية مهما كان المستوى الوخشي للإجتياح، لكنه يراهن فور تعرضه لهزيمة جديدة إلى تدخل الأمريكي في المعركة مباشرة، بل هو لطالما سعى إلى تفجير حرب إقليمية، وهو يرى ان الفرصة سانحة الآن للتخلص من جميع أعدائه (إيران وحزب الله وحماس والجهاد..الخ) من خلال تفجير حرب قد تتطور سريعا إلى عالمية!
ولسنا مع من يرى إن حكومة العدو أرادت اختبار قوة جيشها على التقدم في قطاع غزة، بل كل المؤشرات تؤكد إن هدفها الوحيد توريط الأمريكي والأطلسي في الحرب ضد محور المقاومة، من خلال الصراخ : (انجدونا.. إسرائيل في خطر)، تماما مثلما فعلت “غولدا مائيير” في اليوم الأول لحرب تشرين فقد انفجرب باكية في وجه كيسنجر وزير خارجية أمريكا السابق:( إسرائيل ستزول من الوجود إن لم تنجدونا فورا!).
لاحظوا إن العدو للمرة الأولى لايهتم بالأسرى الإسرائيليين، بل هو يقتلهم بالقصف الوحشي لقطاع غزة، وهو لايهتم بهم سوى إعلاميا، بل هو لن يتردد بقتلهم لوعرف مكان تواجدهم في سبيل تحقيق الهدف الأول والأخير: إبادة الفلسطينيين أوتهجيرهم!
لقد فعلتها الصهيونية مرارا في السابق فارتكبت عدة مجازر باليهود لترويع كل يهود العالم ودفعهم للهجرة إلى “إسرائيل”، وحكومة العدو تُدرك جيدا ان انتصار المقاومة يعني أن المستوطنات في غلاف غزة ستبقى فارغة ولن يجرؤ أي مستوطن على العودة إليها، وهكذا سيكون حال مستوطنات شمال فلسطين المحتلة، وسيتبع كل ذلك هجرة يهودية معاكسة إلى مختلف بلدان العالم، أيّ بداية زوال “إسرائيل” من الداخل.
نعم،حكومة العدو ليست مهتمة بإطلاق الأسرى، ولا بحياة المدنيين، ولا بوقف إطلاق النار، ولا بالتهدئة، ولا بتسوية تُبقي على المقاومة في غزة، هي مهتمة فقط باستمرار عملية إبادة الفلسطينيين في غزة أوتهجريهم إلى مصر، وهذه العملية لن تتوقف إلا بأمر أمريكي، أو بتفجير حرب إقليمية تسعى إليها إسرائيل منذ حرب تموز 2006 لأنها ترى أن مثل هذه الحرب ستمحي هزائمها المتلاحقة، وستتيح لها إقامة الدولة اليهودية النقية وتهجير فلسطيني غزة إلى مصر وفلسطيني الضفة الغربية إلى الأردن، وفلسطيني 48 إلى لبنان!
الخلاصة: ربما أمريكا وحدها تعرف أن أيّ حرب إقليمية في المنطقة لن تحقق الأهداف الصهيونية بتهجير الفلسطينيين أو إبادتهم، فهي التي لم تنتصر في حروبها السابقة (فييتنام، أفغانستان، الصومال، العراق ..الخ) لن تتورط بحرب إقليمية على عدة جبهات إلا في حال تأكدت أن إسرائيل تتعرض لخطر وجودي، حيث ستكون قواعدها العسكرية المنتشرة في كل دول المنطقة أهدافا سهلة لمحور المقاومة، والمأزق الأمريكي الآن هو عجزها عن إقناع كيان العدو بالإعتراف بهزيمته في 7 تشرين الأول بدلا من الإنخراط في حرب على عدة جبهات ستتسبب بتهجير اليهود بدلا من تهجير الفلسطينيين!
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ١)