آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » بَينَ واقِعِ الحالِ وقَضيّةِ الفَرَجْ!.

بَينَ واقِعِ الحالِ وقَضيّةِ الفَرَجْ!.

*أحمد يوسف داود

يَبدو لي أنَّ مَنْ يَتمكّنُ مِنْ أنْ يَستَمرَّ في الحَياةِ بالقَليلِ القليلِ منَ الكَرامةِ التي يُسقِطُها هذا التَّجويعُ اليَوميُّ لِمَنْ هم غالِبيّةُ المُواطنينَ السوريّينْ، يَجبُ أنْ يُعتَبَرَ (بَطلاً) حَقيقيّاً في ظِلِّ هذهِ الأَحوالِ التي نَحياها، وبالطّبعِ (بَطلاً وَطنيّاً) بكلِّ مالِهذهِ التَّسميَةِ منْ مَعنىً، إِنْ صَحَّ أَنَّ لَها مَعنىً ما في الحاصِلِ الأخيرِ لِهذا الواقعِ المَريرِ المُزري الذي تَحياهُ الكَثرةُ الغالِبَةُ مِمّنْ هُم منْ “شَعبِنا العَظيمْ” وِفقاً للخُطبِ المُتَداوَلةِ وشِبهِ الرَّسميّةْ!.
إنّ هذهِ الكَثرةَ لاأَملَ لَها في أَيّةِ سَويَّةٍ قادِمةٍ منْ (حقِّ البَقاءِ) على مايَبدو، في ظلِّ مايَجري لَها منَ تطاوُلٍ على ما يُدعى (كِفايةً أَوِ اكتِفاءً) لَيسا في الحَقيقةِ إِلّا امتِهاناً لِلكَرامةِ، أَو لشَرَفِ أَدنى مايَتطلَّبُهُ حقُّ البَقاءِ البَسيطِ منَ الكِفايةِ ونِعمَةِ البَقاءْ!.
طَبْعاً، نَحنُ في (حالةِ حَربٍ) بِكلِّ تَأكيدْ، ولكنَّ غالبيَّةَ جَرحى الحَربِ وشُهَدائِها هم منْ أَبناءِ الفِئاتِ الفَقيرةِ التي هيَ الآنَ مَنْ تُعاني الإفقارَ إِلى حَدّ التّجويعِ الآخذِ في التّفاقُمْ، وفي إنهاكِ الفِئاتِ الفَقيرةِ التي باتَتْ تُعاني مِنَ هذا التّجويعْ، في حينَ أَنَّ المُستَفيدينَ منْ هذهِ الحَربِ هُم مَنْ يَسعَونَ إلى امتِلاكِ كلِّ ثَرْواتِ الوَطنِ تَحتَ سمع أَجهزةِ الدَّولةِ وبَصرِها، لابل في ظِلِّ شَراكةٍ بَينَ النَّهّابينَ وبينَ أَطرافٍ من بَعضِ ذوي النُّفوذِ في هذا المَجالِ السلطويِّ أَو ذاكْ، دونَ أَيِّ رَقيبٍ أَو حَسيبْ!.
قد يَطولُ الكلامُ في هذا كلِّهِ دونَ أَيّةِ جَدوى، غيرَ أَنّ قيادةَ الدَّولةِ التي نَثِقُ بِها وبِحِرصِها على حَياةِ مُواطِنيها رُبَّما تَتَمكَّنُ منَ إيجادِ حُلولٍ تَدفَعُ بِسُرعةٍ – ولو كانت نِسبِيّةً – إلى إِعادةِ نِسبةٍ مَقبولَةٍ منَ السَّواءِ لِحَياةِ الذين صَمَدوا مَعَها في المِحنَةِ التي كانت قد رُتِّبتْ لإسقاطِ الدَّولةِ السُّوريّةِ معَ ابتِداءِ الحَربِ عَلَيها، وبالطّبعِ هُناكَ ظروفٌ تَتفَهّمُها عامّةُ الشَّعبِ إِنْ تأَخّرَ الإصلاحُ قَليلاً، ولكنَّ الشُعورَ العامَّ يُمكنُ أَنْ يَنصَبَّ الآنَ على وُجوبِ المُبادَرةِ إلى ذلكْ، وقد يَكونُ إِشراكُ الصينِ – على سَبيلِ المِثالِ لاالحَصرْ – في عَمليّاتِ استِثمارٍ هنا في ماتَكنِزُهُ الأرضُ السّوريّةُ من ثَرْواتٍ عاملاً فَعّالاً في ما سَبَقتِ الإشارَةُ إلَيهْ، وعامِلَ رَدعٍ لِما تُحاوِلُهُ أَميرِكا منْ زِيادةِ التّواجُدِ على الأَرضِ السّوريّةْ، ناهيكَ عنِ العائِداتِ إلى خَزينةِ الدّولةِ، وعَنْ الزِّيادةِ في تَحسُّنِ مَقدِرةِ سُوريّةَ على تَحسينِ أَحوالِ أعْدادٍ كُبرٍى منْ مُواطِنيها إنْ لم يَكنْ عَليهِم جَميعاً!.
لقد بدأتِ القِيادَةُ قبلَ فَترةٍ وجيزةٍ بِزيارةِ بِكّينَ، مُمَثلةً بالسيّدِ الرئيسِ والسَّيدةِ الأُولى عَقيلتِهْ، ولا بأسَ الآنَ في دَفعِ نواتِجِ تلكَ الزّيارةِ خطواتٍ أُخرى نَحوَ مايُمكِنُ أَنْ يَكونَ أَكثرَ جَدوى وقُوةً باتّجاهِ العَلاقاتِ إلى ماهوَ أَبعدَ أثراً باتّجاهِ ماتَمنّيناهُ ونَتَمنّاهُ أَكثرَ الآنْ!.
وبالطّبعِ، هذا الاقْتِراحُ لايَزيدُ عن كونِهِ رَأْياً قد يَكونُ عَديمَ الجَدْوى، ولكنّ المَثَلَ الشّعبيَّ عندنا يَقولْ: (الغَريقُ يَتَعلّقُ بحِبالِ العُرمُطْ) وليسَ العُرمُطُ إلّا نَباتاً بالغَ الهَشاشةِ يَنْمو مُمتَدّاً على ضِفافِ الأنهارِ ويَتَقطَّعُ إذا امتَدتِ اليَدُ إلَيهِ بالقَليلِ جِدّاً منَ اللَّمسِ والشَّدّْ، تَماماً كما هيَ حالُ أمثالِنا الآنْ!.

(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ٣)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

يسألونك عن أمريكا؟!

  سمير حماد يسألونك عن أمريكا ؟ أخطبوط المال والأعمال والسياسة والأذرع الممتدة على امتداد الكرة الأرضية, حيثما ارتُكبت جريمة حرب أو تغيير سياسي أوانقلاب ...