باسل علي الخطيب
هل يمكن أن تكون هذه الجملة هي ملخص تاريخ البشرية؟ أو أنها المحرك الأساسي لكل التاريخ الإنساني؟….
ولكن مالمقصود بالحقيقة هنا؟…
إذاً دعونا نعيد صياغة الجملة أعلاه بالطريقة التالية:
البحث عن الله….
مع بدايات ماسمي الثورة الصناعية، وماسبقها ومارافقها من كشوفات علمية في مختلف المجالات، بدأت تتبلور فكرة أن المادة هي أساس كل شيء، وان جميع الاشياء، جميعها، بما فيها أفكارنا واخلاقنا وقراراتنا هي نتاج أساسي لعمليات مادية عشوائية…
احتلت المادة أعلى سلم السببية، وقد كانت هذه الفكرة طاغية في مختلف المجالات، ليس على المستوى العلمي فحسب، بل تعدى ذلك إلى المستويات الفلسفية والفكرية والأدبية والفنية والاقتصادية….
ارتكزت النظرة المادية في تفسيرنا وفهمنا للعالم من حولنا في البداية، ومن ثم للتحكم به لاحقاً، ارتكزت على نظريات عديدة في كل المجالات، الداروينية والماركسية والفرويدية والليبرالية والتجريدية….
هذه من جهة، من جهة أخرى كانت نظرة المذهب المادي إلى (العقل) على أنه خرافة، وبالتالي رفضت أن يكون هناك أي مخرجات عن العقل، لأنها ترفض وجوده أصلاً….
المفارقة أن البحث العلمي والكشوفات العلمية التي كانت وراء ظهور المذهب المادي وسطوته، كانت هي السبب – ومع تقدم العلوم كثيراً – في التشكيك بهذا المذهب، حتى وصلنا مع نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين إلى إعادة طرح السؤال الأكثر جوهرياً وتحدياً:
إن كانت المادة لا يمكنها أن تكون قطعاً المكون الأساسي للحقيقة، فما الذي يمكنه أن يكون هذا المكون؟…..
كانت المادة هي الإجابة الوحيدة المتاحة في القرن الماضي لسؤال الحقيقة الجوهرية، ولكن هانحن نقف أمام حقيقة ساطعة، نقف امام الاستنتاج التالي:أنه بدون المعلومات، لم يكن للمادة أصلاً أن تكون. هذا الاستنتاج يظهر أن المعلومات هي الأكثر أحقية من المادة في شغل منصب المكون الجوهري للحقيقة في نظرية المعرفة. وأنها هي من تستحق أن تكون أعلى منها في سلم السببية….
اريد أن أشير إلى نقطة مهمة هنا، أنا لا انفي العالم المادي، ولا انفي أن الذكاء والمعلومات يمكن وصف كل منهما على حدة بمظاهرهما المادية (ال DNA على سبيل المثال). ولكن فكرتي تتلخص أن الذكاء يخلق المعلومات، التي بدروها تتمظهر مادياً بأشكال مختلفة….
فإذا أردنا أن نعيد ترتيب سلم السببية، علينا أن نضع الذكاء في أعلى السلم، ومن ثم المعلومات ومن ثم المادة، أي أن المعلومات هي مشتق الذكاء، أما المادة فهي تابع رياضي للمعلومات، وهذا التابع ذو طيف واسع من الانواع، يبدأ بالتابع ذو القيمة الثابتة ( وحيد الخلية)، إلى تابع الدرجة الاولى، وصولاً إلى أعقد وأكمل التوابع، التي قد يكون الإنسان هو المثال أو التمظهر المادي لها….
قولنا أعلاه أن المعلومات هي مشتق الذكاء، هذا لايعني أن الذكاء هو تكامل المعلومات، سلم السببية يتحرك في اتجاه واحد، المعلومات هي اشراقات الذكاء وصادرة عنه دون أن تكون جزء منه، ولاوجود لها من دونه….
دعونا نوضح الفكرة أعلاه بطريقة مبسطة، العقل يخترع الفكرة، الفكرة تخلق الآلة كتصور، اليدان تصنعانها كجسم…
ولكن كلهم دون العقل لاشيء….
هناك سؤال يطرح نفسه هنا، هل هناك مايلي المادة؟ البعض يطرح السؤال بطريقة أخرى: هل هناك مابعد المادة، والأصح أن نقول مادون المادة..
هل هناك حقاً مادون المادة؟!!…
أتراه العدم؟!!..
ولكن هل يعقل أنه لايتمظهر مادياً؟…
لأن البديهة والفطرة السليمة لن تصدق ماليس له وجود مادي…
فكيف يكون في هذه الحالة دون المادة؟…
هل هذا يعني أننا أمام طورين للمادة؟….
سنجيب إن شاء الله في مقال آخر….
(سيرياهوم نيوز ٢)