جلنار العلي
تتوجه الحكومة نحو سياسة دمج المؤسسات ذات الاختصاص المتقارب، هذا ما أكده رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس خلال الجلسة الأسبوعية يوم الثلاثاء الماضي، حيث شدد على ضرورة الإسراع بإعداد صكوك تشريعية لها، بهدف تطوير هذه الجهات وتعزيز دورها الخدمي والتنموي والاقتصادي، ولكن ماذا تعني هذه الخطوة وما تبعاتها وانعكاساتها إدارياً واقتصادياً؟
الخبير التنموي ماهر رزق أشار في تصريح خاص لـ«الوطن»، إلى أن هذه الخطوة تندرج تحت مسمى «ترشيق الإدارة»، مبيناً أن هذا الإجراء ليس بجديد وإنما اتّبعته الحكومة سابقاً على مستوى أكثر من مؤسسة كالمؤسسة السورية للمطاحن ومؤسسة الصوامع ومؤسسة الحبوب، حيث كانت مهام هذه المؤسسات متشابهة وتصب جميعها في تأمين الخبز للبلاد، ما خلق حالة من البيروقراطية في عملها، لذا تم اتخاذ قرار في عام 2019 بدمجها لتصبح مؤسسة واحدة بإدارة واحدة وهي المؤسسة السورية للحبوب، يندرج تحت مهامها عمليات الطحن والتخزين والتوزيع، ما أدى إلى توفير نفقات كثيرة فبدلاً من أن يكون هناك ثلاثة مديري عامين يتبع لكل واحد منهم مجموعة من السيارات والموظفين وغير ذلك، أصبح هناك مدير واحد فقط، كما انعكس ذلك على عدد الفروع في المحافظات، كذلك الأمر بالنسبة للمؤسسة السورية للتجارة التي كانت عبارة عن المؤسسة الاستهلاكية ومؤسسة الخزن والتسويق ومؤسسة سندس، تعمل جميعها في المهام ذاتها المتمثلة في التدخل الإيجابي بالأسواق.
وتابع: «كذلك الأمر بالنسبة للوزارات، ففي السابق كانت هناك وزارة الاقتصاد التي أصبحت اليوم عبارة عن وزارتين هما وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ولكن برأيي يجب إعادة دمج هاتين الوزارتين، كما يجب أيضاً دمج الهيئة السورية لشؤون الأسرة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لأنهما يعملان بنفس النظام، ومن غير المنطقي تخصيص مليارات الليرات لهيئة لا تقدم خدمات تزيد على الخدمات التي تقدمها الوزارة».
ورأى رزق أن هذا الإجراء من شأنه تنشيط القطاعات واختصار حلقات الزمن والتكاليف المادية التي تنعكس سلباً على الموازنة العامة للدولة، فكل منصب له تكاليف وميزانية معينة، إضافة إلى أن ذلك يؤدي إلى توحيد المرجعيات وعدم رمي المسؤوليات بين الجهات ذات الاختصاص المتقارب.
واعتبر رزق أنه في حال تم وضع دراسة متأنية لدمج المؤسسات أو إلغاء بعضها ستكون هناك نتائج إيجابية جيدة، ذاكراً مثالاً عن دول أخرى اتبعت هذه المنهجية مثل سلطنة عمان التي كانت لها تجربة مميزة جداً، حيث أجرت السلطنة تقييماً للخيارات المتاحة إما دمج المؤسسات المتقاربة الاختصاص أو إلغاؤها أو الإبقاء عليها كما هي، وقد كانت هذه الخيارات تحتاج إلى لجنة حيادية، وتمت الدراسة دون أي محاباة أو تدخل للمصالح الشخصية، وهذا ما يخشى منه على الصعيد الداخلي أن يتم إلغاء مفصل أو منصب معين بحجة عدم الرضا عن الأشخاص القائمين عليه، لذا يجب ألا تتخذ الخطوات جزافاً وأن تكون هناك جهة حيادية لتكون كل التبعات إيجابية، وخاصة أن الهدف هو ترشيق الإدارة وترشيد الإنفاق وهذا ما تسعى له كل دول العالم.
وتوقع رزق أنه في حال تم تنفيذ هذه الخطوة من خلال وزارة التنمية الإدارية سيكون هناك الكثير من الملاحظات على سير العمل، معيداً وجهة نظره إلى تذمر المواطنين من مشروع الإصلاح الإداري الذي تقوم به الوزارة حالياً والذي جاء متأخراً جداً، فمن غير المنطق تفصيل المؤسسات على قياس الموظفين.
وحول المؤسسات الاقتصادية وإمكانية دمجها، قال رزق: «أتبنى وجهة النظر التي تقول: إن الحكومة أبدت فشلها على الصعيد الاقتصادي والإنتاجي، إذ يجب أن تنحصر مسؤوليتها بالتخطيط والإشراف وتنظيم الأعمال والقطاعات، فمثلاً أين شركة بردى اليوم مقارنة بالشركات الأخرى ذات الإنتاج المتشابه؟».
وأشار إلى مشكلة موجودة أساساً في المؤسسات الاقتصادية تتمثل في معاش المديرين المتدني جداً والذي لا يشجّعهم على بذل كل ما بوسعهم لإنجاح المؤسسة، لذا يجب معالجة مشكلة أجور المديرين في القطاع العام أسوة بالقطاع الخاص الذي يخصص رواتب مرتفعة لأصحاب الخبرة والمديرين لتحقيق مصلحة العمل، إضافة إلى وجود مشكلة أخرى تتمثل في عدم إعطاء صلاحيات مطلقة للمديرين من دون تدخل الجهات الوصائية وغيرها.
سيرياهوم نيوز1-الوطن