سعاد سليمان
ما يمر بنا اليوم هو أن التاريخ يعيد نفسه ..بألمه ، برائحة التراب المعلقة بأجساد الشهداء ، بأرواح ملائكة تغادر عالم القبح الى السماء ..
وما أزال أذكر ، وانا الطفلة كيف كانت تتحدث والدتي بوجع عن مقتل اختها وزوجها الجندي السوري في فلسطين .. وقد ذهب ليعيد فلسطين لأهلها مع جيش عظيم لا يقهر …
وما زلت أذكر ، وانا الشابة .. ذاك الموظف الفلسطيني لدى جريدة البعث بدمشق حيث بدأت عملي هناك وأنا ما أزال طالبة جامعية في جامعة دمشق الذي كان يردد أن سورية البلد العربي الوحيد الذي يعامل الفلسطيني معاملة السوري ويضيف : راتبي مثل راتبك .. ويزيد : سورية عظيمة حكومة وشعبا ، فهي تتعامل معي كسوري وابن بلد .
أما اليوم .. وما أعاد الذكريات ففي مأساة جناحنا المكسور .. فلسطين وملائكة تباد بالجملة ..
ما كنا نجهله ، ولا نعرف خفاياه .. هو تعامل الاسرائيلي مع اصحاب الارض عبر حرب ابادة .. لابناء فلسطين الذين اختارتهم بلادهم ، ووجدوا فيها دون تخطيط ..
هي وقاحة وقبح في احتلال الأرض ، وتهجير أهلها ، وقتل من لم يهاجر منها ، عبر سياسة القوة والصورة المؤلمة لأطفال فلسطين يقتلون ببرودة اعصاب .. كمن يمشي فوق النمل بثقة بل بكبرياء !!
هو لا يعرف أن النمل لا يموت مهما قتل ، ودهس ..
أن تهدم مشفى !!!
ان تقتل طفلا وامرأة وجدت هنا ..
قصص قديمة .. لكن الجديد هو انتشار ما يحدث عبر وسائل التواصل الجديدة .. ولم تعد وسائلهم قادرة على اخفاء ما يحدث ..
تفجير مشفى ، وقتل الأطفال .. باصرار ، وتصميم هي الوقاحة حيث اختراق القيم الانسانية ، وكل القوانين ، ومعظم اصحاب هذه القوانين في سبات .. صامتون ، خانعون ..
كنا نسمع ، ونقرأ عن ما يسمى القانون الدولي ، وكنا نصدق !!
اليوم تأكدنا أن شريعة الغاب هي القانون الدولي !!
الضمير غائب او مقتول .. والحق لن يعود دون اتحاد القوى ..وأهمها :
أمة .. عربية .. واحدة
دون نقاط تفرقنا ..
أطفال فلسطين أبطال اليوم وقد كبروا قبل الأوان ..
هم جراح ملأت قلوب الأحياء في الانسانية أجمع ..
أما الأموات فهم كثر .. يمشون ، يضحكون، ويتحدثون عن العدالة ، والحقوق ، والشرعية الدولية ، وعن مبادئ مقبورة ، وصراخ كغناء فوق خشبة مسرح .
وأما الدين فلا تقربوه .. لأنكم تصنعوه كيفما تبغون .. هو استعمار للعقول ، والقلوب ..
وأما الصلاة فاكثروا منها كي تستطيعون النوم !!
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ٢)