قيس بن الملوّح ابن عامر، ليلى بنة سعد ابن عامر،
عَلِقَ كلُّ واحدٍ منهما بالآخر ، وهما صغيران يرعيان مواشي أهلهما،
وحين كَبُرَتْ حُجِبَتْ عنهُ، لانتشار قصائد غزله في ليلى،
اجتمع والد قيس ، وأمّه ورجال العشيرة و وعظوا والد ليلى ، ولكنّه حلف بطلاق أمّها إن هو زوّجها من قيس ،
فذهبَ عقلُ قيس جُمْلَةً ، و أخذه والده إلى الكعبة وطلب منه أن يتعلّق باستارها ويطلب من الله أن يتحوّل حبُّه لها إلى بغض، ولكنّ الكعبة لم تزده إلّا هياماً بها،
فهام في البريّة مع الوحش لا يأكل إلّا ما تُنْبتُ الأرض ،
وتزوّجت ليلى من رجل آخر ورد بن محمّد العُقَليّ بمهر قدرُهُ عشرٌ من الإبل وراعيها معها،
التقى قيس زوج ليلى وقال له :
بربِّكَ هل ضممْتَ إليكَ ليلى قُبِيلَ الصّبحِ أو قبّلْتَ فاها
وهل رفّتْ عليك قرونُ ليلى رفيفَ الإقحوانةِ في نداها
فقال زوج ليلى : اللهمَّ إذا حلّفْتَني فنَعَم ،
فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر ، فما فارقهما حتّى سقط مغشيّاً عليه ، وسقط الجمر مع اللحم،
ومرّ قيس برجلين اصطادا ظبية ربطاها بحبل ، وهي تركض بحبالها ، رأى فيها شيئاَ من طيف ليلى ، فدمعتْ عيناه ، وقال :
باللّه يا ظبيات القاع قُلْنَ لي ليلايَ منكنَّ أم ليلى من البشرِ
مرّ بجبل التوباد بعد دهر من الزّمن حيث ذكرياته مع ليلى، وهما يرعيان الماشية ، فقال :
و أجهشْتُ للتّوباد حين رأيتُهُ و كبَّرَ للرّحمان حين رآني
أحبّ العرب شعر قيس حتّى الجنون،
قال الشّافعيّ : بينما ابن مُلَيكَة يؤذّن سمعَ الأخضر الجُدّي يغنّي من دار العاص بن وائل أبياتاً لقيس :
صغيرين نرعى البَهْمَ يا ليتَ أنّنا إلى اليوم لم نكبرْ ولم تكبرِ البَهْمُ
فأراد المؤذن أن يقول : حيَّ على الصّلاة
ولكن لشدّة تأثّره بجمال الغناء نسي نفسَه، وقال : حيَّ على البَهْم ، حيَّ على البَهْم
فلم يعرف كيف خرج إلى أهل مكّة يعتذر إليهم واحداً واحداً
كان قيس المنبع الصافي للعاشقين الصوفيّين في عشقهم الإلهيّ ، فإذا كان قيس يقول :
أريد لأنسى ذكرها فكأنّما تَمَثّل لي ليلى بكلّ سبيل
فليلى في كلّ مكان لديه ، وهكذا رجال الدين الله في كلّ مكان ، يقول شاعرهم الجيلانيّ رامزاً بليلى إلى الذات الإلهيّة :
وكم سائلٍ عن سرّ ليلى رددْتُهُ بعمياء من ليلى بغير يقين
كتب لا تكفي لرمزيّة المتصوّفين لليلى بالذات الإلهيّة ، وتارة مي …
و هذا ابن الفارض يرمز للذات الإلهيّة ب ميْ :
لم يَرُقْ لي منزلٌ بعد النقا لا ولا مُستَحْسَنٌ من بعد ميْ
آهِ و اشوقي لضاحي وجهها وظما قلبي لذيّاك اللُمَيْ
وهكذا أشعل الحبّ العذريّ نار الوجد عند رجال الدين لما بينهما من تماهٍ في العاشق والمعشوق
(سيرياهوم نيوز ٢-الكاتب)