آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » فيتنام ليست البداية ولا الجزائر النهاية: التاريخ يدور في فلسطين حتى عودة الأرض

فيتنام ليست البداية ولا الجزائر النهاية: التاريخ يدور في فلسطين حتى عودة الأرض

غادة حداد

 

يتوسّط الراحل حسين منذر المسرح، توحّد البزة العسكرية أعضاء الفرقة. تلف أعناقهم الكوفية الفلسطينية. يفرح الجمهور، يهلّل ويبتسم، وفي مقدمته رئيس «منظمة التحرير الفلسطينية» الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار)، وقائد الأجهزة الأمنية الخاصة في المنظمة الشهيد صلاح خلف (أبو إياد)، عند سماعه الفرقة تقول «تراب الدامور إللي بيشهد يا بيروت عالخسارة الصهيونية، وبخلدة خلدنا الوحدة يا بيروت لبنانية فلسطينية».تلخص أغنية «اشهد يا عالم علينا وع بيروت» نضال صمود وبطولات المقاومة الفلسطينية واللبنانية في مواجهة «جيش» الاحتلال الإسرائيلي. أدت فرقة «العاشقين» الأغنية للمرة الأولى عام 1983 في مدينة عدن في جمهورية اليمن الديموقراطية (اليمن الجنوبي حينها). تسكن الأغنية في وجدان من عاصر تلك الفترة، وتنتقل إلى الأجيال الجديدة بحكم النوستالجيا. لكن اللافت مدى تطابق الأحداث مع ما يحدث اليوم في غزة، حين تقول الأغنية «سدوا المنافذ علينا في بيروت ومنعوا المعونة الطبّية… والطيارات غطوا السما يا بيروت والبحر جبهة حربية». وفي مقطع آخر، يردّد الكورس: «تمانين يوم ما سمعناش يا بيروت غير الهمة الإذاعية، بالصوت كانوا معانا يا بيروت، والصورة ذابت بالميي». منذ بداية عملية «طوفان الأقصى» والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يقف العالم، وخصوصاً العرب مع فلسطين بالصوت، مستبدلين الإذاعة بإنستغرام وX (تويتر سابقاً).

 

 

حسن مناصرة ـ فلسطين

 

من يبحث في أرشيف المقاومة، يرى تشابهاً كبيراً في المواقف الفلسطينية باختلاف الفصائل المقاتلة. في حين تخلق هذه الاختلافات صراعات، قد تتخذ أشكالاً عنفية في واقع دولة مستقلة، إلا أنه في فلسطين تتلاشى الاختلافات أمام آلة الحرب والتهجير الإسرائيلية. بدورها، بقيت القرارات الإسرائيلية تجاه المقاومة على حالها.

عام 1981، أعلن الكنيست الإسرائيلي قرار القضاء على الثورة الفلسطينية. وعام 2023، أعلن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الهدف بالقضاء على «حماس». لم يتعلّم الصهاينة من الماضي، ويكررون ما يطلق عليه علماء النفس «الاستبعاد الأخلاقي»، الذي يكتنز خطورة، إذ يسحب الحقوق الأخلاقية والإنسانية من المجموعات الأخرى، ويحرمها من الاحترام والعدالة، ويصبح بالتالي سهلاً استغلالها، وقمعها وقتلها.

من «صوت فلسطين» إلى صوت أبو عبيدة، تتالت التنظيمات المقاومة للاحتلال، باختلاف عقائدها وأيديولوجياتها، من «منظمة التحرير الفلسطينية»، و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، و«حماس» وغيرها. بين قومية أبو عمار، وتقدمية جورج حبش، وجهاد محمد الضيف، قضية مركزية ثابتة ما دام الاحتلال قائماً.

 

◄ بيروت، 26 تشرين الأول (أكتوبر) 1978

من خطاب ياسر عرفات:

لقد وضعوا هدف مؤامرتهم تصفية شعبنا البطل شعبنا المثابر والصامد في الأرض المحتلة، ولكننا عندما اجتمعنا في القيادة الفلسطينية، كنا ندرك رد أهلنا في الأرض المحتلة، وفعلاً حصل ما توقعناه، فكان الخروج الأسطوري البطولي الذي سجله أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية وأهلنا في الوطن المحتل عام 1948.

الدرب طويل والمؤامرة كبيرة جداً، ولكن يا جبل ما يهزك ريح، فلا شيء يرعبنا ولا شيء يخيفنا، خرج حاكم مصر ولم يخرج شعب مصر.

لقد أعلن بيغن في «الباري ماتش» أخيراً أن منظمة التحرير الفلسطينية هي أخطر ما يعترضنا منذ قيام الصهيونية حتى الآن، وقبله قال كارتر بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي «كو كلوكس كلان ونازية وشيوعية»، وقبله السادات بأنّ منظمة التحرير الفلسطينية تعمل على تخريب خطوات السلام.

إن منظمة التحرير الفلسطينية ليست ضد السلام كما يدعون، إنّ منظمة التحرير الفلسطينية ضد الاستسلام، وهي كفيلة بضرب وتخريب كل خطوات الاستسلام.

وإنها لثورة حتى النصر.

 

◄ 3 نيسان (أبريل) 1982

مقابلة مع خليل الوزير، أبو جهاد (الرجل الثاني في حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح») مع مجلة «المستقبل»:

إنّ العدو يستهدف من ممارساته الإرهابية ومن ضغوطه اليومية المستمرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم لزرع المستوطنات عليها.

نتيجة لتصاعد سياسة القمع والإرهاب الإسرائيليين، انفجرت انتفاضة شعبنا الفلسطيني في الداخل، لكي تقول للعدو إنّنا على صدوركم باقون، وإن هذه الأرض هي أرضنا، وهذا التراب هو ترابنا، وإننا لن نرحل، وإن الضغط يولد الانفجار.

إنّ أعداءنا كل يوم وكل ساعة يؤكدون رفضهم لمبدأ وجودنا كشعب له حقوقه الوطنية والإنسانية.

شعبنا مصمّم على أن يقاتل حتى ولو بالحجارة، حتى ولو بأجساده، وحتى ولو بقي وحده.

إنّ الثورة الفلسطينية ما هي إلا تعبير عن إرادة الشعب الفلسطيني في كل مكان، والبندقية المقاتلة في مواجهة العدو الصهيوني، وأي انتصار تحققه هذه البندقية يعمل على تعزيز صمود أبناء شعبنا.

إن نضالنا ليس من المفروض أن يكون نضالنا وحدنا، بل إن تشاركنا الأمة العربية به، لأنّ الخطر ليس خطراً علينا بل هو خطر على الأمة العربية جميعها.

إنّ ردود الفعل العربية يجب أن تتطور إلى عمل فعّال يدعم هؤلاء الذين يتصدّون بأجسادهم وبحجارتهم للاحتلال.

 

◄ 15 كانون الثاني (يناير) عام 1979

خطاب جورج حبش (أمين عام الجبهة الشعبية) في الذكرى الثانية عشرة لانطلاقة الجبهة:

تبدأ المؤامرات وتستهدف ضرب الثورة الفلسطينية على أرض لبنان، وتشن الغارات الجوية والغارات البحرية والغارات البرية… ورغم كل ذلك، يبقى شعبنا مدافعاً عن قضيته العادلة وتبقى بندقيتنا مرفوعة رغم كل هذه المؤامرات.

سنبقى أوفياء لصلب القضية، لجوهر القضية، نرفض الغزوة الصهيونية، مصممين على اقتلاعها من جذورنا، سائرين في طريق النضال والتحرير حتى تحرير كل مليمتر واحد من الأرض الفلسطينية.

ما الذي نتج من زرع البذرة الخبيثة، بذرة الصهيونية على الأرض الفلسطينية وعلى الأرض العربية؟ نتج من ذلك تشريد شعب بأكمله، نتجت من ذلك إقامة قاعدة للاستعمار، للإمبريالية.

شعبنا يعيش هذه الحقائق، شعبنا يدرك هذه الحقائق، الصهيونية بالنسبة إليه ليست نظرية يقرأها في الكتب، الصهيونية بالنسبة إليه هي الظلم، هي العدوان، هي التشريد، هي التحالف الإمبريالي، هي التصدي لكل ما هو تقدمي في الأرض العربية.

لا سلم مع الصهيونية، لا تعايش مع الصهيونية. إن ثورتنا الفلسطينية ستبقى مستمرة حتى تحقيق أهدافها الإستراتيجية.

في هذه المدة بالذات تخطّط الإمبريالية الأميركية لتعود إلى المنطقة للعربية ولمنطقة الشرق الأوسط.

نرى بوادر المناورات الديبلوماسية التي تسير في أكثر من منطقة بهدف أن تحقق هذه الهجمة عن طريق الديبلوماسية ما لم تحققه عن طريق السلاح.

نعلن منذ هذه اللحظة، إن ثورتنا وأن جماهيرنا سترفض كل الصيغ التسووية الإمبريالية.

يقولون (الأنظمة العربية) إننا نساند الشعب الفلسطيني، ويمررون البترول لأميركا، ومن أميركا لإسرائيل، نحن نطالب بمقاطعة جادة ديبلوماسية وسياسية وعسكرية واقتصادية ونفطية. نعرف أنه عبر سلاح النفط، يمكن فعلاً إسناد الثورة الفلسطينية ودفع الكثير من الأذى عنها.

 

◄ 7 تشرين الأول 2023

محمد الضيف (القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام)، أثناء إعلان انطلاق عملية طوفان الأقصى:

قررنا أن نضع حداً للانتهاكات الإسرائيلية.

بدءاً من اليوم ينتهي التنسيق الأمني مع الاحتلال.

اليوم يستعيد شعبنا ثورته ويعود إلى مشروع إقامة الدولة، و«طوفان الأقصى» أكبر مما يظن الاحتلال ويعتقد.

آن الأوان أن تتحد كل القوى العربية والإسلامية لكنس الاحتلال.

اليوم كل من عنده بندقية فليخرجها، فقد آن أوانها، ومن لم يستطع المشاركة في «طوفان الأقصى» بشكل مباشر فليشارك بالتضامن.

ندعو الجميع إلى متابعة التوجيهات والتعليمات عبر البيانات العسكرية المتتابعة.

يا إخوتنا في المقاومة في لبنان وسوريا والعراق وإيران هذا هو اليوم الذي ستلتحم به الجبهات.

 

◄ 14 كانون الأول 2022

محمد الضيف، تسجيل صوتي في الذكرى 35 لانطلاق حركة «حماس»:

إن القيادة الإسرائيلية فشلت – وهي في قمة قوتها- في استئصال الشعب الفلسطيني وطمس هويته.

القيادة الحالية لإسرائيل هي أعجز وأجبن من أن تنجح في ما فشلت فيه القيادة المؤسسة لإسرائيل.

ندعو إلى أن تتوحد كل الرايات، وتلتئم كل الجبهات وتفتح كل الساحات لتحرير فلسطين لهدف واحد وغاية كبيرة مقدسة، وهي تحرير فلسطين.

إن سألت ماذا يجمع منظمة التحرير بالجبهة الشعبية بحماس، الجواب غالباً ما سيكون عقدة حاجبين. تختلف الأيديولوجيا، ويبقى فعل المقاومة ثابتاً، كما المفاهيم: محاربة المؤامرة الغربية، صمود الشعب الفلسطيني، خطر المقاومة على الاحتلال، تهجير الفلسطينيين، توسع المستوطنات، القمع الإسرائيلي، الانتفاضة، الثورة، حقوق الشعب الفلسطيني، الإصرار على القتال، التخاذل العربي، المخططات الأميركية، الفشل الإسرائيلي في هزيمة المقاومة.

في مقدمة كتاب «الثامن عشر من برومير لويس نابليون بونابرت»، كتب كارل ماركس مقولته الشهيرة «التاريخ يعيد نفسه مرتين، الأولى كمأساة، والثانية كمهزلة». أما في فلسطين، فالتاريخ لا يعيد نفسه، بل يدور في حلقات عنف وقتل وتهجير ممنهج. ربما ستجد «حماس» مصير أسلافها من حركات المقاومة، لكن سيأتي تنظيم جديد حتماً، وأطفال اليوم سيصبحون مقاومي الغد. لم تكن فيتنام البداية ولن تكون الجزائر النهاية، وسيبقى التاريخ يدور في فلسطين، حتى تعود الأرض إلى أبناء الأرض.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ترحيب فلسطيني بالقرار «التاريخي» | هستيريا في إسرائيل: كيف نُدان؟!

        على الرغم من مماطلة قضاة «الدائرة التمهيدية» في «المحكمة الجنائية الدولية»، في إصدار مذكرتَي الاعتقال بحق رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، ...