آخر الأخبار
الرئيسية » العلوم و التكنولوجيا » «حبسورا» مصنع للاغتيالات الجماعية العشوائية: إسرائيل تستنجد بالذكاء الاصطناعي

«حبسورا» مصنع للاغتيالات الجماعية العشوائية: إسرائيل تستنجد بالذكاء الاصطناعي

علي عواد

 

أسرت القفزة التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي (AI)، المخيّلة منذ أواخر العام الماضي، ما وعد الناس بمستقبل أكثر إشراقاً. وبينما كان العالم يتدفّأ بوهج التقدم، كان كيان الاحتلال يشحذ أدواته الرقمية لتصبح أكثر فتكاً. آخر فصوله استخدام نظام AI يولّد أهدافاً من أجل قصفها بالعشرات. ما هو «حبسورا» (Habsora)؟ كيف يعمل؟ وكيف تستخدمه القوات الصهيونازيّة لقتل النساء والأطفال في غزة؟

 

منذ سنوات، تبنّت قوات الاحتلال الإسرائيلية الذكاء الاصطناعي (AI) لتعزيز قدراتها، ولا سيما في مجال الاستخبارات العسكرية وتحديد الأهداف. وأحدث أنظمة الـ AI التي تستخدمها «إسرائيل» في حربها على غزة، نظام «حبسورا»، والاسم يعني الإنجيل في العبرية وفقاً لتقرير نشرته مجلة «+972» نقلاً عن مصادر استخبارية إسرائيلية بتاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.كان مستغرباً قول الجيش الإسرائيلي في الثاني من تشرين الثاني الماضي، أي بعد حوالى الشهر من شنّه عدوانه الهمجي على شعب غزة، إنه دمر أكثر 12 ألف هدف! وفعلياً، لا يُعقل وجود هذا الكم الهائل من الأهداف في منطقة تبلغ مساحتها الجغرافيّة 365 كيلومتراً مربعاً. ثم كيف لحركة «حماس» أن تستطيع بناء ذلك كله؟ فعلاً، كان أمراً غريباً. لكن موقع قوات الاحتلال الإلكتروني، أشار إلى استخدامها نظام ذكاء اصطناعي يُدعى «حبسورا». وقبل مدة وجيزة من الحرب الحالية، تحدّث قائد الجيش الإسرائيلي السابق، أفيف كوخافي في إحدى المقابلات أنّه في عام 2019، أنشأت قوات الاحتلال «القسم الإداري للأهداف»، وهي وحدة تتألف من مئات الضباط والجنود المخصّصين لاستخدام قدرات الذكاء الاصطناعي في تسريع توليد الأهداف. وأكد رئيس أركان «الجيش» الإسرائيلي السابق، على نجاح الفرقة في عملية «حارس الجدران» ضد غزة عام 2021، متحدثاً عن «آلة تحلّل كميات هائلة من البيانات بشكل أكثر فعالية من أي إنسان، وتترجمها إلى أهداف للهجوم». وتبجّح قائلاً «بمجرد تفعيلنا هذه الآلة، أنتجت 100 هدف يومياً» و«لوضع ذلك في الحسبان، كنا نُنتج في الماضي 50 هدفاً في غزة سنوياً». والآن تنتج هذه الآلة 100 هدف في اليوم الواحد، وتتمّ مهاجمة 50% منها.

 

كيف يعمل؟

الوظيفة الأساسية لـ«حبسورا» هي استخدام الأدوات الرقمية لإنتاج الأهداف بسرعة، وتحسين المواد الاستخباراتية وفقاً للاحتياجات التشغيلية. وأكد مسؤول استخباراتي صهيوني كبير لمجلة «+972»، أن هذه التكنولوجيا فعّالة بشكل خاص في تحديد واستهداف منازل نشطاء «حماس» الصغار نسبياً، الذين قد يختبئون أثناء العمليات العسكرية.

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «ذا غارديان» في الأول من كانون الأول (ديسمبر) الحالي، لا تزال المعلومات عن كيفية عمل «حبسورا» محاطة بالغموض. وفي حين لم يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة المتعلّقة بنوع البيانات التي يحلّلها النظام من أجل خلق أهداف كي تقصفها قوات الاحتلال، إلا أن خبراء قالوا للصحيفة البريطانية، إن مثل تلك الأنظمة تكون بياناتها عادةً عبارة عن مجموعات بيانات متنوعة وشاملة من عدد لا يُحصى من المصادر، بما في ذلك، صور وفيديوات من الطائرات من دون طيار، واعتراض الاتصالات والاستماع إلى المحادثات، وبيانات المراقبة، والمعلومات المستمدة من المراقبة الدقيقة لحركة الأفراد والمجموعات البشرية والتركيز على أنماط سلوكية محددة (طريقة سير أحدهم يمكن تسجيلها كبيانات وبالتالي عندما يحلّل ذكاء اصطناعي مشاهد فيديو لمجموعات بشرية يمكن أن يحدد شخصاً معيناً بينهم).

 

الاستخدام

وصف ضبّاط استخبارات سابقون لمجلة «+972»، نظام «حبسورا»، بأنه «مصنع الاغتيالات الجماعية»، إذ يتم التركيز على «الكمية وليس الجودة». بمعنى أنّ النظام يعالج كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي، ويقدم توصيات تلقائية لمهاجمة المساكن الخاصة المشتبه في أنها تضم مقاتلين من «حماس» أو «الجهاد الإسلامي». يسمح هذا النهج بتنفيذ عمليات اغتيال واسعة النطاق عبر القصف العنيف للمنازل السكنية. بكلمات أخرى، يقدم «حبسورا» توصياته لقصف أهداف من دون التمعّن في جدواها فعلياً، بل يركّز على صناعة أكبر عدد ممكن من الأهداف كي تستمر آلة الموت الإسرائيلية في العمل. ولا يهم وجود الناس في تلك المنازل، طالما أنّ النظام قدّم هدفاً، فهذا يعني أنه سيقصف. وتزداد كمية الأهداف المدمرة وفقاً لقوات الاحتلال.

تقول مجلة «+972»، إنّ الدافع لتوليد عدد كبير من الأهداف تلقائياً يتوافق مع مبادئ «عقيدة الضاحية» (عندما قصفت ضاحية بيروت الجنوبية في عدوان تموز 2006)، التي تسعى إلى «ردع الخصوم عبر القوة الساحقة» وخلق نقمة شعبية ضد المقاومة تجعلها في صدام داخلي مع شعبها.

توليد عدد كبير من الأهداف يتوافق مع مبادئ «عقيدة الضاحية» الهادفة إلى خلق نقمة شعبية ضد المقاومة

 

أما ما يثير الغثيان عن تلك الآلة واستخدامها، وما نقلته مجلة «+972» عن خمسة مصادر أمنية مختلفة، أنّ «حبسورا» سهّل عمليات صنع القرار أثناء العمليات العسكرية، بما في ذلك «حساب الخسائر المحتملة»، وأنّ الاستخبارات الإسرائيلية على علم بعدد المدنيين الذين قد يقتلون في الهجمات على المساكن الخاصة قبل استهدافها. بكلمات أخرى، عادة إذا ما أُريد تصفية شخص ما، هناك عدد معين يمكن تحمّله من المدنيين الذين قد يُقتلون نتيجة العملية، وتتصاعد نسبة العدد المقبول وفق أهمية الشخص المستهدف. لكن اتخاذ قرار في هذا الشأن أيضاً، أمر بالغ الصعوبة، وقد تُلغى العملية في أغلب الأحيان. أما بالنسبة إلى قوات الاحتلال، فقد سهّل عليها «حبسورا» تمرير الإبادة الجماعية. وبالتالي إن مرت شخصية من المقاومة الفلسطينية قرب حيّ سكني، فلا شيء يردع قوات الاحتلال من تدمير كل المنطقة السكنية بمن فيها، ذلك أن عملية صنع القرار في هذا الأمر باتت أسهل!

 

وهم التفوق الإسرائيلي الرقمي سقط عندما أسقط المقاومون الجدار حول غزة

 

بمعزل عما يقوله الإسرائيلي عن «حبسورا» وما قد يُكشف عنه في القادم من الأيام من تقنيات أخرى، الأكيد أنّ صورة التفوّق الرقمي التي تغنّى بها قادة الاحتلال باعتبار «إسرائيل» صارت وادي «سيليكون» آخر على غرار منطقة «وادي السيليكون» في كاليفورنيا، إلا أنّ وهم التفوّق هذا سقط في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. سقط عندما انهار الجدار حول غزة، الذي قالوا إنّه «ذكي»، والمجهّز بأحدث التقنيات من كاميرات وأجهزة تجسّس ورصد. وسقط عندما استطاعت المقاومة الفلسطينية استهداف المدرّعات رغم أجهزة الحماية المثبتة عليها. وكل ما يُكشف عنه اليوم من قبل «إسرائيل» من تكنولوجيا، يوضع في سياق محاولة استعادة الهالة. ثم، جدياً، ما هو المميز في آلة تخلق أهدافاً من دون تمعّن فعلي فيها، أي ما الذي سيسبّبه ذلك من ضرر للمقاومة الفلسطينية؟ لا شيء. هو مجرد نظام سهّل آلية اتخاذ القرار بصنع المجازر وتدمير أحياء سكنية على رؤوس قاطنيها. آلة بلا قلب، صمّمها كيان همجيّ مستعمر، ودُرّبت لتعمل مثله: التفنّن في صنع أهداف من الأطفال والنساء، تروي عطش الصهاينة للدماء الفلسطينية.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ضحايا “الاكتناز الرقمي؟”!

قال خبراء: إذا كنت تجد صعوبة في حذف الرسائل القديمة، أو إذا كنت تشعر بأن هاتفك مليء بالملفات التي لا تعرف كيف تديرها، فقد تكون ...