قالت وزارة الخارجية الروسية إن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف طالب بالإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة خلال اتصالات هاتفية أجراها أمس الأحد واليوم الاثنين مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وفصائل فلسطينية أخرى.
جاء هذا بعد سلسلة من الاجتماعات والاتصالات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي.
وذكرت الوزارة أن محادثات بوجدانوف سلطت الضوء على الوضع العسكري والإنساني في غزة، وأن روسيا “أكدت موقفها بشأن الحاجة إلى وقف الأعمال القتالية وحل كل ما ترتب عليها من مشاكل إنسانية بشكل عاجل بما يشمل إطلاق سراح الرهائن”.
ولم يوضح البيان ما إذا كانت روسيا تسعى إلى تحرير جميع الرهائن الذين احتجزتهم حماس في هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول أم تسعى فقط إلى الإفراج عن أي مواطن روسي بينهم.
وتحدث الوزير مع شخصيات بارزة في منظمة التحرير الفلسطينية والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة حماس.
وجاء في البيان أن بوجدانوف أكد ضرورة استعادة الوحدة الفلسطينية “في إطار منظمة التحرير الفلسطينية” وشدد مجددا على دعم موسكو لقيام دولة فلسطينية تتعايش مع إسرائيل.
ودعت روسيا أمس الأحد إلى إرسال بعثة مراقبة دولية إلى غزة لتقييم الوضع الإنساني.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو تدين بشدة هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول لكن استخدام إسرائيل ذلك مبررا “لعقاب الملايين من الشعب الفلسطيني بشكل جماعي عن طريق القصف العشوائي” مرفوض.
ويقول محللون إن حرب غزة جاءت في مصلحة روسيا لأنها صرفت انتباه العالم عن الحرب في أوكرانيا وزادت من صعوبة الأمر على كييف لنيل اهتمام واشنطن والحصول على مساعدات عسكرية منها.
كما استغل بوتين حرب غزة في انتقاد فشل الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط وإظهار صورة روسيا كلاعب إقليمي يتمتع بعلاقات مع جميع اللاعبين الفاعلين الرئيسيين في المنطقة.
وكثف بوتين اتصالاته في الأسبوع الماضي رغم استمرار غموض هدف حملته الدبلوماسية الأخيرة.
وتحدث بوتين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم السبت ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأحد بعدما التقى الأسبوع الماضي بقادة السعودية والإمارات وإيران.
ويشهد قطاع غزة الاثنين غارات جوية إسرائيلية دامية ومعارك عنيفة بعد تأكيد حركة حماس أن الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم منذ هجومها على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لن يتم سوى من خلال مفاوضات وتبادل أسرى.
بعد غارات جوية عنيفة ليلًا على خان يونس في جنوب القطاع، استهدفت ضربات جديدة صباح الاثنين وسط وشرق المدينة التي لجأ إليها آلاف المدنيين بعد الفرار من القتال في الشمال.
وتحدثت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس عن “عشرات” الشهداء في القطاع لا سيّما في خان يونس ومدينة غزة ومخيم جباليا (شمال) ومخيمَي النصيرات والمغازي (وسط)، فيما لا يزال عشرات الضحايا تحت الأنقاض.
ونُقلت 32 جثة إلى مستشفى ناصر في خان يونس خلال 24 ساعة، بحسب الوزارة.
وعلى صعيد العمليات الميدانية، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي عن قتال عنيف في مدينة غزة بشمال القطاع، مشيرة الى قيامها بتفجير منزل كان الجنود الإسرائيليون يحاولون العثور فيه على فتحة تؤدي إلى نفق تحت الأرض.
وبعدما أفاد الأحد عن “قتال عنيف” في أحياء بمدينتي غزة وخان يونس، أكد الجيش الإسرائيلي الإثنين إطلاق صواريخ من غزة.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية الإثنين عن سقوط شظايا صواريخ في حولون بضواحي تل أبيب، متحدثة عن “أضرار مادية وإصابة مدني بجروح طفيفة”.
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكد الأحد “لا أريد أن أقول إننا نستخدم قوتنا الكاملة لكننا نستخدم قوة كبيرة ونحقق نتائج مهمة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين أنّ حصيلة القتلى من جنوده ارتفعت إلى 104 فيما أُصيب 582 آخرين.
– مفاوضات وتبادل أسرى –
اندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل، أسفر عن 1200 قتيل معظمهم مدنيون قضى غالبيتهم في اليوم الأول، وفق السلطات الإسرائيلية. كذلك اختُطف حوالى 240 شخصا ونقلوا إلى قطاع غزة حيث ما زال 137 منهم محتجزين.
وبدأت اسرائيل عملية برية في القطاع في 27 تشرين الأول/أكتوبر.
وأتاحت هدنة استمرت أسبوعا نهاية تشرين الثاني/نوفمبر إطلاق سراح 105 رهائن من غزة، بينهم 80 إسرائيليا، في مقابل إطلاق إسرائيل سراح 240 سجينا فلسطينيا. وكان المفرج عنهم من الطرفين من النساء والأطفال.
وحذرت حماس الأحد من أن ما من رهينة سيغادر القطاع “حيا” إذا لم تُلبَ مطالبها عبر مفاوضات وتبادل أسرى.
وقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، في رسالة صوتية “لا العدو الفاشي وقيادته المتعجرفة ولا داعموه يستطيعون أخذ أسراهم أحياء دون تبادل وتفاوض ونزول عند شروط المقاومة والقسام”.
– “لا يوجد مكان آمن” –
وفي قطاع غزة يضطر السكان إلى العيش في منطقة تكتظ بشكل متزايد وحيث النظام الصحي “ينهار” وفقا لمنظمة الصحة العالمية، مع استمرار ارتفاع حصيلة القتلى.
ووفقا لأحدث حصيلة نشرتها وزارة الصحة التابعة للحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، أدى القصف الإسرائيلي الى استشهاد 18205 أشخاص، نحو 70 في المئة منهم نساء وأطفال.
في غزة يحوّل القصف أحياء بكاملها أنقاضا ويحاول السكان يائسين الهروب من الاشتباكات إلى الجنوب.
وشردت الحرب 1,9 مليون شخص، أي 85 بالمئة من سكان القطاع، وفق الأمم المتحدة.
وطلب الجيش الإسرائيلي من المدنيين في غزة التوجه إلى “مناطق آمنة” لتجنب المعارك. الا أن سكان القطاع والعديد من المنظمات الدولية يؤكدون عدم وجود مكان آمن في القطاع، إذ إن القصف الإسرائيلي يطال مختلف مناطقه.
وقالت منسقة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية لين هاستينغز التي لم يتم تجديد تأشيرتها في إسرائيل إن “إعلانا أحاديا من جانب قوة احتلال بأن الأراضي التي ليست فيها بنية تحتية أو أغذية أو مياه أو رعاية صحية (…) هي +مناطق آمنة+ لا يعني أنها كذلك”.
ويفر آلاف من سكان غزة بأي طريقة ممكنة، بسيارات أو شاحنات وأحيانا بواسطة عربات أو سيرًا.
خسرت أم محمد الجبري (56 عامًا) التي تقيم في منزل أخيها في رفح، سبعة من أبنائها في ضربة ليلية على منزلهما.
وقالت لوكالة فرانس برس “كل شيء راح. بقي لي أربعة أولاد وبنات من أبنائي الـ11. جئنا من غزة وهربنا لخان يونس ثم نزحنا إلى رفح. هذه الليلة، قصفوا البيت الذي نحن فيه ودمّروه. قالوا إن رفح ستكون آمنة. لكن العكس هو الصحيح، فرفح فيها قصف ولا مكان آمن”.
وقال صاحب البيت أبو طارق صبح (55 عامًا) “تم استهدف البيت بصاروخين الساعة الثانية فجرًا”.
وقالت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس إن الضربة أسفرت عن عشرة قتلى وعشرات الجرحى.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الاثنين “لا مكان آمن فعلًا في قطاع غزة، حتى مباني الأمم المتحدة (…) تعرضت للقصف”.
وأضاف “يزيد عدد الأشخاص الذين لم يأكلوا منذ يوم أو اثنين أو ثلاثة (…) الناس يفتقرون إلى كل شيء”.
وقد تحولت مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع عند الحدود مع مصر، إلى مخيم ضخم للنازحين حيث نصبت على عجل مئات الخيام باستخدام أخشاب وأغطية بلاستيكية.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن عشرات آلاف النازحين الذين وصلوا إلى رفح منذ الثالث من كانون الأول/ديسمبر “يواجهون ظروفًا كارثية في أماكن مكتظة بالسكان داخل وخارج الملاجئ”.
وأضاف “تنتظر حشود لساعات حول مراكز توزيع المساعدات والناس في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والمأوى والرعاية والحماية”، في حين أن “غياب المراحيض يزيد من مخاطر انتشار الأمراض” خصوصًا عندما تسبب الأمطار فيضانات.
في الشمال، نصب آلاف النازحين خيامًا حول مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في منطقة الرمال غرب مدينة غزة، هربًا من القصف المتواصل، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.
وتتراكم النفايات في هذا المخيم المؤقت. وفي المنطقة المحيطة، دمرت عشرات المنازل والمتاجر، بما في ذلك مباني الجامعة الإسلامية ومباني جامعة الأزهر المجاورة.
ويقول الخيّاط العاطل عن العمل حاليًا رامي الدحدوح (23 عامًا) الذي نزح من حيّ تل الهوى “هربنا يوم السبت ونصبنا خيمة بالأونروا، لا يوجد مياه ولا كهرباء ولا خبز ولا حليب للاطفال ولا حفاضات للأطفال. نعيش نكبة جديدة”.
– ضربات في سوريا –
بعد فشل مجلس الأمن الدولي الجمعة في التصويت على “وقف إطلاق نار إنساني” بسبب عرقلة واشنطن مشروع قرار في هذا الاتجاه عبر استخدامها حق النقض (الفيتو)، من المقرر أن تجتمع الجمعية العامة بعد ظهر الثلاثاء لمناقشة الوضع في غزة.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، تصاعد التوتر في الضفة الغربية المحتلة، حيث قُتل أكثر من 260 فلسطينيا بنيران جنود أو مستوطنين إسرائيليين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية في رام الله.
ومع تواصل الحرب في غزة، تستمر المخاوف والتحذيرات من اتساع نطاق النزاع ليشمل جبهات إقليمية أخرى.
في جنوب لبنان، قُتل مختار بلدة الطيبة الإثنين جراء قذيفة إسرائيلية، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية، ليرتفع بذلك عدد القتلى المدنيين منذ بدء التوتر على الحدود على وقع الحرب في غزة إلى 17.
وشنت إسرائيل ليل الأحد الاثنين ضربات استهدفت مواقع في محيط دمشق، حسب وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”.
من جهته أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن القصف الإسرائيلي ليل الأحد الاثنين “استهدف مواقع لحزب الله اللبناني” في منطقتي السيدة زينب ومطار دمشق الدولي بمحيط العاصمة.
وأدى القصف إلى “مقتل مقاتلَين لبنانيَين من حزب الله وسوريين اثنين” من العاملين في حراسة المقرات العسكرية التابعة للحزب، بحسب ما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم