الرئيسية » إقتصاد و صناعة » حماية المياه الجوفية والجارية من التلوث في جميع محافظات القطر حاجة وطن ومواطن فالماء ثروة وطنية عامة، و”الندم بعد الفوت أمرّ من الموت”.

حماية المياه الجوفية والجارية من التلوث في جميع محافظات القطر حاجة وطن ومواطن فالماء ثروة وطنية عامة، و”الندم بعد الفوت أمرّ من الموت”.

 

 

عبد اللطيف شعبان

 

منذ سنوات يلاحظ وجود شكوى كبيرة متباينة الحدة، ولكنها الأقرب إلى الازدياد، من انقطاع شبكة مياه الشرب عن كثير من المشتركين لأيام وربما لأسابيع، لابل أن البعض شكا من انقطاعها لأشهر، وتكاد تكون هذه الحالة عامة في عدة محافظات، وخاصة خلال أيام الصيف، وهذه الشكوى أكثر تفاقماً في قرى الريف السوري، والأغرب أنها الأكثر تفاقما في قرى ريف محافظة طرطوس، الأعلى كمية مطر خلال موسم الشتاء، والمشهورة في الكثير من ينابيعها الموجودة في مئات القرى، لابل حتى كان من المقترح – وربما لازال الاقتراح قيد استكمال الدراسة والاعداد للتنفيذ – أن يتم سحب مياه نبع السن المجاور – لمدينة بانياس – لإرواء مدينة دمشق رغم غزارة مياه نبع الفيجة ومخزونها المائي في غوطتها الغنَّاء.

خوف كبير يتملك الكثيرين من قصور أو تقصير المؤسسة العامة للمياه من معالجة هذه الظاهرة خلال السنوات الماضية، أكان بسبب ما تعانيه الشبكات القديمة من اهتراء أو مولدات ماءها من اهتلاك ، أو ضعف القدرة على التجديد والاضافة في ضوء الحاجة المتزايدة، والمشكلة الكبيرة الجديدة المتجددة تتمثل في الشكوى الكبيرة من ارتفاع أسعار مياه الصهاريج ومياه العبوات، للكثيرين الذين يضطرون لشرائها عند انقطاع شبكة المياه عن منازلهم، هذا الارتفاع الذي تصاعد كثيرا خلال السنوات الماضية بسبب الارتفاع المتتالي في أسعار وقود الآليات الناقلة لهذه المياه، حتى كاد المبلغ المطلوب تخصيصه لشراء المياه يشكل جزءا كبيرا من دخل الأسرة ولا مفر من ذلك، فالله خلق من الماء كل شيء حي، وكثير من الينابيع التي اعتاد أبناء الريف اللجوء لها عند الاضطرار، ولو بعيدة عن مساكنهم، تشكو من التلوث، لابل أن العديد من الآبار التي تغذي شبكات المياه تشكو من بعض التلوث بين حين وآخر، وكثيرا ما تم توقيف ضخ المياه لأيام عبر شبكة مياه وأخرى، نتيجة ارتفاع درجة التلوث، ومن المعتاد في الأحوال العادية أن عمال الشبكات يعقمون المياه المنسابة عبر الخزانات بمادة الكلور – المجمع على أنها مادة مسرطنة – وما أكثر مرضى السرطان وخاصة في محافظة طرطوس.

يبقى انقطاع المياه لأيام أو أسابيع محمولا ممن يعانون ذلك ولو مكرهين ، خاصة وأن من تنقطع عنهم موهومون بالتخفيف من ذلك لاحقا وعدم التكرار، وقد حدث التخفيف أحيانا ولكن التكرار تعاقب، ويبقى الخطر الأكبر قائما من ازدياد نسبة التلوث ومدى انتشارها في الكثير من آبار شبكات المياه نتيجة سوء التنفيذ السابق لشبكات الصرف الصحي القديمة، والقصور الكبير القائم في المعالجات الجديدة المطلوبة للصرف الصحي في العديد من المحافظات، وربما تكون محافظة طرطوس الأكثر معاناة من ذلك، فقد مضت عقود على المباشرة ببعض المحطات ولم تستكمل حتى تاريخه ومنها محطة معالجة مدينة طرطوس ، ومحطات عديدة أخرى في مناطق المحافظة ومنها محطات محور نبع الغمقة، و لازالت مياه الصرف الصحي تصب في سدَّي الصوراني والدريكيش، علما أنه قد تم انجازهما لغاية مياه الشرب، وكثيرين من متناولي أسماك سد الشهيد الباسل يشكون من أثار تلوثها نظرا لكثافة مياه الصرف الصحي في السد.

الطامة الكبرى أن تكون الشكوى المستقبلية من انعدام صلاحية مياه الشبكات للاستخدام المنزلي، ويبدو أن هذه الحالة قائمة حاليا بشكل ملحوظ عند الكثير من الأسر الميسورة ريفا ومدينة، بدليل الانتشار الكبير للسيارات الجوالة التي تبيع عبوات المياه سعة 20ليتر المياه، والمترافق بانتشار استخدام عبوات معمل مياه الدريكيش ومعمل مياه نبع السن ونبع الفيجة لدى الأسر الغنية، ولكن الأسر الفقيرة سوف لن تكون قادرة لشراء حتى ماء الصهاريج.

المغتربون يقولون أن ظاهرة عدم صلاحية شبكات المياه للاستخدام المنزلي موجودة في كثير من بلدان الاغتراب ، ولكن الدخل الكبير لمواطني تلك البلدان يسمح لهم بشراء الماء المعلب، ولكن الدخل المتدني لأغلب الأسر السورية لا يسمح بذلك.

أيها المسؤولون عالجوا هذه الحالة قبل فوات أوانها، فحماية المياه الجوفية والجارية من التلوث في جميع محافظات القطر حاجة وطن ومواطن، لأن الماء ثروة وطنية عامة، والندم بعد الفوت أمر من الموت .

عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لضمان كفالة الألواح الشمسية … اتفاقية استراتيجية بين الشركة السورية لإنتاج اللواقط الكهروضوئية وصندوق دعم الطاقة المتجددة

أكد المدير العام للشركة السورية لصناعة اللواقط الكهروضوئية في اللاذقية الدكتور نوفل إبراهيم لـ«الوطن» توقيع اتفاقية استراتيجية مع صندوق دعم استخدام الطاقات المتجددة ورفع كفاءة ...