تساءل مقال نشرته مجلة “إنترسبت” الأميركية عن خطورة عدم معرفة الأشخاص الذين يديرون العالم أبسط الحقائق السياسية، وذلك على خلفية مقال نشر مؤخرا حول الهجوم الإسرائيلي على غزة بقلم السياسي البريطاني بن والاس الذي كان وزيرا للدفاع بالمملكة المتحدة حتى بضعة أشهر مضت.
وذكر الكاتب جون شوارز أن المشكلة تكمن في أن والاس أولى أهمية كبيرة للميثاق الأصلي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لعام 1988، دون أن يعلم أن حماس أصدرت ميثاقًا جديدًا عام 2017، أكدت فيه أن “صراعها مع المشروع الصهيوني وليس مع اليهود بسبب دينهم”.
ويرفض الميثاق المُعدّل شرعية الصهيونية، ويقبل “إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة ومستقلة، وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967، مع عودة اللاجئين والمهجرين إلى ديارهم التي طردوا منها، لتكون صيغة للتوافق الوطني”.
وزاد الكاتب بأن فشل والاس في الاستشهاد بالميثاق الحالي لحماس مثير للاستياء، خاصة وأن وجهة نظره الإجمالية “معقولة” من حيث إشارته إلى أن ما تفعله إسرائيل حاليا سيؤجج الصراع لمدة 50 عاما أخرى.
ونقل عن والاس انتقاده الشديد لميثاق “حماس” واتهمه بأنه معاد للسامية وللديمقراطية، زاعما أنه “لا يمكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع حماس ما لم تكن مستعدة للإعلان عنه. وحتى ذلك الحين، سيتعين عليهم التعهد بتعديل ميثاقهم للقيام بذلك”.
ويشرح الكاتب إلى أنه بالنظر إلى طريقة عرض والاس للموضوع، فمن غير المرجح أن هذا الوزير السابق تعمّد تجاهل تنقيح “حماس” ميثاقها عام 2017، بل يكاد يكون من المؤكد أنه لا يعرف بوجود التنقيح أصلا، وتعتبر هذه المسألة مهمة لسببين:
أما ثاني الأسباب -يتابع الكاتب- فيتمثل في ضرورة الاعتراف بأن العديد من الأشخاص الذين يتربعون على قمة هياكل السلطة في العالم ليست لديهم أدنى فكرة عما يتحدثون عنه. وبهذا السياق، كتب جيمي كارتر ذات مرة أنه تمنى لو قرأ عن تاريخ العدوان الأميركي في أميركا الوسطى قبل أن يصبح رئيسا، ولعل شعوب أميركا الوسطى تمنت ذلك أيضا.
ويزيد الكاتب بأنه على نحو مماثل، سيكون الفلسطينيون أكثر سعادة إذا تمكن أشخاص مثل والاس -الذي استمرت فترة ولايته وزير دفاع للمملكة المتحدة 4 سنوات- من اكتساب معرفة بتاريخهم تضاهي على الأقل ما هو متاح في مدونة ويكيبيديا.
وللحصول على معلومات إضافية، كان يمكن لوالاس أن يتعلم أساسيات حزب الليكود الذي يرأسه حاليا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويعلن برنامج الحزب الأصلي لعام 1977 أنه “بين البحر ونهر الأردن لن تكون هناك سوى السيادة الإسرائيلية”.
ويؤكد الكاتب أنه لا يوجد أي ضغط على والاس وأمثاله للتعرف على هذه الحقائق المهمة. بل إن كل الضغوط تدفعهم بالاتجاه الآخر. وعلى سبيل المثال، بسبب ملاحظاته المبتذلة عن واقع القمع الذي يولد التطرف، اتُهم والاس باحتمال “إثارة الكراهية المعادية للسامية”.
وخلص المقال إلى أن العالم بأمسّ الحاجة إلى أن يمتلك المسؤولون فهما للحقائق، على الأقل حتى لا يقوموا بتدمير كل شيء عن طريق الخطأ.
سيرياهوم نيوز2_راي اليوم