لينا فخر الدين
يستكمل مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان سياسة إحكام القبضة الحديدية وإقصاء المعارضين التي ينتهجها في المؤسسات التابعة لدار الفتوى. وبعدما قرّر منع المشايخ والخطباء من الإدلاء بمواقف سياسيّة بعد انزعاج حزبَي القوات اللبنانية والكتائب، جاء الدّور على الطاعنين في التمديد للمفتي على رأس المؤسسة الدينية إلى حدّ وصفهم بـ«الشاذّين (…) ومَن شذَّ شذَّ في النَّار» حتى لو كان هؤلاء من القضاة المشهود لهم في المؤسسة الدينية.ففي «بيان صادر عن قضاة الشرع الشريف لدى المحاكم السنية حول رفض الطعن في تمديد السن القانونية لمفتي الجمهورية اللبنانية»، وُزّع أمس، اتُّهم القاضيان الشرعيان عبد العزيز الشافعي وهمام الشعار، اللذان قدّما إلى مجلس شورى الدولة طعناً في قرار «المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى» التمديد لدريان، بأنّ «ما فعلاه يُعتبر خروجاً على الإجماع الحاصل لدى جميع المراجع الزمنية والدينيّة في الطائفة السنيّة»، و«أن التذرّع بتصحيح مسارات المؤسسات الدينية لا يتم إلا من خلال كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة (…) ومن أشخاص صادقين ومخلصين ومأمونين ليس في سجلّهم الوظيفي ولا في سمعتهم المسلكية ما يسيء إلى منهج الاعتدال والوسطية، وليس ممن يتخذون شعار الغاية تبرّر الوسيلة»، مشدّداً على «أننا لا نسمح بكسر هيبة المفتي ولا إرادة الإجماع السني على تجديد الثقة به. نعوذ بالله من الشذوذ وحظوظ النفوس ومن مفارقة الجماعة وشقّ عصا الطاعة».
تمّ توزيع بيان القضاة الشرعيين من دون تواقيع بعد رفض معظمهم ذلك
البيان المدجّج بآيات قرآنية وفتاوى شرعيّة في غير محلّها، يعكس بوضوح نَفَس السيطرة على مؤسسات دار الفتوى وسياسة تقييد الموظفين والقضاة. وقد وُزّع على القضاة والمشايخ وعُمّم على المجموعة الخاصة بأعضاء «المجلس الشرعي» على «واتساب». ونفى أكثر من قاضٍ اتصلت بهم «الأخبار» علاقتهم بالبيان، لكنهم أشاروا إلى ضغوطٍ مارسها رئيس المحاكم الشرعيّة السنيّة القاضي الشيخ محمّد عسّاف، بالنيابة عن دريان خلال الأيّام الماضية، لإقناعهم بتوقيع بيان مماثل، ملوّحاً بإجراءاتٍ عقابيّة في حال عدم التوقيع، تبدأ بامتناع دريان وعساف عن التواصل معهم. غير أن معظم القضاة رفضوا توقيع البيان الذي يتضمّن تجريحاً شخصياً بحق زميليهما، إذ يصف مقدّمي الطعن بأنهم «مرضى نفسيون»! وبعد تعديل البيان وإزالة العبارة منه، اعتبر القضاة البيان المُعدّل أسوأ من الأوّل، ولم ينزلوا عند طلب عساف. عندها قرّرت دار الفتوى، على ما يبدو، تجاوز موقف القضاة الشرعيين ونشرت البيان الذي تضمّن عبارة «نحن الموقّعين أدناه» من دون أي توقيع، ومن دون أن يتضمّن أي اسم، ولجأ عساف إلى «تخريجة» نشرِ البيان على مجموعة «المجلس الشرعي» بعدما ذيّله بتاريخ 12 كانون الأوّل الجاري!
في المقابل، رفض القاضي همام الشعار الردّ على ما ورد في البيان، لأنّه «لا يمكن الرد طالما أنّ البيان مجهول المصدر وغير منسوب إلى قضاة محدّدين».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية