أفادت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية، مساء أمس الخميس، أنّ مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن يضعون خططاً للرد في حال توسّعت الحرب في قطاع غزّة إلى صراعٍ إقليميٍ أوسع وطويل الأمد.
وتحدث أربعة مسؤولين مُطلعين على الأمر لم يكشفوا هويتهم، بما في ذلك مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، عن المحادثات الداخلية بشأن السيناريوهات التي يُمكن أن تجرّ الولايات المتحدة إلى حربٍ أخرى في الشرق الأوسط.
ويقوم الجيش الأميركي بصياغة خطط للرد على الهجمات اليمنية، التي السفن التجارية في البحر الأحمر، وفقاً لثلاثة مسؤولين أميركيين، والتي تشمل ضرب أهداف يمنية، وفقاً لأحد المسؤولين، وهو خيارٌ سبق أن قدّمه الجيش الأميركي.
وفي الوقت نفسه، “يحاول مسؤولو الاستخبارات التوصل إلى طرقٍ لتوقّع ودرء الهجمات المُحتملة على الولايات المتحدة من قبل القوات المدعومة من إيران في العراق وسوريا”، وفقاً لأحد المسؤولين، كما أنّهم يعملون على تحديد المكان الذي قد تُوجّه فيه القوات اليمنية ضرباتها التالية.
وحثّت الولايات المتحدة، منذ أشهر، خلف الكواليس، طهران على إقناع محور المقاومة بتقليص هجماته، لكن المسؤولين يقولون إنّهم “لم يروا أيّ علامةٍ على أنّ الجماعات بدأت في تقليل استهدافها ويشعرون بالقلق من أنّ العنف لن يتصاعد إلا في الأيام المقبلة”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ تصعيد الحرب وامتدادها قد يؤدي إلى تورّط الرئيس جو بايدن بشكلٍ أعمق في الشرق الأوسط، مع اشتداد موسم الحملات الانتخابية لعام 2024، ودفع حملته للتركيز على القضايا المحلية أكثر من العالمية.
كما قال مسؤولون إنّ احتمال نشوب صراع أوسع نطاقاً يتزايد في أعقاب سلسلةٍ من المواجهات في العراق ولبنان وإيران خلال الأيام القليلة الماضية، وقد أقنعت هذه الأمور البعض في الإدارة بأنّ الحرب في غزّة قد تصاعدت رسمياً إلى ما هو أبعد من حدود القطاع – وهو السيناريو الذي حاولت الولايات المتحدة تجنّبه لأشهرٍ لعدّة.
وأشارت “بوليتيكو” إلى أنّ التطورات محفوفة بالمخاطر ليس فقط على الأمن الإقليمي، ولكن على فرص إعادة انتخاب بايدن، الذي دخل البيت الأبيض مع تعهداتٍ بإنهاء الحروب.
وحتى بدون وجود قوات أميركية في أيّ من الصراعين (أوكرانيا و”إسرائيل”)، قد يرى الناخبون أنّ العام 2024 هو فرصتهم للتعليق على سؤال السياسة الخارجية الرئيسي في هذه الانتخابات: إلى أيّ مدى يجب أن تشارك أميركا في الحروب الخارجية؟ وفق الصحيفة.
وتعهّد بايدن بدعم أوكرانيا مع وقوفه بقوّةٍ خلف “إسرائيل”، وتفاخر الرئيس السابق دونالد ترامب، المنافس الجمهوري الأكثر احتمالاً لبايدن، بأنّه يستطيع إنهاء العملية الروسية في غضون ساعات فقط، وقال إنّ الولايات المتحدة يجب أن تتخذ نهج عدم التدخل في القتال بين “إسرائيل” وحماس.
وقال مدير دراسات الدفاع والسياسة الخارجية في معهد “كاتو”، جاستن لوغان إنّه “يتمّ إلقاء اللوم على شاغلي المناصب بسبب الأحداث السيئة، سواء كانت خطأه أم لا وهذا، هو الجانب السلبي لرئاسة امبراطورية”، مضيفاً: “سيقوم ترامب بحملته على أساس: تذكّر أيام المجد، بحجة أنّ روسيا لن تكون في أوكرانيا، و”إسرائيل” لم تكن لتتعرض للهجوم، والصين لن تميل إلى الدخول إلى تايوان لو كان مسؤولاً”.
وتابع لوغان: “سيتعين على بايدن أن يقول: نعم سيفعلون ذلك، ولم يكن أي من ذلك خطأي”، مضيفاً أنّه “ليس موضوعاً جيداً بالنسبة لبايدن. ولكن ما لم تتفاقم الأمور كثيراً، بما في ذلك مقتل جنود أميركيين، فمن غير المُرجّح أن تلعب السياسة الخارجية دوراً كبيراً في هذه الانتخابات”.
ومع ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أنّ 84% من الأميركيين كانوا إما قلقين للغاية أو قلقين إلى حدٍ ما من احتمال انجرار الولايات المتحدة إلى صراعٍ جديد في الشرق الأوسط.
ومع مرور كل شهر، يخشى المزيد من الأميركيين أنّ تقدّم إدارة بايدن الكثير من الدعم المادي لأوكرانيا. وقال شخص مقرّب من حملة بايدن، (من غير المخول بالتحدث إلى الصحافة) إنّ “شاغل المنصب سيواجه دائماً أحداث السياسة الخارجية”، مشيراً إلى أنّ “جورج دبليو بوش كان يدافع عن حرب العراق، وباراك أوباما أشرف على نهاية الربيع العربي، خلال محاولات إعادة انتخابهم”.
وقال المُقرّب من الحملة إنّ بايدن يُركّز على قضايا أكثر أهمية للناخبين مثل الاقتصاد ومستقبل الديمقراطية وحقوق الإجهاض. ولكن مع تصاعد موسم الحملات الانتخابية، تضطّر الإدارة بشكلٍ مُتزايد إلى معالجة بؤر التوتر في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
بدوره، شدد مسؤول أميركي آخر على أنّ مخاوف الإدارة بشأن حرب أوسع نطاقاً في المنطقة ليست جديدة، وقال المسؤول إنّ الولايات المتحدة تشعر بالقلق منذ أسابيع بشأن تصاعد الحرب في غزّة، وأنّه لا يوجد ما يُشير إلى أنّ التهديدات التي تتعرض لها القوات الأميركية في الخارج قد اتّسعت في الأيام الأخيرة.
كما أوضحت الصحيفة أنّ هناك دلائل أخرى على أنّ الإدارة الأميركية تشعر بالقلق إزاء تزايد تلك التهديدات، في أعقاب الهجوم الذي وقع في إيران يوم الأربعاء، ووجه مسؤولون من البنتاغون إلى وزارة الخارجية ووكالات الاستخبارات بإرسال تقييم كيف يمكن لإيران أو حلفائها في الشرق الأوسط استهداف الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة بشكلٍ مُباشر.
وقال المسؤولون إنّ مثل هذا التخطيط للطوارئ أمرٌ طبيعي في حالات التوتر المتزايد في الشرق الأوسط، لكن التدافع داخل الإدارة لإعداد تقارير بشأن نقاط الهجمات المحتملة وردود الفعل الأميركية المحتملة هذا الأسبوع جاء نتيجة لأوامر من أعلى المستويات في الإدارة، بسبب مخاوف من أنّ العنف في المنطقة سيتوسّع، وأنّ واشنطن سوف تضطر في نهاية المطاف إلى التدخل.
وذكرت الصحيفة أنّ الأمر الذي يُثير القلق بشكلٍ خاص هو احتمال التصعيد في البحر الأحمر. ودفع استهداف اليمن للسفن التجارية المتوجهة إلى “إسرائيل” الولايات المتحدة الشهر الماضي إلى الإعلان عن بدء تحالف بحري دولي جديد لردع هذه الاستهدافات، حفاظاً على المصالح الأميركية والإسرائيلية.
وقال قائد الأسطول الخامس الأميركي، الأدميرال براد كوبر للصحافيين، أمس الخميس، إنّ “التحالف الذي يضمّ أكثر من 20 دولة، سمح لنحو 1500 سفينة تجارية بالعبور إلى هذه المياه منذ بدء العمليات في 18 كانون الأول/ ديسمبر الماضي”. (مع العلم إلى أنّ القوات اليمنية لم تتعرض للسفن التجارية في البحر الأحمر إلا السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل).
وقال كوبر إنّه حتى يوم الخميس، كان هناك 25 استهدافاً للسفن التجارية التي تعبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مضيفاً أنّ اليمنيين فجّروا صباح الخميس لأوّل مرّة زورقاً مسيّراً محمّلاً بالمتفجرات، انطلق مسافة 80 كيلومتراً تقريبا بالبحر الأحمر، ثم انفجر في الممرات الملاحية، مما يُشكّل تهديداً جديداً.
وبالفعل، أجبرت الاستهدافات القادمة من اليمن شركات الشحن الكبرى (المتجهة إلى فلسطين المحتلة) التي تُمثل جزءً كبيراً من الاقتصاد البحري الدولي على إعادة توجيه سفنها، الأمر الذي أدّى إلى رفع التكاليف إضافةً إلى التأخير الشحنات.
وكذلك، هناك خوفٌ أميركي مُستمر من احتمال توسّع الحرب من غزّة إلى الضفة الغربية ولبنان حيث يتبادل حزب الله و”إسرائيل” إطلاق النار عند الحدود (اللبنانية الفلسطينية)، كما وردت تقارير عن تزايد الهجمات التي يشنّها المستوطنون الإسرائيليون على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وعلى الرغم من اغتيال القيادي في “حماس” صالح العاروري، إلا أنّ الولايات المتحدة لم تر حتى الآن أيّ علاماتٍ على أنّ حزب الله يُريد حرباً أوسع نطاقاً.
وقال ضابط سابق في مشاة البحرية، ووكالة الاستخبارات المركزية، ومسؤول في “البنتاغون” في عهد ترامب، ميك مولروي أنّه “على الرغم من أنّ الولايات المتحدة كانت تُحاول تجنّب تحوّل الحرب في غزّة إلى حربٍ إقليمية، إلا أنّ هذا القرار في نهاية المطاف ليس متروكاً لها تماماً، فالمؤشرات تومض باللون الأحمر لتحوّل الأمر إلى حربٍ إقليمية”، حسب “الميادين”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم