يوسف فارس
غزة | اختصرت الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 90 يوماً، جدول المهمّات اليومي للأهالي، واختزلته بالبحث عن الماء والحطب، بعدما انعدم وصول المياه إلى المنازل ومراكز الإيواء، وانقطع غاز الطهي تماماً، على نحوٍ أصبح معه لزاماً على الرجال والأطفال، الخروج منذ الصباح الباكر في رحلة التحطّب. يقول أحمد أبو حمام، وهو معلم يعمل في «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا): «حياتنا تتلخّص في ثلاث مهام: نستيقظ بعد الفجر، نقضي خمس ساعات في تأمين 20 ليتراً من الماء، ثمّ نجوب الشوارع والبيوت المقصوفة بحثاً عن الخشب والحطب، وإذا ما تبقّى من النهار متّسع، نبحث عن مكان نشحن فيه هواتفنا… وهذه رفاهية».في شارع السكة شرقي مخيم جباليا، حيث تتساقط بشكل مستمر قذائف الدبابات، التقينا الأخوين سامح وعاصم وهما يجرّان، رغم نحول جسديهما، عربة مليئة بالأخشاب. يقول عاصم الذي تقيم عائلته في واحدة من مدارس الإيواء وسط المخيم: «طلعنا من الصبح عالسكة عشان نلم حطب. أمي بتستنى حتى تطبخ في المدرسة. قصفوا ثلاث شباب من جيرانا في آخر الشارع وهما بيلموا حطب». ووفقاً لمصادر أهلية، فقد استشهد خمسة شبان أوّل من أمس، عبر قيامهم بجمع الحطب من الأراضي المجرفة في مدينة بيت حانون أقصى شمال القطاع.
لم تدخل إلى شمال غزة أي كمية من غاز الطهي منذ نحو 90 يوماً
بالقرب من الأخوين، كان خليل عودة يحمل وإخوانه ركام المنزل. تتلخّص المهمة التي يقومون بها، بالبحث عن أبواب المنزل وأثاثه: «هذا آخر الكنوز المتبقية»، يقول خليل في حديثه إلى «الأخبار»، مضيفاً: «نستهلك كميات كبيرة من الحطب في الطهي وتسخين الماء. اليوم الحطب مفقود، وسعر الكيلو 7 شواكل – 2 دولار-، ومع الشتا صرنا مضطرين نولع في الليل حتى نتدفى. لهيك ما فيه حل غير نطلع بقايا العفش من تحت الركام».
وليست العائلات وحدها من تعاني في الحصول على الحطب؛ إذ يشير أبو إبراهيم دحلان، وهو صاحب المطبخ الوحيد الذي لا يزال يعمل في محافظة شمال غزة، إلى أنه لم يستطع تشغيل المطبخ لأيام عدة بسبب عدم توافر الأخشاب والحطب. ويضيف، في حديث إلى «الأخبار»، «(إننا) نتولى كلّ يوم مسؤولية تأمين الطعام لأكثر من 10 مراكز إيواء يقيم فيها 100 ألف إنسان. هؤلاء يعتمدون بشكل أساسي على ما نوفّره من أرز. وفي حال لم نجد حلاً نستطيع به توفير غاز الطهي، سنكون أمام أزمة إنسانية حقيقة».
جدير بالذكر أنه لم تدخل إلى شمال غزة أي كمية من غاز الطهي منذ نحو 90 يوماً، حيث أخلّت إسرائيل باتفاق توريد الغاز إلى منطقة الشمال، خلال الهدنة التي استمرّت 6 أيام قبل أكثر من شهر من الآن.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية