حين ينسلخ الإنسان عن جلده ووطنه متنكراً لذاته ومجتمعه الذي نشأ فيه فإنه لا يتورع عن خدمة أعداء بلده مدفوعاً بعوامل حقده وباب ثورته المزعومة لنصرة القيم والديمقراطية والإنسانية التي باتت شماعة يعلق عليها هؤلاء عقدهم وأحقادهم.
يروج المرتمون في أحضان الغرب لأفكارهم الهدامة وفي الأخص من يرتمون في حضن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أكثر رعاة الليبرالية الجديدة المفترسة التي تنحدر لمستويات قياسية في ضرب حرية الفرد وليس منحه إياها كما يدعون.
يتم الدعوة من قبل الضالين عن مسيرة أوطانهم وتاريخهم لأفكار الحضارة والرقي الغربية التي يدس فيها سم الليبرالية الجديدة على منابر جهلهم وغرائزهم بعد أن مسح الغرب بكرامتهم الأرض ومع ذلك ينطقون بلسان حال من دمر أوطانهم وتسعى ألسنتهم لنصرة ما يسمونها قيم الحرية والديمقراطية متجاهلين تلك المظاهر التي أفرزتها قوانين الغرب ودساتيره السوداء ومصطلحاته الفضفاضة التي تمهد الطريق للقضاء على حرية الفرد عبر غرس فكرة الحرية الفردية من منظور ضيق يلغي إنسانية الإنسان وكرامته.
كثير ممن انشقوا عن أوطانهم يفتخرون بأنهم ليبراليون جدد ولا يزالون يمارسون اللعب على وتر مصطلح الليبرالية الجديدة، وتطويعه في محاولة بائسة منهم لخدمة أهدافهم الليبرالية التغريبية والتخريبية، وجر من لا يعرف ماذا تعنيه الليبرالية الجديدة حقيقة في مفهومها إلى ساحتهم، وكأنهم لا يزالون يشكّون في وعي المتلقي.
الليبرالية الجديدة مهما حاولت ترقيع ثقوبها ليست سوى مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة الزائفة في السياسة والاقتصاد والمجتمع وينادي دعاتها بالقبول بالأفكار والأفعال التي يملكها الآخرون، حتى ولو كانت تتعارض مع الأوطان والمجتمع والدين والتوجه بحجة التعايش والعولمة.
وإن قال دعاة الليبرالية الجديدة إنهم لا يقصدون الحرية المطلقة، فقولهم هذا في إطار المساحيق التجميلية التي يريدون ذرها على وجه الليبرالية الجديدة ليجملونها في أنظار الناس، وخاصة في أنظار الجيل الجديد من الشباب، وإلا فهي تعني عدم التقيد بتعاليم الدين وثقافة المجتمع.
الليبراليون الجدد يتشبثون بمصطلحهم لأن ذلك حسب رؤيتهم سيضمن لهم ممارسة الحرية المطلقة، أو بالأصح الحرية المنفلتة،ويراها تصب في خانة الحرية الفردية، فالليبرالية الجديدة تعظم الفوضى ولا تحاربها، ولا ترى الغزو الفكري خطرا على المجتمع بل تمازجا بين الثقافات.
والليبراليون الجدد ومن اعتنقوا تفكيرهم وشذوا عن أوطانهم حينما يكتبون فهم لا يضعون خطوطا حمراء تضبط ما يكتبون أو يقولون ولا يتورعون من الحديث ضد بلدانهم وتمجيد من حاولوا تخريبها فيتم إذلالهم وتوظيفهم للطعن في أوطانهم.
(سيرياهوم نيوز-الثورة)