*عبد اللطيف شعبان
ورد في الإعلام قبل أيام أن جلسة مجلس الوزراء انعقدت، وصدرعن الاجتماع أن المجتمعين أولوا اهتماما كبيرا بخصوص أهمية وضرورة تحسين الواقعين الخدمي والتنموي واعتبار ذلك من أولويات العمل الحكومي، وهذا يتطلب زيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات.
من المؤكد أن ما صدر عن الاجتماع يلامس حاجة الوطن ومواطنيه، في ظل الواقع السكاني ونموه الذي يتطلب تتابع إنتاج المزيد من السلع على تعددها وتنوعها في مجالات الاستهلاك النهائي والوسيط والإنتاجي، ما يجعل من المفترض أن تتجه جميع التشريعات النظرية والإجراءات العملية، بما يتوافق طردا مع ما يؤسس للوصول إلى تحقيق التطلعات المنشودة في اجتماع مجلس الوزراء، وما صدر من تطلعات مماثلة في العديد من الاجتماعات والمؤتمرات.
محط اعتزاز كبير ألا يغيب عن أذهان السادة الوزراء ما أشاروا إلى أهميته وضرورته، ولكن – وبعد شكرهم على تحسسهم الواقع الاقتصادي المهدود – هل أعقب هذه الإشارات تشريعات مترافقة مع إجراءات واجبة لتمكين كل وزارة ومديرياتها المركزية والفرعية من تحقيق ذلك، وهل غرب عن بالهم أن متتبعي الإعلام من المهتمين بالشأن العام، يتذكرون مليا، أنه قد سبق أن صدرت الكثير من الإشارات المماثلة والمقاربة لذلك، في اجتماعات وندوات ومؤتمرات سابقة، وكثيرا ما كانت بعض التطلعات ما هي إلا تأملات وبعض الوعود غيوما لم تمطر.
مثال ذلك ما صدر قبل سنوات بخصوص تشجيع الاعتماد على السماد العضوي والذي كان يتطلب المزيد من الإجراءات التي تنمي الثروة الحيوانية المنتجة لهذا السماد، ولكن المستغرب أن التشجيع المذكور أعقبه مجموعة إجراءات أسفرت عن ضعف متتابع مريع في نمو الثروة الحيوانية بأنواعها ونقص تربية الدواجن، ما أدى لانخفاض كميات السماد العضوي وارتفاع أسعاره، ومثلها الحض على زراعة كل شبر أرض ولكن غلاء مستلزمات الزراعة من سماد وتكاليف حراثة وبذور وأدوية زراعية وانخفاض أسعار المنتجات قياسا بالتكاليف، أسفر عن بوار هكتارات من الحيازات الزراعية، ومنها الوعود المتكررة بالعمل على تحسين وضع الكهرباء بتشغيل محطة وأخرى، ولكن غالبا ما كان يسوء وضع التيار عقب كل وعد بالتحسن، أوليس هذا الواقع الكهربائي المزمن أكثر من مستغرب.
والملفت للانتباه أن السيد وزير الكهرباء منشغل بضرورة رفع سعر الكهرباء على مستهلكيها ويعمل لرفعه وفق شرائح يقول ” إذا بقي هذا التشوه في تسعيرة الكهرباء فسيأتي يوم لن نستطيع توليد الكهرباء!”، ولا يخلو ذلك من وجه حق؟ ولكن أين السيد الوزير من التأكيد على ضرورة التنفيذ الفعلي لتفعيل الوعود المتسلسلة منذ سنوات برفع عدد ساعات توفر التيار، والتي ينجم عن انخفاضها – وما يرافقها من تذبذب – مخاطر اقتصادية واجتماعية كبيرة.
ومنذ فترة قريبة صدرت تطلعات ووعود حكومية تنم عن توقعات انخفاض سعر الفروج بعد الغلاء المتصاعد منذ أشهر، ولكن لم يتحقق شيء من هذه التطلعات، بل أعقبها إجراءات أدت إلى ارتفاعات متتالية في السعر، وآخر هذه الإجراءات – في هذه الأيام الباردة – التشريع الأخير الذي برفع سعر ليتر مازوت المداجن من / 2000 / ل.س إلى/ 8000 /ل.س، ما سيتسبب برفع الكلفة على المربي، ووقف تربية الفروج عند مئات المربين الذين ثابروا على التربية رغم ماعانوه من صعوبات، وسيؤدي ذلك لارتفاع تكلفة تربية الفروج وسعره، ويؤسس لحرمان ملايين الأسر من تناول لحمه، على غرار حرمانهم من تناول لحم المواشي بتأثير إجراءات مماثلة، فشتان مابين المناداة بالعمل لزيادة الإنتاج السلعي والإعداد والسعي الفعلي الفعَّال لتحقيق ذلك.
ويبقى الأمل معلق على مجريات جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي ناقشت تطوير آليات العمل الحكومي وواقع الخدمات والمشتقات النفطية وتنشيط القطاع الصناعي..
*عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)