يدفعك العمل في الشركات لفترةٍ طويلة إلى مواجهة نماذج سيئة من أرباب العمل، ولسوء الحظ، لا يتصف المديرون السيئون بصفة معينة، لكنَّهم في الغالب يتصفون بالعدوانية أو الإهمال أو صعوبة الإرضاء أو عدم الكفاءة.
لا يبدأ الجميع طريقهم بكونهم أرباب عملٍ سيئين، لكن يمكن للاستراتيجيات والمهارات نفسها التي طبقوها وأدت إلى الأداء العالي، أن تجعل أداءهم سيئاً.
قالت مؤسِّسة شركة “سي تراك” للتدريب (C-Track) – وهي شركة تعليم في مكان العمل – “لوريس براون” (Lawrese Brown): “إنَّ الرؤساء السيئين الذين كانوا نجوماً في الأداء العالي يتبعون مبدأ “أقوم بعملي بشكلٍ جيد”، لكنَّهم لا يدركون أنَّ وظائفهم قد تغيرَت ويجب أن يتطوروا ويتغيروا في الأداء أيضاً”.
الخطوة الأولى لمواجهة السلوك السيئ للمديرين هو تحديد كيفية عملهم، وفيما يأتي الأنواع الأكثر شيوعاً من القادة غير الأكفاء الذين يخالون أنفسهم رؤساء جيدين في الواقع:
1. المدير المنقذ:
هذا هو النوع الأول من المديرين السيئين الذين يبدؤون طريقهم بترك انطباعٍ جيد؛ إذ يظهر المدير المنقذ ويتولى أمر أيَّة مشكلة تواجهك في مشروعٍ ما، أو إذا واجهت أي صراعٍ مع عميل، فسوف يتعامل مع الموقف عوضاً عنك.
أطلق المستشار “بيتر بلوك” (Peter Block) على هذا النموذج من المديرين اسم “المنقذ” في كتابه “المدير المتمكن: المهارات السياسية الإيجابية في العمل” (The Empowered Manager: Positive Political Skills at Work)، ووفقاً للمستشار “بلوك”: فإنَّ المنقذ هو شخص حساس للغاية تجاه الانزعاج، ويعتقد أنَّ “الطريق الأسلم إلى السلطة والنفوذ والسيطرة على الوضع هو إنقاذ حياة الآخرين”.
وقالت “براون” إنَّ أرباب العمل “المنقذين” يندفعون من مُنطلق أنَّهم يحمونك من الفشل، ولا يَصدُقونك القول في التغذية الرجعة لعملك؛ مما ينتج عنه المزيد من المسؤوليات المتراكمة.
عندما تعمل مع مدير من نوع “المنقذ” فاعلم أنَّه يفخر بوجوده إلى جانبك لدعمك؛ لذلك، لن تتوفر لديك أيَّة مساحة لارتكاب الأخطاء والتعلم منها والنمو؛ لأنَّ جزءاً من الإنقاذ أو المساعدة بالنسبة إليهم هو تطبيق آلية مراقبة شبه دائمة على موظفيهم.
2. المدير السياسي:
يجيد المدير “السياسي” إدارة علاقته بالرؤساء الأعلى رتبةً منه، لكنَّه يواجه مشكلات في إدارة علاقته بأعضاء فريق العمل الذين يتبعون له؛ إذ يجيدون إدارة العلاقات العامة لفريقك، لكنَّهم يفتقرون إلى الإرادة أو المهارة ليكونوا قائدي فِرق أكفَّاء.
تقول مؤلفة كتاب “إدارة مرنة” (Resilient Management) ونائبة رئيس المهندسين السابقة في شركة التمويل “كيك ستارتر” (Kickstarter) “لارا هوجان” (Lara Hogan): “ينقل المدير “السياسي” صورةً لفريق الإدارة التنفيذي بأنَّ فريقك يقوم بعملٍ جيد، وتحظى مشاريعك بالثناء في الشركة، ولكنَّه لا يقوم بأي اجتماعات في واقع الأمر، ولا يعطي تغذية راجعة مفيدة، كما أنَّه لا يتفاعل بشكل يومي مع أفراد فريقه”.
وقالت “هوجان”: “يسبب هذا النوع من المديرين مشكلات أكبر مع مرور الوقت؛ لأنَّهم لا يؤدون واجبهم في البحث عن مشكلات الفريق وإصلاحها أو طرحها في وقتٍ مبكر، وينتهي العمل معهم غالباً بكارثةٍ على الأمد الطويل؛ لأنَّ المدير السياسي لم يتحمل أبداً مسؤوليته الأولى، وهي إدارة الفريق”.
كما تنصح “هوجان” إذا كنتَ موظفاً تحت إمرة هذا النوع من المديرين؟ فتأكد من بناء علاقاتٍ مع أقران مديرك، أو الأشخاص الآخرين في مناصب قيادية، والذهاب إليهم للحصول على التغذية الراجعة والدعم، فالهدف من هذه الخطوة هو أن تعرِّف المزيد من الناس عن ماهية العمل العظيم الذي تقوم به والإدارة السيئة التي تتلقاها.
إقرأ أيضاً: كيف تتميز في القيادة من خلال الذكاء السياسي؟
3. المدير العظيم، الذي لا يستطيع تدبُّر أمره:
هذا هو المدير الفعال في إدارة فريقه، والسيئ في التعامل مع رؤسائه؛ إنَّهم يؤمنون بعملك، لكنَّهم يفتقرون إلى الذكاء في التعامل مع سياسات العمل والذي يضمن لهم أن يؤمن بها المديرون الأعلى مرتبةً منهم أيضاً.
وقالت المؤلفة “هوجان”: “إنَّهم يستمعون لك، ويشاركون في آلية عملك بطريقة إيجابية، وتتبادلون الثقة فيما بينكم، وتدرك بعد ذلك جهل المسؤولين في المستويات الأعلى عما يقوم به فريقك، وهذا سيؤثر سلباً؛ إذ ستفقد العديد من الموظفين، وفي هذه الحالة لن تحظى خريطة الطريق التي تتبعها بالأولوية، وقد تضطر إلى إعادة ترتيب أمورك من جديد”.
نظراً لأنَّ هذا المدير سيئ في التأثير في مصلحة الفريق، فقد يخسر فريقك تمويلاً قيماً، وقد لا يحصل أعضاء الفريق على ترقيات أو زيادات يستحقونها؛ حيث عادةً ما يؤثر أكثر من شخص في اتخاذ قرار استحقاق هذه المكافآت المهنية.
4. المدير الذي يعمل على إرضاء الناس:
قد نستفيد في بعض الأحيان من محاولات المديرين لإرضاء موظفيهم لإقناعهم بالبقاء إلى جانبهم، ولكن في نهاية المطاف، فقد يشكلون خطراً على العمل؛ ذلك لأنَّهم يعتقدون أنَّ المضي قدماً يعني إعطاء الآخرين ما يريدون دون حد، حتى عندما تدعو الحاجة إلى المساءلة للحفاظ على الثقة ضمن الفريق الواحد.
سوف يقطعون العديد من الالتزامات اللفظية، لكنَّهم لن يقرنوا القول بالفعل لإحداث فارقٍ ملموس، كما قالت المؤلفة “هوجان”: “لا يحدِثُ المديرون الذين يعملون على إرضاء الناس أيَّ تأثير في الواقع؛ لأنَّ كلَّ ما يفعلونه هو إطلاق كلمات ووعود تذهب مع الريح”.
كما كتبت “كيم سكوت” (Kim Scott) في كتاب “الصراحة الجذرية: كن مديراً صارماً دون أن تفقد إنسانيتك” (Radical Candor: Be a Kick-Ass Boss Without Losing Your Humanity):
“المديرون الذين يشغلون أنفسهم كثيراً بـ “البقاء لطيفاً” هم الرؤساء الذين يحكمون بطريقة “التعاطف المدمِّر”، فوفقاً لـ “سكوت”، يخلق هؤلاء الرؤساء نوعاً من بيئة العمل التي تعتمد على “اللطافة” كإحدى أولوياتها على حساب النقد البنَّاء، ومن ثمَّ على حساب تحسين الأداء الفعلي، ولكنَّك ستكون على شفا حفرةٍ من فقد مهنتك والطرد دون النقد البنَّاء اللازم للتطوير.
5. مدير الأرقام:
يصبح “مدير الأرقام” قائداً غير فعالٍ عندما يصر على دعم كل رؤيةٍ وقرار ببيانات أو أنماط عددية، فلا يمكنك وضع خطة بعيدة الأمد إذا قيدتَ كل قرارٍ بالأرقام الثابتة.
وتضيف الكاتبة “هوجان” من واقع خبرتها، أنَّها رأت هذا النموذج من المديرين من خلال عملها مع العديد من المديرين الذين يحتاجون بشكلٍ دائم إلى وضع كل شيء ضمن مقارناتٍ وبنسب مئويةٍ ثابتة سواء كان ذلك منطقياً أم لا، لدرجة التوقف عن إنجاز أي عمل؛ لأنَّ كل شيءٍ يحتاج إلى تجربة بين الحين والآخر، والتقيد بنتيجة ثابتة أمرٌ محال، فليس لدى “الشخص المهووس بالأرقام” خطة طويلة الأمد؛ لأنَّ كل شيءٍ يعتمد على أرقامٍ ونسبٍ ثابتة سيكون قصير الأمد؛ مما يعني عدم وجود رؤية شاملة”.
سيشكل الإبداع نقطة ضعف للناس المهووسين بالأرقام، وكما قالت المؤلفة والكاتبة “براون”: “سيطالبونك بالإبداع، ولكن أنَّى للإبداع أن يظهر وسط قرارات مُحكَمة بالتقيد بأرقام مُثبتة؟”.
6. المدير المتمرد:
كتبت “براون” في كتابها الإلكتروني “كيف تكون مديراً ناجحاً لأول مرة: تحديد أسلوب قيادتك، ووضع الأساس لثقافة الفريق الإيجابية، وإعطاء تغذية راجعة أفضل” (How To Be A Successful First Time Manager: Identify Your Leadership Style, Lay The Groundwork for a Positive Team Culture, and Give Better Feedback): يُعرَف الرؤساء من نوع “الزعيم المتمرد” بحاجتهم العميقة إلى الاستقلالية، وقد يساء فهمهم بسهولة، كما تتسم تفاعلاتهم مع المحيطين بالمحدودية والرسمية مع الآخرين.
تقول الكاتبة “براون” إنَّ فائدة العمل تحت قيادة القائد المتمرد هي التزامهم القوي بأخلاقيات العمل وتقديرهم لتحلِّي الأفراد بالحزم في أداء عملهم، وأوضحت “براون” أنَّه غالباً ما يزدهر هذا النوع من المديرين في عمله مع الشركات الناشئة؛ حيث يعني النجاح القيام بأدوار متعددة في وقتٍ واحد، وهو ما يجيده بالفعل.
ولكنَّ الجانب السلبي هو أنَّ هذا المدير المتمرد غالباً ما يغير الخطط في اللحظة الأخيرة؛ مما يخلق توتراً في فريق العمل، فقد يجتمع الجميع ويُجمِعون على قرارٍ معين، فيأتي “القائد المتمرد” ليعارض ذلك ويفعل ما يحلو له؛ مما يجعل العمل معهم أمراً مؤذياً.
7. المدير العالِم بكل شيء:
في حين يريد المديرون المهووسون بالأرقام اتخاذ جميع القرارات على أساس البيانات، فيرغب القادة من نوع “العالِم بل شيء” باتخاذ القرارات بناءً على معرفتهم الخاصة فقط، وحسب ما أوردت الكاتبة “براون” ستشمل تغذيتهم الراجعة لعملك على بعض الجمل المتكررة مثل: “لو كنتُ مكانك، لكنتُ فعلت هكذا”، أو “لم يستغرق الأمر مني سوى ثلاثة أشهر لفعل كذا”، لا يعترف المدير من نوع “العالِم بكل شيء” بقِدَم معلوماته أو محدوديتها.
جلُّ ما يريده “المدير العالِم بل شيء” هو جعل الموظفين نسخة عنه في التفكير والتطور المهني تماماً، وقالت “براون”: “تشعر في تعاملك مع هؤلاء الأشخاص أنَّك تضع نفسك في مقارنةٍ مستمرة معهم، ولكنَّهم لا يؤمنون باختلاف القدرات والأذواق، كما لا يضعون اعتباراً لاختلاف الظروف والبيئة، وستشعر دائماً بالتقصير لأنَّك لا تفعل ذلك بطريقتهم”.
سيرياهوم نيوز٣_النجاح نت