تواصلت المعارك العنيفة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس السبت في جنوب قطاع غزة، حيث يحتشد آلاف المدنيين الذين يواجهون “ظروفاً يائسة”، وفق الأمم المتحدة.
وفي القطاع المدمّر والمحاصر، أصبحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مرمى السلطات الإسرائيلية التي تقول إنها تشتبه في ضلوع بعض موظفيها في الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية.
وفي السياق، تعهّد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أنّ تسعى بلاده لمنع الوكالة من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، فيما أوقفت سبع دول تمويلها للأونروا، في أعقاب الاتهامات الإسرائيلية التي طالت موظّفيها.
وعلّقت أستراليا وكندا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفنلندا وهولندا، مساعداتها للأونروا السبت، بعد خطوة مماثلة اتخذتها الولايات المتحدة الجمعة.
وبينما ندّدت حماس بـ”التهديدات” الإسرائيلية ضد الأونروا ومنظّمات أممية أخرى، أعلنت السلطة الفلسطينية أنّ الأونروا بحاجة إلى “الدعم”، مطالبة الدول التي أعلنت وقف دعمها للوكالة بالعودة عن قرارها.
– مخيمات غمرتها المياه –
ميدانيا، باتت خان يونس في قلب المعركة بعدما كانت ملجأً للنازحين هرباً من الاشتباكات التي تركّزت بداية في الشمال، ما دفع سكانها والنازحين إليها للفرار. وتعدّ خان يونس كبرى مدن جنوب القطاع، كما تعتبرها إسرائيل معقلاً لحماس.
وفي هذه المدينة، يحتدم القتال خصوصاً في محيط مستشفيَي ناصر والأمل اللذين يعملان بالحد الأدنى ويؤويان مرضى وآلاف النازحين.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني عن استشهاد نازح يبلغ 28 عاماً السبت، على مدخل غرفة الطوارئ في مستشفى الأمل بنيران الجيش الإسرائيلي.
يأتي ذلك فيما أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أدهانوم غيبريسوس أنّ “الوقود والغذاء والإمدادات تنفد” في مستشفى ناصر، حيث لا يزال هناك “350 مريضاً و5 آلاف نازح”، مجدِّداً دعوته إلى “وقف فوري لإطلاق النار”.
على بعد حوالى عشرة كيلومترات جنوب خان يونس، يتكدّس أكثر من 1,3 مليون فلسطيني في رفح، محاصَرين في “ظروف يائسة” عند الحدود المغلقة مع مصر، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وغمرت المياه شوارع تضيق بمئات آلاف الخيام، بعد ليلة سيئة عاشها النازحون بسبب الأمطار الغزيرة، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.
وقالت هند أحمد “ما يحدث ليس منطقياً، ليفتحوا لنا المعابر لنغادر”، مضيفة “لم يعد هناك شيء في غزة، لا مدارس ولا تعليم ولا أيّ مقوّمات حياة”.
وقاطعها أحد المارّة قائلاً بصوت مرتفع ونبرة غاضبة “لن نغادر غزة، اليهود هم من جاؤوا إلى هنا، وهم من يجب أن يغادروا”.
وافترش جانبي الطرقات عشرات الباعة الجوالين الذين يبيعون المساعدات التي وصلت إلى القطاع بأسعار مضاعفة، خصوصاً المعلّبات والفُرش والأغطية.
غير أنّ هذه المدينة لم تسلم من القصف أيضاً. ففي حيّه المدمَّر بعد غارة جديدة، قال محمد الشاعر أحد سكّان المدينة “لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، كل ما يُقال كذب”.
– مساعي وساطة –
أدّى الهجوم المباغت الذي شنّته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر إلى مقتل أكثر من 1140 شخصاً في إسرائيل، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيليّة رسميّة.
ورداً على ذلك، تعهّدت إسرائيل “القضاء” على حماس وباشرت عمليّة عسكريّة واسعة خلّفت 26257 شهيدا، غالبيّتهم من النساء والأطفال والفتية، وفق وزارة الصحّة التابعة لحماس.
وكانت محكمة العدل الدوليّة دعت الجمعة إسرائيل إلى منع ارتكاب أيّ عمل يُحتمل أن يرقى إلى “إبادة جماعيّة” في غزّة.
كما دعت الهيئة القضائيّة التي لا تملك أيّ وسيلة لتنفيذ قراراتها، إسرائيل إلى اتخاذ “إجراءات فورية” للسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى غزة.
وفي هذا الإطار، دعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي السبت المجتمع الدولي إلى إتخاذ كل الخطوات اللازمة كي تنفّذ إسرائيل قرار محكمة العدل الدولية بـ”وقف قتل الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ” إلى قطاع غزة.
وفي وقت تتواصل الحرب بلا هوادة، تحاول قطر ومصر والولايات المتحدة التوسط من أجل التوصل إلى هدنة جديدة تشمل عملية إطلاق سراح رهائن وأسرى فلسطينيين.
وخُطف نحو 250 شخصاً خلال هجوم حماس، أطلِق سراح مئة منهم في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر خلال هدنة، في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيّين.
وبحسب السلطات الإسرائيلية، ما زال هناك 132 رهينة محتجزين في قطاع غزة من بينهم 28 يعتقد أنهم قتلوا.
وأفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس بأنّ اجتماعاً سيُعقد في باريس في الأيّام المقبلة، يشارك فيه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركيّة (سي آي إيه) ومسؤولون من مصر وإسرائيل وقطر.
هذا وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، مساء السبت، ارتفاع عدد الصحفيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي منذ بداية حربه على القطاع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 120 صحفيا.
وقال المكتب، في بيان مقتضب: “ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 120 منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بعد ارتقاء الزميل إياد أحمد الرَّوَّاغ، المذيع ومقدم البرامج في إذاعة صوت الأقصى (محلية)، على يد الغدر الإسرائيلي في مخيم النصيرات وسط القطاع”.
وكان المكتب أعلن في 18 يناير/ كانون الثاني الجاري ارتفاع الشهداء الصحفيين بالقطاع إلى 119 باستشهاد وائل أبو فنونة، مدير عام قناة القدس الفضائية بقصف إسرائيلي طال مدينة غزة.
والاثنين، قال المكتب الحكومي في بيان إن إسرائيل “تغتال الصحفيين في محاولة منها لتغييب الرواية الفلسطينية وطمس الحقيقية”.
وأشار في بيانه إلى أن إسرائيل اعتقلت منذ بداية الحرب نحو 10 صحفيين ممن عرفت أسماؤهم.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم