أظهرت الأدلة التاريخية الحقيقة بأن البشر بدؤوا استخدام النار قبل نحو 1.5 مليون سنة، وتشير الدراسات إلى أن النار أثرت بشكل كبير في تطور البشرية مثل زيادة عدد السكان وتطور الذكاء، وتعد النار واحداً من الابتكارات التكنولوجية الأساسية التي ساهمت في نجاح التطور البشري، ورغم فوائد النار الكبيرة، يجب التنبه إلى أن الاحتراق غير المنظم للوقود يمكن أن يسبب اضطراباً بيئياً هائلاً، وهو ما يتطلب السيطرة على أزمة تغير المناخ.
وتؤكد الدراسات، أنه من الأكثر إثارة للدهشة، أن كوكب الأرض الذي نعيش عليه، هو الوحيد حتى الآن الذي تشتعل فيه النار، وذلك بسبب توفر الأكسجين الجزيئي والحرارة والوقود، حسبما ذكر موقع «interesting engineering».
يقول الخبراء: لا يوجد كوكب آخر في الكون فيه نار، ولا حتى الشمس، كما يعتقد الكثير من الناس، وإن الحريق ينجم عن ثلاثة عوامل: الأكسجين الجزيئي «O2» والحرارة والوقود، وتحتوي الأرض على المكونات الثلاثة بالنسب الصحيحة مع درجة الحرارة والضغط المناسبين، ما يجعلها الكوكب الوحيد القادر على إنتاج النار، فما الذي يجعل الأرض الكوكب الوحيد الذي تشتعل فيه النار؟
ويضيف الخبراء: تبدو الشمس وكأنها كرة متوهجة من النار، ومع ذلك، فإن ما نراه ليس ناراً فعلية، بل تفاعل ذري ينتج كميات هائلة من الضوء والحرارة، ما يعطي الشمس مظهرها الناري، وأن كل نجوم الكون هي كرات من النار.
وأوضح الخبراء، يوجد في كوكب الزهرة وآيو «أحد أقمار كوكب المشتري» براكين نشطة، لكن الحمم البركانية التي تندلع من تلك البراكين لا تكون مصحوبة بالنار، كما إن كوكب الزهرة يحتوي كميات ضئيلة من الأكسجين في غلافه الجوي، وعطارد لديه حرارة إلى جانب الأكسجين، ولكن الأكسجين الموجود في غلافها الجوي ليس متاحاً بسهولة للاحتراق، وبالإضافة إلى ذلك، تفتقر جميع هذه الكواكب إلى الوقود اللازم لإشعال النار، والذي يأتي على الأرض من المواد العضوية المتحللة.
وربما ساهمت الحرائق بشكل كبير في زيادة عدد سكان البشر الأوائل عن طريق تقليل عدد الوفيات الناجمة عن الطقس البارد والحيوانات المفترسة والتسمم الغذائي (من الأطعمة غير المطبوخة).
من جانبها، تقول كاثرين ماكدونالد، عالمة الآثار من جامعة Leiden، في دراستها التي تركز على النار: لطالما كان يُنظر إلى النار على أنها أحد الابتكارات التكنولوجية البشرية الأساسية الكامنة وراء النجاح التطوري البشري، بما في ذلك توزيعنا على نطاق واسع وتوجيه التكيفات اللاحقة.
وتضيف ماكدونالد: حتى لو تجاهلت دور النار في تطور النباتات والحيوانات، فإن العديد من العوامل الأخرى المرتبطة بوجود واستمرار الحياة على الأرض تتأثر بالنار، مثل الأكسجين الذي يشكل زهاء 21% من الغلاف الجوي للأرض، وهو ضروري لبقاء معظم أشكال الحياة.
وتشير الدراسات إلى أن الأكسجين الجوي يتم تنظيمه عن طريق النار، إذ أوضح الباحثون أن ارتفاع وتيرة الحرائق وكثافتها ينظمان الأكسجين في الغلاف الجوي عن طريق تثبيط نمو النباتات وإنتاج الكتلة الحيوية على الأرض، قائلين: ولكن، علينا أن ندرك أن النار، التي تنظم العديد من جوانب بيئة الأرض، يمكن أيضاً أن تحوّل كل شيء إلى رماد، وتسبب اختلالاً هائلاً في حال عدم السيطرة على أزمة تغير المناخ.
سيرياهوم نيوز٣_تشرين