كلّما حلت كارثة طبيعية مسببة أضراراً بالغة بأحد المحاصيل الزراعية يتجدد الحديث عن أهمية التأمين الزراعي، حينها نعتقد أن التأمين الزراعي سيأخذ طريقه للتطبيق، لكن سرعان ما يخبو هذا الحماس بعد أيام من انتهاء الكارثة، وتعود الحالة إلى سابق عهدها .. والنتيجة واحدة: لا تأمين زراعياً في سورية حتى تاريخه ولا خطوات جدية في هذا المجال ..
لا ننكر أن جهات حكومية عديدة عكفت على إعداد دراسات للانطلاق بالتأمين الزراعي، وتشكلت لجان لأجل ذلك، إلا أن هذه الدراسات بقيت حبيسة أدرج المكاتب دون أن تبصر نور التنفيذ، مع الاعتراف بأنه يتم الرجوع إليها – من باب التذكير ليس إلا – كلما حلت كارثة طبيعية جديدة بالمحاصيل الزراعية أو ثروتنا الحيوانية.
يعد التأمين الزراعي أحد أنواع وثائق التأمين التي تهتم بنقل المخاطر من المزارع إلى شركة التأمين مقابل قسط محدد، ومن أهم المخاطر التي يتعرض لها المحصول الزراعي: (الجفاف، الفيضانات، البَرد، الصقيع، الحرائق، الآفات والأمراض التي تصيب النباتات والأشجار وتصعب معالجتها) ويدخل ضمن مفهوم التأمين الزراعي تأمين الثروة الحيوانية (تأمين المواشي، النحل، مزارع الأسماك ..)، وخاصة النفوق والذبح الاضطراري.
منذ أكثر من عامين قرر مجلس الوزراء “تكليف وزارتي الزراعة والمالية بإعداد مشروع متكامل حول التأمين الزراعي على الأعمال والمحاصيل الزراعية التي يصيبها الضرر جراء العوامل الطبيعية أو أي عوامل أخرى”، حينها لقي هذا القرار كل الاهتمام من المزارعين واتحاداتهم كونه مطلب مشروع طالما طرحوه في مؤتمراتهم النقابية وخلال لقاءاتهم مع الجهات الرسمية من دون نتيجة.
ومع ولادة الأمل – مع صدور ذلك القرار – بإحداث خدمة التأمين الزراعي يأمل الفلاحون اليوم من وزارتي الزراعة والمالية الإسراع في إعداد النص التشريعي من دون التسرع في إنجازه لكي لا تتضاعف خسائرهم بسبب عدم التنفيذ الصحيح له – في حال صدوره – خسائر قد تضاهي ما لحق بالمؤمن عليهم بموجب تشريع التأمين الصحي “دفع أقساط وغياب الخدمات”، فيصبحون على صدور هذا التأمين الزراعي نادمين، وكأنهم في ذلك زادوا الطين بلة، بمعنى يدفعون الأقساط لشركات التأمين طوال العام وإذا حدث الضرر بمزروعاتهم لا يجدون هذه الشركات لجانبهم فيضطرون لإصلاح الأضرار كيلا يضيع الموسم بالكامل كما الحال عندما تضرب العاصفة البيوت البلاستيكية تكون سرعة التعويض مهمة، وأيضاً عندما ينتشر وباء في المزروعات أو الدواجن والأغنام لابد من السرعة في الاستجابة التأمينية، وإلّا انتشر الوباء في كامل الحقل أو القطيع .. فتصبح أضرار الكوارث ما بعد التأمين الزراعي أكثر فداحة على الفلاح وإنتاجه.
(سيرياهوم نيوز-تشرين)