هيثم يحيى محمد
تداولت بعض وسائل الإعلام معلومة مفادها أن سورية صنفت بالمرتبة الثامنة عالمياً بارتفاع أسعار العقارات وأن أسعار العقارات ارتفعت منذ بداية الأزمة وحتى الآن أكثر من عشرين ضعفاً وأن الحبل على الجرار والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم: ما دام أن الكثير من أبناء سورية يتركونها ويسافرون أو يهاجرون إلى الخارج، والحياة فيها قاسية ونسبة من هم تحت خط الفقر كبيرة جداً.. لماذا تحتل هذه المرتبة المتقدمة عالمياً بارتفاع أسعار العقارات؟
يقول مدين الحسين: إن أسعار العقارات مرتفعة جداً بسبب أن بعض من تملكوا الثروات مؤخراً يقومون بتبييض أموالهم باقتناء العقارات وهي طريقة لحفظ القيمة الحقيقية للمال، والأمر الثاني هناك حركة عقارية واضحة في مدن الساحل حيث قدم إليها مواطنو النزوح، فتملكوا فيها طمعاً بالاستقرار، والأهم ما حصل من تسهيل في امتلاك الأجانب وما أنتجه من أمور سلبية على حركة الأسعار صعوداً وظهرت فترات نشاط تملك عقاري في المناطق التي طالتها حرائق العام 2021 لحقول الزيتون في طرطوس واللاذقية وكذلك الذين يهاجرون يومياً حيث أن معظمهم يبيع ما يملكه من عقار أو مقتنيات، هذا جانب، والجانب الآخر بالنسبه للعقارات السكنية إذ إن ارتفاع أسعارها ترافق مع ارتفاع الكلفة العالية لمواد البناء.. فهل يعقل أن يصل طن الإسمنت لـ2 مليون ليرة والرمل والبلوك.. والحديد… و.. و.. وتريد أن يكون سعر العقار ضمن المنطق؟
وقال حاتم إن أسعار مواد البناء في سورية هي الأعلى عالمياً.
ويرى علي علي أن السبب يعود لأن مواد البناء مرتفعة جداً وحركة البناء ضعيفة أيضاً لذلك فإن العقارات المعروضة قليلة ولا تلبي الطلب المتزايد رغم أن هذا الطلب يعتبر قليلاً ولكنه موجود بسبب وجود نسبة شباب في سن الزواج لا بأس بها بقيت في البلاد ولا زالت تصارع هذا الغلاء من أجل العيش والبقاء في البلد.
وتشير المهندسة ريم إلى نقطة لافتة وهي أن غلاء أسعار العقارات عال جداً ولكن بطرطوس تحديداً أعلى من غيرها، وتتساءل لماذا مثلاً بيت في حمص قيمته 3 ملايين من 12 سنة واليوم سعره لا يصل إلى مليار على حين في طرطوس والسعر نفسه والمواصفات كموقع يتجاوز المليار.. الأرقام تقريبية ولكن لماذا هذا الارتفاع يتضاعف أكثر في طرطوس والشيء نفسه للإيجارات وغيرها، وتضيف: بشكل عام وبشكل منطقي لا يلام الشخص فقيمة عقاره يحسبها وفق الواقع، لكن الدخل هو القليل حتى لأصحاب العقار، المشكلة بأي معاملة تتعلق بالعقار وضرائبه ومعاملاته بسبب القيمة والتخمين.. علماً أنه كثر من يملكون منزلاً لو كانوا سيشترونه اليوم ما استطاعوا، أي قيمة المنزل غير معقولة.. ومع ذلك مازال السؤال الذي تطرحونه من دون جواب محدد.
ويؤكد محمد خضر أن السؤال منطقي ما دام الفقر واصلاً للقاع والأغلبية لا يمكنها الشراء فهذا يؤكد أن المال بيد قلة قليلة جداً من الناس وتشتري ما طاب لها من العقارات.
أما المهندس سمير أسعد فيرى أن السبب يعود لارتفاع تكاليف البناء وأسعار السلع والمواد الأساسية الداخلة في البناء وسوء التخطيط العمراني الذي حصر مواقع البناء ضمن مخططات تنظيمية بمساحات صغيرة ووضع شروطاً تعجيزية للتراخيص، إضافة لشروط ضابطة البناء والترهل الإداري الذي يجعل مسيرة رخصة في أرض تحتاج لتعديل صفة تستمر لعشرات السنوات، فمثلاً مخطط تنظيمي لقرية الدلبة وبين عفوف بوشر به منذ عشرين عاماً وحتى تاريخه لم يصدق وعد وقيس!
ماهر حسين قال: السفر له أسبابه والجميع تقريباً يعرفها، أما سبب ارتفاع الأسعار بكل المجالات ومنها العقارات والسيارات فهو مرتبط بعامل الصرف وسعر طن الحديد والإسمنت والبودرة الخاصة بالبناء، إضافة لعامل العرض والطلب علماً أنه في كل زيادة لسعر الصرف نجد حركة نشطة في سوق العقار والسيارات.
ويرى جول الخوري أن المسألة لا علاقة لها بكل ما ذكر، إنما المسألة بورصة عقارات ومضاربات مالية وتبييض أموال وعملات… إلخ، ويمكنكم التساؤل عن أسعار السيارات أيضاً، لماذا هذا الغلاء الفاحش، ووجود سيارات بالشوارع بقيم مخيفة؟
وطرح أيمن حسين عدة ملاحظات على هذا الواقع أبرزها أن الاستثمار في سورية هو في معظمه استثمار عقاري حتى منذ ما قبل الحرب ولم يتغير شيء وأسعار العقارات في كل دول العالم تمشي نحو الأمام ولا يمكن أن تمشي نحو الخلف، وسورية ليست استثناء والحكومة حددت دورها في البناء والبيع في حين الأهم كان يجب أن يكون البناء والتأجير للطبقات التي لا تستطيع البناء.
وأسعار العقارات في سورية هلامية أو سرابية لأن الثابت في سورية هو حالة الفوضى والفساد والضغوط الاقتصادية الخارجية، كما أننا نملك مساكن فارغة وشبه مكسية في القرى والبلدات والمدن أنفق عليها رأس مال خيالي من دون تخطيط وبعيد عن العدالة الضريبية، وختم بأن أسعار العقارات ستستمر في الارتفاع حتى لو رفعت العقوبات لأن أعمال الإنشاء والإكساء ستقاس بسعر رائج عالمياً وهو مرتفع.
ورأى علي العلي أن السبب أن العقارات هي السبيل المتبقي لتبييض الأموال الضخمة الناتجة من النهب والفساد، ولأن تخزين الأموال عن طريق الذهب أو العملات الأجنبية أصبح صعباً أو متعذراً من دون جلب الانتباه.
سيرياهوم نيوز1-الوطن