آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » سوء معاملة الأطفال.. حالة غير سوية في التربية

سوء معاملة الأطفال.. حالة غير سوية في التربية

كتب الكثير عن سوء معاملة الأطفال، ومخاطر إهمالهم وعوامل انتشار هذه الظاهرة، والتي لا تقتصر على طبقة معينة من السكان دون غيرهم، فالأسر على مختلف انتماءاتها وأوساطها الاجتماعية، وكذلك المجتمعات على تباين مستويات تطورها قد تمارس هذا السلوك أو ذاك من الإساءة تجاه الأطفال.
ولكن لا ريب في أن هناك متغيرات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية ربما تلعب دوراً أكثر من غيرها في نوع ومستوى ممارسة الإساءة والإهمال تجاه الأطفال.

الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان ومن خلال أبحاثها الميدانية للفئة العمرية /١٥-١٨/ في أعوام سابقة، أشارت إلى أن سوء معاملة هذه الشريحة ليست سمة ملازمة للطبع البشري، بل هي حالة غير سوية في التربية وفي سلوك الكبار تجاه الصغار، وهو غالباً ما يرتبط بظروف وعوامل مادية وثقافية.
فأطفال الأسر ذات الدخل المنخفض أكثر تعرضاً لسوء المعاملة والإهمال بسبب انعكاس ضغط الظروف الاقتصادية الصعبة على مجمل حياة الأسرة، وعدم قدرتها بالتالي على تلبية احتياجات أفرادها المادية والمعنوية بالشكل المناسب.
وهذا بدوره يؤدي إلى مشكلات وضغوط اجتماعية ونفسية تنعكس سلباً على تصرفات أفراد الأسرة وعلاقاتهم فيما بينهم، الأمر الذي يزداد معه احتمال نشوب خلافات زوجية غالباً ما يتم إسقاطها على الأبناء عنفاً وغضباً وإهمالاً أو تقصيراً، تلك الخلافات وغيرها تعدّ بحد ذاتها مظهراً من مظاهر الإساءة لما لها من آثار سلبية على نمو الأبناء وتفاعلهم مع الغير.
أما تشغيل الأطفال وخاصة في مراحل الطفولة المبكرة هو بحد ذاته أحد أكثر أشكال سوء المعاملة خطورة- وفق نتائج الدراسة الميدانية للهيئة، يدفع الطفل إلى سوق العمل في سن غضة، يفترض أنه يمارس فيها هواياته ويتابع تحصيله المدرسي، حيث الإساءة هنا مركبة لنموه الجسدي والنفسي، وتقصير في إعداده وتأهيله وإهمال لاحتياجاته ومتطلبات نموه السليم.
وقد يلعب ضيق الأمكنة وظروف السكن الصعبة وتزاحم ساكنيها، ولاسيما إذا كانوا ينتمون لأسر متعددة وغيرها، هي في الغالب بيئة مواتية لظهور الخلافات، واحتمال تعرض الأطفال لسوء المعاملة والتقصير والإهمال وحرمانهم من فضاءات مناسبة ليعيشوا مرحلة طفولتهم بالشكل السوي والمناسب.
وإذا ما أخذنا عمل المرأة في ظل سيادة الدور النمطي لها نجد أنه على الرغم من الآثار الايجابية العديدة والمتنوعة لعمل المرأة خاصة ما يتعلق بتوفير العديد من احتياجات أبنائها بمن فيهم الأطفال إلا أنه في ظل سيطرة الدور النمطي للمرأة في المجتمع أي تحميلها أعباء الأعمال المنزلية كلّها، بما فيها العناية بالأبناء ومتابعة تعليمهم وأنشطتهم واحتياجاتهم اليومية من دون مساعدة من الرجل عند البعض، فإن خروجها للعمل وغيابها لفترة طويلة عن المنزل قد ينعكس إهمالاً وتقصيراً بحق الأبناء بشكل عام ولاسيما خلال طفولتهم المبكرة بفعل تقلص الوقت المتاح لديها للاهتمام بهم ورعايتهم، نظراً لتعدد أدوارها وتنوعها مع غياب، أو قصور المؤسسات الاجتماعية المتنوعة عن تأمين بيئة مواتية لعملها خارج المنزل.
ما تقدم هو امتداد لواقع الحال اليوم بعدما فرضت ظروف الحرب العدوانية إيقاعاً قاسياً على حياة الأسر، ما زاد من انخراط الأطفال في سوق العمل بهذه السن بغض النظر لما يتعرضون له من مختلف أشكال الاستغلال المادي والعنف والإيذاء البدني والعاطفي وحتى الجنسي أحياناً.
خاصة وأنهم يمارسون العمل في سن غير مصرح بها قانونياً، يجعل أرباب عملهم يتسترون على وجودهم، مما يحرمهم من حقوقهم المهنية، ومن متابعة وحماية رعاية المؤسسات الحكومية والنقابية والمجتمعية وغيرها.

سيرياهوم نيوز 2_الثورة
x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...