جلنار العلي
تسابق السوق السوداء الأسعار المدعومة والرسمية بشكل دائم وملحوظ، فكلما صدر قرار برفع سعر مادة معينة، يرتفع سعرها تلقائياً بالسوق السوداء، وهذا ما حدث بالنسبة للخبز فبعد أن تم رفع سعر ربطة الخبز إلى 400 ليرة، ارتفع سعرها أمام الأفران إلى 6000 ليرة، بعد أن كانت تباع بـ3000 ليرة، وأصبح سعر الربطتين (14 رغيفاً) بـ12 ألف ليرة، وهذا ما شكل عبئاً إضافياً أمام الأشخاص غير القادرين على الوقوف على الأفران بسبب ضيق الوقت وانشغالهم بتأمين لقمة عيشهم، سواء كانوا من الأشخاص المدعومين أم من الأشخاص الذين تم رفع الدعم عنهم والذين تم تحديد سعر شراء ربطة الخبز لهم بـ3000 ليرة من الأفران.
معاون مدير مؤسسة السورية للمخابز يوسف مراد، أكد في تصريح خاص لـ«الوطن» أن نظام توزيع مادة الخبز بموجب البطاقة الإلكترونية ساهم إلى حد كبير في ضبط إخراجات المخابز عبر نقاط المراقبة، لافتاً إلى أن أي نقص في التخريجات عن الكمية المطلوبة من المخبز يؤدي إلى التغريم بثلاثة أضعاف تكلفة الإنتاج الفعلية، لذا فمن حق أي مواطن يقف على كوة البيع للحصول على مخصصاته من ربطات الخبز حسب البطاقة المخصصة له.
وأشار مراد إلى أن مادة الخبز تعتبر من المواد المدعومة بالدولة ولا يحق لأي شخص التصرف بها أو بيعها تحت أي مسمى، لذا فإن إدارة المؤسسة وفروعها بالمحافظات تبذل جهدها في ضبط هذه الظاهرة من خلال التنسيق مع مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمحافظات والوحدات الشرطية والمجالس المحلية، مؤكداً أن أي عامل من عمال المخابز يثبت تواطؤه مع باعة الخبز يتم التنسيق مع مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه وفق أحكام المرسوم رقم 8 لعام 2021.
وفي سياق متصل، وحول نسبة الخبز المباع للشرائح المستثناة من الدعم، أوضح مراد أنه لا يوجد نسبة ثابتة، لكنها تتراوح بين 5 -20 بالآلف وأحياناً تتجاوز هذه النسبة أو تقل عنها تبعاً لخصوصية كل منطقة أو الفترة الزمنية (مواسم- أعياد- مدارس- عطل..)، مؤكداً أن هذه النسبة تمثل نسبة البيع من المنافذ التابعة لمخابز المؤسسة فقط، فلا يمكن إعطاء نسبة دقيقة على اعتبار أن منافذ بيع مادة الخبز التمويني للشرائح المستبعدة من الدعم عديدة ولا تقتصر على مخابز المؤسسة، إذ يوجد مخابز تموينية خاصة ومعتمدون وجمعيات تعاونية وصالات السورية للتجارة وغير ذلك.
من جانبه، بيّن مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك «فضل عدم ذكر اسمه» أن المشكلة تكمن بأن أغلبية المتاجرين بمادة الخبز التمويني هم من النساء والأطفال، وهذا ما يجعل القاضي يتساهل معهم نظراً للظروف القاسية التي تمر بها سورية والوضع الاقتصادي المتردي بسبب الحصار الغربي.
نائب رئيس جمعية حماية المستهلك ماهر الأزعط، تساءل في تصريحه لـ«الوطن» عن سبب قلة وقوف هؤلاء التجار أمام الأفران الخاصة الموجودة بالأحياء الشعبية، وتكثر أمام الأفران الاحتياطية والآلية نظراً لوجود شريحة كبيرة فاسدة ضمن هذه الأفران تستفيد من ذلك، وهذا ما يجعل التجار يفترشون مسافات تصل إلى كيلومتر كامل أمام هذه الأفران، فكيف يغطي مديرو هذه الأفران تلك المخالفات؟، واضعاً هذه التساؤلات برسم المعنيين، وخاصة أن هذه الظاهرة على مسافة قريبة جداً من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومن المفروض أن تتم مراقبتها بشكل أكبر.
واقترح الأزعط أن تخصص وزارة التجارة الداخلية أكشاكاً ومنافذ للبيع لهؤلاء الأشخاص الذين يبيعون الخبز المدعوم، وذلك لكون الكثير منهم يعتبرون من الفئات الأكثر هشاشة بالمجتمع والذين يحتاجون إلى مصادر دخل إضافية لإعانة أسرهم، مع تحديد الأسعار، وبذلك يستفيد المواطن والتاجر والحكومة في آن واحد.
وأكد نائب رئيس الجمعية أن الشريحة الأكثر تضرراً من الاتجار بمادة الخبز التمويني، هي الموظف غير القادر على الانتظار في طوابير الأفران لمدة 4 ساعات ريثما يحصل على مخصصاته من الخبز، فيضطر للشراء من الباعة أمام الأفران، على اعتبار أن الخبز الذين يبيعه المعتمدون سيئ الجودة ولا يصلح للاستهلاك في كثير من الأحيان، مؤكداً أن هذه الظاهرة تشير إلى أن الأفران لديها طاقة إنتاجية لكن ينقصها الإدارة الحكيمة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن