استحوذت الحركة الدائمة على خيال العلماء منذ حوالى ألف سنة, وتعددت محاولات تحقيق هذا الحلم بإنشاء آلات تعمل بشكل دائم من دون طاقة خارجية.
وعلى الرغم من أن هذه الأحلام تتعارض مع المبادئ العلمية الأساسية، خاصة قوانين الديناميكا الحرارية، فإن العلماء لم يستكينوا وما زالوا يحاولون.
محاولات تاريخية
خلال القرن الثاني عشر الميلادي، صمّم عالم الرياضيات الهندي بهاسكارا الثاني، عجلة تحتوي على خزانات منحنية من الزئبق، واعتقد أنه في حال دوران العجلة سيتدفق الزئبق إلى قاع كل خزان، تاركاً جانباً واحداً من العجلة أثقل على الدوام من الآخر، ما يؤدي إلى عدم التوازن وإبقاء العجلة تدور إلى الأبد من دون أي ضياع في الطاقة.
وقد ظهرت بعد ذلك عدة تجارب مشابهة تعتمد على دوران دولاب من دون توقف، ولكن من دون جدوى.
كما عمل ليوناردو دافنشي على رسم عدد من العجلات غير المتوازنة ذات الحركة الدائمة، لكنه لم يحاول تجسيدها إلى واقع.
وفي القرن السابع عشر، اقترح العالم الإنجليزي الشهير ومؤسس علم الكيمياء الحديث، روبرت بويل، آلة الحركة الدائمة التي تتكون من قارورة تملأ نفسها، كان المفهوم هو أن الزجاج الرفيع جداً على شكل عدسة مقعَّرة ومحدبة، يخلق نوعاً من آلية تشبه ذلك السائل الموجود في لحاء الأشجار والمسؤول عن تدفق الماء من جذور الشجرة إلى الأعلى ضد الجاذبية, وهذا من شأنه أن يسمح للجانب الرقيق من القارورة بسحب السائل إلى الأعلى وإعادة ملء جانب القارورة.
في الواقع، هذا غير ممكن؛ لأن التوتر السطحي للزجاج سيحتفظ بالماء الصاعد على شكل قطرات في نهاية الأنبوب بدلاً من تركها تسقط, وهكذا اُعتبر الاقتراح لاحقاً غير ذي جدوى.
بعد ذلك بحوالى مئة سنة تقريباً حصل “إ. ب. ويليس”، من نيو هيفن بولاية كونيتيكت الأمريكية، على كثير من المال من آلة الحركة الدائمة “الخاصة” العاملة بطاقة “مخفية”.
وتوصل التحقيق في الجهاز في النهاية إلى مصدر الطاقة الذي يحركه، وتبيَّن أنه كذبة.
ومن الأعمال الفنية المهمة المتعلقة بالحركة الدائمة، لوحة “الشلال” للفنان الهولندي “إيشر” عام 1961م. وهي لوحة منجزة بطريقة الطباعة الحجرية، ويبدو الماء فيها يتدفق من قاعدة الشلال نحو الأسفل قبل أن يصل إلى قمة الشلال.
ويستخدم “إيشر” هنا، وفي أماكن أخرى، أبعاداً متضاربة لخلق مفارقة بصرية.
لكن مع ظهور فيزياء الكم في القرن العشرين انتعشت محاولات إنشاء آلات الحركة الدائمة من جديد.
فيزياء الكم
اعتماداً على فيزياء الكم، أثبت باحثون من جامعة ألتو الفنلندية، أن فرضية تحقيق حركة دائمة بواسطة البلورات الزمنية ممكنة.
وهذه البلورات هي مرحلة في المادة تتحرك فيها الجسيمات في دورة متكررة بشكل دائم من دون الحاجة إلى أي مدخل خارجي للطاقة, وذلك عن طريق إنشائها في مختبر درجة حرارته منخفضة.
آلات الحركة الدائمة أصبحت ممكنة التحقق
سيرياهوم نيوز 2_الثورة