آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » روتشيلد عربيّة… يا لشقائنا !!

روتشيلد عربيّة… يا لشقائنا !!

 

نبيه البرجي

 

ماذا تغيّر فينا منذ أن أبدلنا القباقيب الخشبية بقباقيب من الذهب، ومنذ أن أحللنا هيفاء وهبي محل زياد الرحباني؟ تعقيباً على وفاة اللورد جاكوب روتشيلد، ابن العائلة الأكثر ثراء في العالم، وربما في التاريخ. مثلما تصنع رؤساء الدول، تصنع الدول. لولاها لما أنشأ “أحباء صهيون” أولى المستوطنات اليهودية على أرض فلسطين منتصف القرن التاسع عشر، ولما كان وعد بلفور، ولما كانت القاعدة الصلبة التي قامت عليها “اسرائيل”.

 

لا أحد يستطيع مواجهة هذه العائلة التي يحكى الكثير عن ادارتها لثروات مئات، وحتى آلاف، الأثرياء والقادة العرب، بل ولادارتها الكثير من السياسات العربية، كما ادارة الكثير من السياسات الأوروبية، دون أن نرى أياً من أركان العائلة في الضوء. بعض الكتب حول سلوكيات العائلة لاحظت أن البقاء في الظل فلسفتها الاستراتيجية، كون الضوء “يفرغ الرجال من عقولهم”!

 

كنا قد وصفنا العديد من ساستنا بـ “راقصات التعري” لشغفهم بالشاشات، مع أنهم يدورون في حلقة بالكاد تتسع لذبابة. وكان هناك أمين عام لجامعة الدول العربية اشتكاني الى أحد المراجع لأنني رأيت فيه فيفي عبده، ولكن من دون ملابس داخلية. بالمناسبة، الراقصة الخفيفة الظل تفهم بالديبلوماسية أكثر مما يفهم صاحبنا الذي تابعناه في بيروت وهو يتكلم بلغة هز البطن ، لا بلغة ولا بحنكة ديبلوماسي محترف.

فلسفة الظل لاحظناها في علاقة آل روتشيلد بـ “اسرائيل”. لا نذكر أن أحد بارونات أو لوردات العائلة ظهر الى جانب مسؤول “اسرائيلي”، منذ دافيد بن غوريون وحتى بنيامين نتنياهو، ومنذ حاييم وايزمان وحتى اسحق هرتسوغ.

في آب 2016، قرأت مقالة في صحيفة “لوباريزيان” حول استقالة وزير الاقتصاد ايمانويل ماكرون، عارضة لمراحل حياته ولأعماله، ومنها عمله في احدى المؤسسات المصرفية العائدة لآل روتشيلد. آنذاك كتبت في “الديار”، وقبل نحو 8 أشهر من الانتخابات الرئاسية، أن ماكرون سيكون رجل الاليزيه، هذا ما حدث…

 

لاحظنا مواقف الرئيس الفرنسي العاصفة من عملية طوفان الأقصى، ومن طوفان الدم الذي أعقب ذلك، قبل أن يكتشف أن ثمة من لا يزال يعتقد بأهمية القيم في اضفاء “المعنى” على الدولة الفرنسية، وان كان هؤلاء يشكلون قلة، لكنها القلة الفاعلة في الرؤوس، هذا أيضاً على الضفة الأخرى للأطلسي.

للتو، سألنا عن السبب الذي جعل ماكرون “اسرائيلياً” أكثر من “الاسرائيليين”، وبوجه خاص أميركياً أكثر من الأميركيين. وهو الذي قال، وقبل اسابيع من ذلك لـ “الايكونوميست” البريطانية، أن حلف الأطلسي مات بالسكتة الدماغية، داعياً الى انشاء جيش أوروبي مستقل، حتى اذا اندلعت الحرب في أوكرانيا، تجاوز البريطانيين في الاضطلاع بدور الظل للأميركيين. ماذا يمكن لشارل ديغول أن يقول من قبره، حين يرى الاليزيه وقد تحول الى جناح للبيت الأبيض؟

 

حجة ماكرون الباهتة، ولطالما فاخر بكونه ديكارتياً، أن دخول فلاديمير بوتين الى كييف يستتبع تلقائياً دخوله الى باريس، مع أن ما من مرة حاول القياصرة التوجه الى غرب القارة. الفرنسي نابليون بونابرت والألماني أدولف هتلر، من شاهدناهما على أبواب موسكو.

 

لا نعتقد أن آل روتشيلد كانوا وراء التصريح الدراماتيكي للرئيس الفرنسي، الذي لم يستبعد ارسال قوات أطلسية الى أوكرانيا. التصريح التي أثار الذهول في سائر الدول الأوروبية. بعض الصحف تساءلت اذا كان الأميركيون الذين دفعوا باقتصادات القارة العجوز الى حدود الانهيار، هم وراء التصريح لرصد ردات الفعل على ذلك، قبل أن يسارعوا الى الرفض القاطع لتلك الخطوة.

عائلة روتشيلد أكثر خبرة وأكثر حنكة في ادارة السياسات. ضئيلة الكتابات حول العلاقة “الاستراتيجية” بينها وبين “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة، لكنها اذ تمتلك شبكة CNN توجد في العديد من المصارف ومن المؤسسات الحساسة، دون أن تظهر للعلن نوعية علاقاتها باللوبي اليهودي (“الايباك”) هناك.

لا عائلة عربية ثرية، ولا دولة عربية ثرية، يمكن أن تجاري ـ بالحد الأدنى أو ما دون الأدنى ـ في تأثيرها. عائلة روتشيلد ، الفارق هائل بين القباقيب الذهبية والرؤوس الذهبية.

 

عائلة روتشيلد عربية؟ يا لشقائنا…

(سيرياهوم نيوز ١-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل حان دور سورية في حرب التدمير والابادة؟

  ميخائيل عوض تزداد مناسيب القلق على سورية ومستقبلها وتكثر التسريبات والتحليلات عن خطط اجتياحها. فاين تذهب الامور؟ وما هي المعطيات؟ نتنياهو اعلن حربا وجودية ...