آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » في ضوء التراكم السلبي للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة..اقتراح مشروع سكني يخص الشباب قد يستهجنه البعض ولكن الواقع القاسي يفرض الحاجة الماسىة اليه 

في ضوء التراكم السلبي للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة..اقتراح مشروع سكني يخص الشباب قد يستهجنه البعض ولكن الواقع القاسي يفرض الحاجة الماسىة اليه 

 

عبد اللطيف شعبان

 

الغذاء والكساء والدواء والتعليم حاجات أساسية للإنسان، ومن المؤسف جدا أن التراكم السلبي للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة منذ عقود خلت، أسفرت عن تزايدات متتالية في أسعار جميع متطلبات هذه الحاجات الأربعة، ما تسبب في ارتفاع متزايد في أسعار جميع أنواع منتجاتها، واقتضى أن تجد الأسر حاجتها الماسة لاستخدام النسبة الأكبر من دخلها لصالح هذه الحاجات الأربعة، ما أدَّى لإضعاف النسبة المخصصة للادخار لدى كل أسرة، أي إضعاف ما يخصص للاستثمار الآني أو اللاحق، وبالأخص الانجاز الأولي المعهود لدى كثير من الأسر المتمثل في التحضير لتأسيس بناء مسكن لكل ابن من أبنائها، أو الاشتراك له في السكن الشبابي أو أية جمعية سكنية،

كما إن الارتفاع الكبير في الأسعار دون أن يواكبه ارتفاع في الدخل، قطع الطريق أمام الشباب الناشئ بخصوص قدرتهم الذاتية على التحضير ( أو استكمال ما حضره الأهل ) لمسكن الحياة الزوجية من دخلهم، وخاصة فئة العاملين في القطاع العام، لأن تكاليف الإكمال عالية وتكاليف التحضير للتأسيس مرهقة جدا، فتكلفة إعداد رخصة المسكن تفوق كامل الراتب الوظيفي السنوي لأكثر من عام، والطامة الكبرى في تكاليف البناء في ظل التشريع الذي يلزم تنفيذ الرخصة من مقاول ، ولم يعد بمقدورهم الشراء من تجار البناء لأن الشقة المكسية البسيطة يحوم سعرها حول نصف مليار وإلى مزيد، حتى ولا يمكنهم بناء سكن من النوع القديم ( المؤلف من الحجر والطين والخشب ) لأن كلفته أيضا كبيرة، فمستلزماته ليست ميسورة كأيام زمان، ولا يمكنهم الاستئجار لأن الإيجار الشهري لغرفة عادية يحوم حول / 300 ألف ل.س / كامل راتب الشهر حسب التعيين الوظيفي، هذا الراتب الذي لا يكاد يغطي مصروف العامل لنفقات جهازه الخليوي وتكاليف السفر اليومي للعمل، والطامة الكبرى حال كان العامل من المدخنين وأصحاب الأركيلة.

والسؤال كيف سيسكن جيل الشباب القادم للحياة الزوجية في ظل هذا الواقع السكني المأزوم، وقد يكون الجواب: ربما يقبلوا – مكرهين – حال ماضي الأجداد، حيث يفرض الواقع أن تسكن الأسرة وأبنائها المتزوجين في شقة واحدة كل زوجين في غرفة، ولكن هذا الحال لم يعد ممكنا عندما يكبر الأولاد مستقبلا، ويكونون مجددا عدة أسر، وقد يكون الحل من خلال العودة لمشروع المناطق السكنية الذي تم طرحه قبل سنوات على مستوى كافة الوحدات المحلية ( والذي جمَّدته – بل ألغته – السلطات الرسمية عمدا منذ سنوات بعد أن كان قيد الاعتماد وعلى وشك التنفيذ )، ومن المؤكد فاعلية هذا الحل كمخرج حال تم تفعيله مجددا، في ضوء تشريعات وتشجيعات باتجاه حصر الترخيص الجديد لشقق الأبنية السكنية التجارية في مساحات( حوالي 40م2 )، ضمن كتل وحدات أبنية متعددة الطوابق وبعدة مداخل لتخفيض المساحة التي يشغلها البناء وتخفيض الكلفة، وعلى امتداد شارع واحد من جانبين، ولكن أستبعد القيام بهذا الإجراء رسميا لعدم وجود الرغبة لدى السلطات المعنية بل ولعدم وجود الإمكانية، ولكنه قد يناسب تجار البناء نظرا لوجود أبنية كثيرة قديمة لديهم بمساحات شقق أكبر / بين 100 إلى 200 م / مبنية من عدة سنوات وجاهزة لقلة من يشتريها، لأن القدرة على العرض فاقت بكثير القدرة على الطلب ، وتراكمها السابق يغطي حاجة القادرين على شرائها مجددا بمساحتها الكبيرة وسعرها الجديد العالي.

ولكن الأغلب سيكون للتضييق الرسمي على تجار البناء – في إجراءات الرخصة والرسوم والضرائب – إلى جانب خشيتهم من تحقيق طموحهم بالمزيد من الربح، دور سلبي يحد من إقدامهم بهذا الاتجاه، وفي هذه الحالة أرى – وبكل أسف – أن أحد المخارج الرديفة لتأمين الإيواء اللازم لمن يحتاجه من شريحة الفقراء الذين لا يستطيعون تأمين السكن في البيوت الإسمنتية / لا بناء ولا شراء ولا إستئجارا / هو السكن في الخيام، نظرا لأنه لا غنى عن الإيواء وهو حاجة ماسة كالغذاء والكساء والدواء والتعليم، وهنا أرى أننا أمام الحاجة لأن يعمل بعض رجال الأعمال للإعداد لمشاريع استثمارية متخصصة بإنتاج الخيم السكنية، وعلى الأغلب ستكون كلفة الخيمة بالملايين ( بواري وأقمشة وحبال وركائز تثبيت ) في ظل الأسعار الراهنة والمتصاعدة، وحيث أن محتاجي هذه الخيم ليسوا قلة ولا يملكون الملايين، أرى أن تمنح المصارف محتاجي هذا النوع من السكن، قرضا بدون فائدة ولأمد طويل ( على غرار القرض الممنوح للطاقة الشمسية )، وأن يتم منح خيم سكنية مجانا لشريحة من كان يتم منحهم شقق سكنية سابقا، / نظرا لاستبعاد منح الشقق بسبب كلفتها الكبيرة جدا / من الخيم السكنية التي وردت سابقا – أوقد ترد لاحقا – كمساعدات، وحبذا ألاَّ يغيب عن بال من يستغربون هذا الطرح أن ” لكل مقام مقال “ومن يرى الطرح الأفضل عليه أن يتبصر مأساة واقع الحال والأسوأ المرتقب.

*عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

 

(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تحديد سعر طن الذرة الصفراء بمبالغ مقاربة للأسواق المحلية … شباط لـ«الوطن»: لا نستطع رفع الأسعار لكي نتمكن من التصريف.. والفلاح مخيّر بيننا وبين القطاع الخاص

أكد مدير المؤسسة العامة للأعلاف عبد الكريم شباط، أن المؤسسة حددت سعر الطن الواحد من مادة الذرة الصفراء المحلية المجففة طبيعياً ضمن المواصفات العالمية «دوكمة» ...